توالي سدود الأردن الجفاف سدا تلو الآخر، بينما دخلت العديد من السدود الأربعة عشر مرحلة الخطر ما دفع خبراء في مجال المياه لدق ناقوس الخطر وسط أزمة مائية تعيشها المملكة التي تعتبر من أفقر الدول مائيا.
إذ حذر خبراء ومسؤولون سابقون من جفاف سدود أخرى في الأردن بعد وصولها إلى "مستوى الخطر" في ظل ما أسموه "سوء الإدارة و انحباس الأمطار".
وأظهرت مقاطع فيديو موت الأسماك في سدي وادي الموجب والوالة، وقدرت جمعية مربي الأسماك الأردنية عدد الأسماك التي نفقت بست ملايين سمكة، ومليونين في الوالة، في وقت يحوي فيه سد الملك طلال 12 مليون سمكة.
رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن، عدنان خدام، يقول لـ"عربي21" إن "6 سدود مياه في الأردن جفت من أصل 14 سدا بينما يصل سد الملك طلال الشريان المغذي لوادي الأردن إلى مستويات خطرة ويتبقى له أيام فقط إذ يصل الطلب اليومي للمزارعين إلى 550 ألف متر مكعب وهي تفوق الكمية التي تدخل للسد من خلال خربة السمرا".
وبحسب خدام، فإن السدود التي جفت هي "الوالة، الموجب، وادي الكرك، التنور، وادي شعيب، وسد زقلاب".
ويزود سد الملك طلال بالمياه حوالي 80% من المساحات والوحدات الزراعية في وادي الأردن لغايات الري.
ويقول خدام إن "ما يجري خطير جدا على المزارعين والمواطن، سيلتحق في ظل التغير المناخي عدد آخر من السدود. الحكومة كانت تملك الحلول لكن تخطينا ذلك. كان هناك سوء إدارة من الحكومة الحالية والسابقة وهذه كارثة. سد وادي الملك طلال هو شريان وادي الأردن والآن هو يلفظ أنفاسه الأخيرة. هذا يرفع نسبة الملوحة. الحكومة غائبة ولم نسمع تصريحا واحدا. يجب تشكيل لجنة عاى الفور للإشراف على المياه وبحث استراتيجيات واضحة".
وانتقد خدام لجوء الحكومة الأردنية إلى شراء المياه من الاحتلال الإسرائيلي في ظل تنصله الدائم من الاتفاقيات مع الأردن، داعيا إلى اللجوء إلى سوريا لتزويد المملكة بالمياه، مبينا أن "سعة سد الملك طلال 19 مليون متر مكعب منها 11 مليونا طمي".
ولمواجهة العجز المائي تعكف المملكة على إنشاء مشروع الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر، وسيعمل بطاقة أولية بـ 100 مليون متر مكعب، وبحسب بيان لوزارة المياه الأردنية فإنها "تقدر كلفة المشروع بنحو مليار دولار يهدف إلى تحلية ونقل من 250 إلى 300 مليون متر مكعب من المياه من خليج العقبة على البحر الأحمر إلى جميع مناطق المملكة، لتأمين كميات مياه إضافية مستدامة".
ووقعت الأردن في تشرين أول/ أكتوبر الماضي اتفاقية مع الاحتلال لشراء 50 مليون متر مكعب إضافية من المياه سنويا، وتضاف إلى 55 مليون متر مكعب "توفر مجانا".
الخبير المائي والبيئي د. سفيان التل ينتقد هذا الاتفاق ويقول لـ"عربي21" إن "الأردن تخلى لإسرائيل عن أراضي الغمر بمساحة تزيد على الـ4000 كيلومتر مربع على امتداد الشريط الحدودي وهي تزيد على مساحة غزة، عام 1968، عندما احتلت إسرائيل الضفة الغربية. وهذه الأراضي الأردنية المحتلة تحتوي على كميات هائلة من المياه والآبار الارتوازية وضخت منها لمدة 52 سنة. السؤال: ما هو مصير هذه المياه.".
واستهجن "غياب نشر اتفاقيات تبادل المياه مع إسرائيل وعدم إعلانها. مياه الأردن بيعت لإسرائيل وقبضت ثمنها".
الحكومة: نتوسع في الآبار والسدود الترابية
بدورها ردت وزارة الزراعة عبر صفحتها على الفيسبوك يوم الاثنين، حول استعداداتها لمواجهة جفاف السدود بأنها "تعمل الآن على مشروع حصاد مائي طموح عبر آبار تجميع المياه، لقد قمنا بالسماح لمزارعي الموجب بأستخدام الآبار العائدة للوزارة وذلك من أجل استدامة الزراعات هناك".
تتابع الوزارة في ردها: "نعمل حاليا على صيانة عدد من الحفائر والسدود الترابية في البادية والمحافظات لضمان استعدادها لاستقبال وتخزين الأمطار".
وأضافت: "لدينا خطة للتوسع في الآبار والحفائر والسدود الترابية تصل تكلفتها إلى مليوني دينار للعام القادم إضافة إلى آبار تجميع المياه. وهناك توجهات كبيرة نحو التقنيات الموفرة للمياه في الزراعات نعمل عليها من خلال تدريب الشباب وأيضا بمنح قروض بدون فائدة لهذه الزراعات".
إلا أن "عربي21" لم تستطع الحصول على رد من وزارة المياه الأردنية التي لم تعلق في بيان صحفي على قضية جفاف السدود، لكن الأمينة العامة لسلطة وادي الأردن، منار محاسنة، عزت في حديث لقناة الممكلة الرسمية جفاف سد وادي الموجب إلى "الهطل المطري المتواضع العام الماضي".
اقرأ أيضا: هل بمقدور الأردن توفير المياه دون اللجوء لـ"إسرائيل"؟
ناقوس الخطر
ويتوقع فيه وزير المياه الأسبق في الأردن، حازم الناصر، في حديث لـ "عربي21" جفاف ما تبقى من سدود في الأردن، معتبرا أنه ليس لدى الأردن أمن مائي.
وأضاف أن المواطن "يحتاج إلى 8 سنوات حتى يشرب أول كأس ماء من مشروع الناقل الوطني. العطاء لم يطرح حتى الآن".
ويقول: "ما حدث في من جفاف السدود غير معهود. هنالك أسباب تقليدية مثل التغير المناخي ولكن أيضا نتيجة أخطاء إدارية من وزارة المياه وسحب 8 ملايين متر مكعب دون متابعة حثيثة بحيث لا تكفي المزارعين للعروة الزراعية. هي تراكمات أخطاء أدت إلى جفاف السدود". ويتابع: "دخلنا مرحلة الجفاف العام الحالي قبل اللجوء السوري والزيادة السكانية. كان نصيب الفرد 125 متر مكعب يوميا، واليوم نصيب الفرد هو 95 متر مكعب من أقل النسب في العالم، وأصبحت هناك فجوة بين الطلب وبين الاحتياجات بـ40%".
وانتقد "وقف استخراج المياه الجوفية العميقة.. لكن هذا المشروع أجهض لصالح شراء المياه من إسرائيل".
وبحسب وزارة المياه والري، فقد وصل العجز المائي إلى 15 مليون متر مكعب في العام الحالي، وأدرج تقرير دولي متخصص في قطاع المياه للمنتدى الاقتصادي العالمي الأردن من بين الدول التي يتوقع أن تواجه عجزا خطيرا بوضع المياه حتى العام 2025، وتواجه البلاد عجزا مائيا في الصيف يبلغ نحو 15 مليون متر مكعب، بحسب ما كشفت وزارة المياه والري.
الحراك الأردني يعود إلى الشارع مجددا.. الأسباب والدلالات
بعد 104 أعوام.. كيف استغل الاحتلال وعد بلفور لتنفيذ جرائمه؟
تخوف إسرائيلي من تبعات الكشف عن شبكة الموساد في تركيا