حقوق وحريات

هبّة حقوقية ضد الحبس الاحتياطي المفتوح بمصر.. وتفاعل واسع

انطلقت الحملة بوسم #جوه_السجن_بره_القانون"
تفاعل نشطاء سياسيون وحقوقيون في مصر مع الحملة الجديدة التي أطلقتها مؤسسة الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، التي يرأسها الحقوقي جمال عيد، أحد أبرز الحقوقيين الذين يهاجمون سياسات السلطة المصرية في مجال حقوق الإنسان، وتلاحقه هي الأخرى بالتحقيقات من وقت لآخر وتمنعه من السفر وتجمد أمواله.

"#جوه_السجن_بره_القانون" هو وسم حملة للمطالبة بالإفراج عن سجناء الرأي، ممن تجاوزوا الحد الأقصى للحبس الاحتياطي طبقا للقانون والدستور، تتناول بالنشر أمثلة لسجناء رأي في كل يوم، تجاوزوا العامين بالحبس الاحتياطي، بغض النظر عن ظاهرة التدوير البغيضة، بحسب عيد.

الحبس الاحتياطي هو أحد أكثر أشكال انتهاك حقوق الإنسان في مصر منذ مجيء رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي، والذي جعله غير محدد المدة رغم مخالفة ذلك للدستور الذي حدده بعامين، ويرزح بسببه آلاف المعتقلين السياسيين في السجون.

تأتي هذه الحملة الحقوقية ضمن حملات سابقة ومستمرة منذ سنوات من أجل مواصلة الضغط على نظام السيسي الذي يبدو أنه مصر على استخدام هذا الإجراء القانوني كعقوبة سالبة للحريات بالمخالفة للقانون والدستور.

وتواجه السلطة في مصر انتقادات دولية بسبب سجلها في حقوق الإنسان، ومؤخرا قررت واشنطن حجب مبلغ 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية وربطتها بتحسن ملف حقوق الإنسان في البلاد.

وفي انتقاد نادر، أصدرت 31 دولة بياناً مشتركاً في 12 آذار/ مارس 2021 في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أعربت فيه عن قلقها من وضع حقوق الإنسان في مصر، وطالبوا في بيان مشترك "بإنهاء استخدام تهم الإرهاب لإبقاء المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء المجتمع المدني في الحبس الاحتياطي".

جدوى الحملات الحقوقية

وبشأن عدم جدوى مثل تلك الحملات الحقوقية، أشاد مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان، خلف بيومي بهذا النوع من الحملات، واعتبرها "بمثابة ناقوس يدق مع استمرار انتهاك حقوق الإنسان في مصر".

وأضاف لـ"عربي21": "الحملات على وسائل التواصل الاجتماعي والمؤتمرات والتقارير والبيانات وغير ذلك لها صدى سواء في الداخل أو الخارج، وبسببها يقع النظام تحت ضغط دولي لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في مصر".

وتوقع أن تسفر الضغوط من كل نوع على تخفيف قبضة نظام السيسي، قائلا: "أعتقد أن الضغوط الدولية على النظام المصري هي التي أجبرته على الإعلان عن استراتيجية حقوق الإنسان وكلف وزارة خارجيته بالإعلان والتدشين لها، وذلك يتطلب الاستمرار في الضغط ورصد وتوثيق كل جرائم النظام ورفعها لكل داعمي النظام".

وخلال الأيام القليلة الماضية، طرحت العديد من المنظمات الحقوقية المصرية من بينها (المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب) قائمة تتضمن سبعة إجراءات لوقف التدهور غير المسبوق الذي تشهده مصر في أوضاع حقوق الإنسان.

في مقدمة تلك المطالب كان "الإفراج عن السجناء السياسيين المحبوسين احتياطياً أو المحكوم عليهم من جميع التيارات السياسية بسبب نشاطهم السلمي، وإنهاء الحبس الاحتياطي المطول ومفتوح المدة، ووقف "تدوير" السجناء السياسيين ورفع حالة الطوارئ المفروضة منذ 2017 بالمخالفة للدستور والمستخدمة في تعطيل كافة الحريات الأساسية وحقوق المحاكمة العادلة".

تضامن واسع وانتقادات مستمرة

وتفاعل نشطاء سياسيون وحقوقيون ومنصات حقوقية من بينها "حقهم" وهي الحملة الشعبية لدعم المعتقلين والمختفين قسريا في مصر، مع الحملة في حساباتهم على منصات التواصل الاجتماعي.


ودأبت منظمات حقوقية كبرى على توجيه انتقادات للسلطة المصرية التي اتهمتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" باحتجاز المئات، وعلى الأرجح الآلاف، في الحبس الاحتياطي دون أن تتظاهر حتى بإجراء مراجعة قضائية لاحتجازهم، فيما يُعَدّ انحطاطا جديدا للنظام القضائي في البلاد.

وطالبت القضاة أن يراجعوا فورا قانونية احتجاز جميع المحتجزين في الحبس الاحتياطي المطوّل، وأن يأمروا فورا بإخلاء سبيلهم في انتظار محاكماتهم، مضيفة أن جميع المحتجزين في الحبس الاحتياطي لديهم الحق في محاكمة ضمن إطار زمني معقول، أو الإفراج عنهم.

الحبس الاحتياطي.. العدالة الغائبة

وعلقت المديرة التنفيذية للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات، هبة حسن، بالقول: "لا بد أن يستمر عمل الجماعات الحقوقية مع استمرار انتهاكات في حقوق الإنسان في مصر والتي يمثل الحبس الاحتياطي التعسفي وغير الملتزم بالمدة القانونية أحد حلقاتها، وتستمر المطالبات والحملات ويستمر الرصد والتوثيق لهذه الانتهاكات، فهذا هو دورنا حتى وإن لم نحصل على النتائج المنتظرة ولم نستطع وقف ما يحدث".

وقالت في حديثها لـ"عربي21": "رصد الواقع وتوثيقه والضغط لمجرد تخفيف بعض هذه الانتهاكات أو تحرير معتقل واحد يجعلنا نعتقد أنها أسباب كافية حتى لا نفقد أملنا هذا، فضلا عن ثقتنا وسعينا لعدالة حقيقية ستتحقق يوما إذا ما تكاتفت كل الجهود".

وأوضحت أنه "وفق القانون يفترض أن قرارات الحبس تصدر وفق تحقيق مع المتهم يثبت فيه ما يستدعي الحبس أو وجود أحد مبررات الحبس وهو ما لا يتحقق، فأصبح قرار الحبس يصدر ربما دون عرض على النيابة أو القاضي من الأساس ويتم التجديد مرات متعددة تلقائيا بدون مبرر أو سبب واضح"، مشيرة إلى أن "الحبس الاحتياطي بدلا من كونه إجراء احترازيا أصبح عقوبة في حد ذاته ووسيلة للتنكيل بالمعارضين".