حفرة لا يعرف حتى الآن كيف "خطفها" أسرى سجن جلبوع الصهيوني من السجان وحّدت كل أحرار العالم. لا حديث منذ صباح اليوم يعلو فوق حديث الحفرة، ولا خبر يحظى في مواقع التواصل الاجتماعي العربية باهتمام يضاهي خبر أسرى جلبوع الستة الذين تمردوا على السجن، وعلى الأمن، وعلى الجغرافيا، وعلى سطوة الجلاد، وانتزعوا حريتهم انتزاعا بعد اعتقال امتد لأربعة منهم لأكثر من 15 أو 25 عاما.
ثمة دلالات تتجاوز فلسطين في هذا الحدث، وتتسع لتشمل أحرار المنطقة العربية والعالم ككل، ويمكن ملاحظة ذلك من الاهتمام الشعبي الكبير بهذا العمل الثوري، وتحويله إلى تغطيات تتوزع على التحليل الجاد والتعليقات الساخرة من جيش الاحتلال والمقارنة بأفلام هوليود، وغيرها من الزوايا التي أثرت النقاش في الإعلام العربي التقليدي والجديد على حد سواء.
ثمة دلالات تتجاوز فلسطين في هذا الحدث، وتتسع لتشمل أحرار المنطقة العربية والعالم ككل، ويمكن ملاحظة ذلك من الاهتمام الشعبي الكبير بهذا العمل الثوري، وتحويله إلى تغطيات تتوزع على التحليل الجاد والتعليقات الساخرة من جيش الاحتلال والمقارنة بأفلام هوليود
ولكن الاهتمام بالقضية الفلسطينية ليس مضمونا على أية حال، بل إنه مرتبط بالفعل الفلسطيني، وبالاشتباك مع الاحتلال. تأكدت هذه المعادلة في السنوات الأخيرة عدة مرات، فقد أصبح الفلسطيني وقضيته مهمشين ومتهمين ومحل سخرية وهجوم من قبل جيوش إلكترونية تعمل لأنظمة عربية استبدادية لا تقل صهيونية عن "إسرائيل". رغم أن حملات الكذب والتضليل لم تنجح، إلا أن غياب الفعل الفلسطيني المستمر والمستدام بعد نهاية انتفاضة الأقصى أعطى المجال للرواية الصهيونية لتتسرب بين بعض الفئات الشابة تحديدا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن هذه الرواية سقطت وتسقط مع كل عملية اشتباك بين الفلسطينيين والاحتلال. حدث ذلك في الصمود البطولي للمقاومة في غزة أثناء الحروب العدوانية التي شنت عليها عبر أكثر من 15 سنة، وحدث أيضا في المحطات التي انتفض فيها الشعب لأجل القدس، ويحدث عند كل عملية اشتباك فردية أو جماعية مع الاحتلال.
رغم أن حملات الكذب والتضليل لم تنجح، إلا أن غياب الفعل الفلسطيني المستمر والمستدام بعد نهاية انتفاضة الأقصى أعطى المجال للرواية الصهيونية لتتسرب بين بعض الفئات الشابة تحديدا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن هذه الرواية سقطت وتسقط مع كل عملية اشتباك بين الفلسطينيين والاحتلال
لم ينتصر الأسرى فقط لأنفسهم وحريتهم، ولكنهم ألهموا كل الشعوب المقهورة أن الانتصار الكبير على الاحتلال والظلم والاستبداد ممكن، وأن الطريق إليه محفوف بالمقاومة والانتصارات الصغيرة التراكمية.
ستة من الأسرى استطاعوا تحرير أنفسهم من سجون الاحتلال، وحرروا معهم كل مظلومي العالم، وألهموا شبابا عربيا تمكن اليأس والإحباط منه، وأثبتوا أنه لا قوة أكبر من إرادة "حفاري الانتصار"
قد يتمكن الاحتلال من اعتقالهم مجددا بفضل قدراته الاستخبارية والتسليحية، ولكن يحق لهم الآن أن ينظروا "من فوق" إلى الكون عبر حفرتهم الصغيرة، فهي أوسع بكثير من كل هذا الكون!