سياسة دولية

ارتفاع التضخم وانتشار الفقر يؤججان غضب الشارع الإيراني

انتخابات جديدة في إيران في منتصف حزيران المقبل - جيتي

نشرت مجلة "أتالايار" الإسبانية تقريرا للكاتب سيروس يعقوبي سلّط فيه الضوء على ملامح الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها إيران، وتأثيرها على الشعب الإيراني.


وقال الكاتب في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن أكثر من 80 بالمائة من الإيرانيين يعيشون تحت خط الفقر ويعانون أوضاعا معيشية صعبة جراء الفساد الذي ينخر مفاصل النظام.


وحسب تقارير محلية، فقد اضطر البعض إلى دفع ثمن الخبز على أقساط بسبب هذه الزيادة التي فرضتها الحكومة مؤخرا بنسبة 50 بالمائة على الوجبة الرئيسية للفقراء في إيران.


في الواقع، لم تشمل الزيادة الخبز فحسب، بل انتشرت أنباء في الأيام الأخيرة عن زيادة سعر زيت الطهي بنسبة 35 بالمائة، والسكر بنسبة 72 بالمائة. كما أُعلن عن ارتفاع سعر تذاكر الحافلات بين المدن وتذاكر المترو بنسبة 30 بالمائة، وأجرة سيارات التاكسي بنسبة 35 بالمائة، بالإضافة إلى عدد من الخدمات والسلع الأساسية الأخرى.


ووفقا لمركز الإحصاء الإيراني، وصل معدل التضخم إلى أكثر من 48 بالمائة، وهو أعلى بحوالي 11 مرة من معدلات التضخم في كل من العراق وأفغانستان. في الآن ذاته، لم تتجاوز الزيادة في الرواتب للعام المقبل 26 بالمائة.


وقد أكد رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف أن تكلفة الإيجارات وصلت إلى مستويات قصوى ودفعت 35 بالمائة من سكان المدن الإيرانية للانتقال إلى الضواحي بسبب عدم قدرتهم على دفع الإيجار. 


فساد النظام


وحسب الكاتب، فإن ارتفاع الأسعار بهذه الدرجة غير المعقولة يرجع أساسا إلى الفساد المستشري داخل أجهزة النظام، والذي تفشّى تحت إشراف خامنئي ونجله مجتبى والحرس الثوري الإيراني. وتُقدّر ثروة هذه الأطراف مجتمعة بأكثر من 100 مليار دولار، ويسيطر الحرس الثوري على جزء كبير من القطاعات الاقتصادية في العاصمة طهران.


ويضيف الكاتب أن عدم كفاءة النظام وجشعه الذي لا ينتهي وسوء إدارته للاقتصاد أدى إلى إغلاق العديد من المصانع، وفتح الباب أمام التوريد غير المنظّم للبضائع وبيعها في الأسواق المحلية لتحقيق أرباح هائلة، بالإضافة إلى الاختلاس وانتشار الرشوة، وهو ما أضعف الاقتصاد المحلي بشكل كبير. 

 

اقرأ أيضا: رغم العقوبات.. أمريكا تستورد نفطا إيرانيا في سابقة منذ 1991

يتم أحيانا الكشف عن بعض ملفات الفساد من أحد أجنحة النظام لتشويه جناح آخر واكتساب الشرعية.

 

ومؤخرا، نشرت عدة مواقع على شبكة الإنترنت خبر اختفاء 10 بالمائة من إنتاج الصلب الإيراني العام الماضي، أي 3 ملايين طن بقيمة تزيد عن 1.2 مليار دولار.


غضب في الشارع الإيراني


ويدرك الشعب الإيراني -حسب الكاتب- أن البؤس ومستويات الفقر المرتفعة سببهما الحكومة وسياساتها القمعية، وقد خلص إلى أن الحل الوحيد لتحسين الظروف المعيشية هو تغيير النظام، وهو ما عبّر عنه الإيرانيون في مناسبات عديدة من خلال المظاهرات في طهران ومدن أخرى.


وقد واجه النظام الإيراني محاولات الشعب المشروعة لـ"تغيير النظام"، من خلال تصعيد الممارسات القمعية لإجبار الإيرانيين على قبول الوضع الراهن. وفي ظل هذه الأوضاع، أصبحت فئة كبيرة من الشعب الإيراني تشعر بالإحباط  مما أدى إلى ارتفاع نسب الانتحار. 


على سبيل المثال، قتلت سيدة إيرانية قبل أيام طفليها بعمر 8 سنوات وشهرين ثم انتحرت. كما أضرم شاب النار في جسده في مكان عام. ووفقا لاستطلاعات أُجريت العام الماضي، فإن 8 بالمائة من الإيرانيين الذين تزيد أعمارهم عن 15 سنة -أي حوالي 4.4 ملايين شخص- مدمنون على المخدرات.


ويعتقد الكاتب أن الأمر الإيجابي هو أن غالبية الشعب يعارض الوضع الحالي ويعبّر عن عدم رضاه عن هذه الحكومة من خلال تنظيم مظاهرات واحتجاجات حاشدة، بما في ذلك احتجاجات المعلمين والعمال وسائقي الشاحنات والمتقاعدين والمزارعين، والتي تشمل جميع مدن إيران تقريبا. 


ويختم الكاتب بأن الشعب الإيراني ينتظر فرصة أخرى مثل تلك التي سنحت له في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 للتنفيس عن غضبه وإسقاط هذه الحكومة، وذلك بعد أن قمع خامنئي الانتفاضة الماضية التي قُتل خلالها 1500 شخص واعتُقل 12 ألف مواطن.