قال خبير إسرائيلي إن المنظومة الدفاعية
الإسرائيلية تتهيأ لما تصفه بـ"سيناريو متطرف" تتعرض فيه إسرائيل لأضرار
جسيمة بالمدن الرئيسية والمواقع الاستراتيجية باستخدام صواريخ دقيقة، ما يجعل من
الجبهة الداخلية نقطة ضعف، إذ لا يوجد استثمار كاف للتحضير لمثل هذا الحدث.
وأضاف نداف شرغاي في تقريره على صحيفة إسرائيل
اليوم، وترجمته "عربي21"، أن "التحذير يتمثل بهجوم صاروخي قد يعطل
أنظمة الدفاع، وإعادة التأهيل في إسرائيل هو سيناريو صعب للغاية، وهو ما من
شأنه إلحاق أضرار واسعة بالجبهة الداخلية
الإسرائيلية، رغم أنه يمثل حضورا ضئيلا نسبيًا في الخطاب العام والإعلامي
الإسرائيلي، لكن هذا السيناريو بات يحتل مرتبة عالية في خريطة التهديدات المحدثة
على إسرائيل".
وأوضح أن "التهديد النووي قد يكون أكثر
خطورة، ولكن على المدى القصير، فإن التهديد الفوري هو حرب قد تندلع في الجبهتين
الشمالية والشرقية، ضد تحالف تقوده إيران ويضم حزب الله وسوريا وعناصر موالية
لإيران لنا من غرب العراق".
ونقل عن الجنرال أودي ديكل، الرئيس السابق
للقسم الاستراتيجي بشعبة التخطيط داخل هيئة الأركان العامة للجيش أن "إسرائيل
تواجه ترسانة كاملة من الأسلحة الموجهة إليها، بما فيها الصواريخ الباليستية وكروز
من إيران والعراق، وفي سيناريو ثانوي هناك صواريخ وقاذفات هجومية وقذائف هاون من
قطاع غزة تطلق باتجاه إسرائيل، والأهداف المفضلة لمهاجمتها هي قائمة طويلة من
المواقع الاستراتيجية".
وأكد أن "من أهم المواقع المدرجة في بنك
أهداف أعداء إسرائيل: بطاريات الدفاع الجوي، مصافي حيفا، محطات الطاقة ومنشآت
التحلية، مستودعات المواد السامة والغاز، البنية التحتية، مكتب رئيس الوزراء، مقر
الكنيست، مبنى الأركان العامة، القوات البحرية والجوية، المطارات والموانئ وقواعد
الجيش، مقرات الجيش الإسرائيلي في "الكريا"، فإذا نجح العدو بإطلاق وابل
كبير من مئات الصواريخ فسنكون أمام هجوم غير معقول".
وتوقع أن "يواجه الدفاع الجوي الإسرائيلي
صعوبة في التعامل مع مثل هذا التهديد، وستكون النتيجة دمارًا، وفي بعض الظروف
قتلًا على نطاق واسع جدًا في المركز السكاني الإسرائيلي، وهذا وصف مروع للأضرار
الجسيمة التي ستلحق بالمدن الرئيسية والمواقع الاستراتيجية باستخدام صواريخ دقيقة،
وهو مخطط لم تشهده إسرائيل من قبل، لأن هذا السيناريو الصعب يعتمد على تطوير نظام
الجيل الرابع من الصواريخ".
اقرأ أيضا : MEE: توتر العلاقة بين ملك الأردن ونتنياهو لهذه الأسباب
الجنرال يتسحاق بريك من جهته عرّف إسرائيل بأنها "الدولة الأكثر تهديداً في العالم، وتستهدفها مئات الآلاف من الصواريخ من الجبهة الشرقية، من خلال كشف الفجوة الواسعة بين التهديد الصاروخي المتزايد لإسرائيل وسكانها، وبين الرضا عن النفس من الجمهور الإسرائيلي، ما يكشف عن ضعف حاسم في قدرة الدولة على التعامل مع أنظمة القتال الطويلة".
وأوضح أن "إسرائيل تستثمر في إعداد الجبهة
الداخلية للحرب، لكن ليس بالقدر الكافي، لاسيما في التحضير للخطوط العريضة
الموصوفة في السيناريو المتطرف، وتستند لتوجهات موجودة في خريطة التهديد الإقليمي،
علما بأن قدرة الجبهة الداخلية على التعامل مع الأضرار والعديد من الضحايا تتطلب
التماسك بين الإسرائيليين، والثقة في حكومة مسؤولة تهتم أولاً وقبل كل شيء
بمستقبلهم".
وأشار إلى أن "المقصود قد يكون استمرارا
لاستراتيجية "المعركة بين الحروب"، حتى لو كان ثمنها حربا شاملة، ومن
المعروف الآن أن الطائرة بدون طيار تنشط في عمليات ضد أهداف إيرانية في سوريا، ما
قد يحتمل وقوع حادث أمني صعب من النوع الذي نصفه، وهو عنصر أساسي في الدفاع عن
الجبهة الداخلية الإسرائيلية ضد هجوم شديد من أجل تقليل عدد خسائرها".
وكشف أن "ديكل أصدر تقريرا عن معهد أبحاث
الأمن القومي بجامعة تل أبيب، لم يذكر الخسائر والإصابات، لأن إسرائيل تتجنب فضح
حجم الخطر للحفاظ على الردع، وطمأنة الجمهور، وإلا فإن قدرة إسرائيل على الردع
متضررة، وستواجه صعوبات، وفي سباق التسلح بين العدو المهاجم وإسرائيل الدفاعية،
فإن إسرائيل أقل شأنا في المقام الأول، لأن تطوير وإنتاج الصواريخ رخيص وغير متطور
نسبيًا، مقارنة بالتطوير والإنتاج".
وأضاف أن "إسرائيل طورت نظام دفاع جوي
متعدد الطبقات، أهمها القبة الحديدية والعصا السحرية والسهم، لكنها جميعاً لا توفر
استجابة فعالة لمختلف التهديدات المتقدمة، خاصة في بيئات قتالية متعددة الساحات،
وأسلحة عدوانية بمختلف أنواعها، مع أن إسرائيل أمام قائمة طويلة من تدابير التهديد
المتراوحة بين الأكثر بدائية وبساطة نسبيًا، وقد يصل مداها إلى 40 كم، من خلال صواريخ
فجر بمدى 50- 90 كم".
وأوضح أن "قائمة التهديدات المحيطة
بإسرائيل تشمل صواريخ "زلزال"100- 200 كم، وصاروخ الفاتح 500- 600 كم،
وبعضها يحمل رؤوسًا حربية دقيقة، وقد ينطلق من لبنان وسوريا، وتشمل القائمة صواريخ
سكود من طرازات مختلفة 300- 700 كم، وقد تطلق من سوريا وشمال لبنان، وصواريخ
"شهاب" 3 و4، 1300- 2000 كم، وقد تنطلق من إيران، وصواريخ كروز متطورة
بقدرات توطين دقيقة يمكن إطلاقها من إيران والعراق".
وأشار إلى أن "نقطة الضعف الإسرائيلية تتمثل
في وقوع هجوم صاروخي على الجبهة الداخلية، ليس ذلك فقط، بل إن الأمر يتمثل في نظام
القيادة والتحكم في الجيش الإسرائيلي، ومن خلالها يتم استهداف البنية التحتية
الضرورية كمحطات المياه والكهرباء ومؤونة الطعام، ولذلك فإن التكلفة الباهظة لهذا
النوع من المواجهة والقتال تزيد على الـ30 مليار دولار، وهذه تكلفة التسلح وحدها، دون
احتساب المزيد من الأضرار في الأرواح والممتلكات".
وفي السياق ذاته قال ضابط إسرائيلي إن
"الهدوء النسبي الذي يتم الحفاظ عليه داخل الحدود الإسرائيلية مخادع، والقضايا
الاستراتيجية الكبرى ما زالت على أعتاب إسرائيل، خاصة من إيران وغزة، وإذا كانت
هناك حملة انتخابية خامسة، فسوف تستمر إسرائيل في التعامل معها باهتمام أقل بكثير مما
هو مطلوب".
وأضاف تال ليف-رام في مقاله بصحيفة معاريف،
وترجمته "عربي21"، أنه "فيما تنشغل فيه إسرائيل بالتشابك السياسي،
تواصل إيران تسريع وتيرة استئناف محتمل للمفاوضات مع الولايات المتحدة، وفي الوقت
نفسه يروجون بقوة لمصالحهم في مجالات أخرى مثل الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة مع
الصين، في حين تصاب إسرائيل بالكثير من الأضرار جراء تقاعس الحكومة الانتقالية
بشدة بصياغة الاستراتيجية تجاه الأمريكيين".
وأوضح أن "إسرائيل لا تعرف استراتيجية
الإدارة الجديدة بشأن النووي الإيراني، رغم أن هذا الوقت الذي يجب على المستوى
السياسي الإسرائيلي أن يستثمر موارده لدفع المصالح والخطاب مع الإدارة الأمريكية
الجديدة، لأننا أمام لحظات الحقيقة، لكننا في واقع تديرنا فيه حكومة انتقالية،
وانتخابات أخرى، وقد تضيع إسرائيل وقتًا ثمينًا، والكثير سيعتمد على قدرة المؤسسة
العسكرية لتعزيز المصالح مع المستويات المهنية في الولايات المتحدة".
انتقل الكاتب للحديث عن قضايا استراتيجية أخرى
ما زالت تنتظر حتى يستقر النظام السياسي الإسرائيلي، قائلا إن "المؤسسة
العسكرية تسعى لتحديد فرصة مهمة للتقدم في التهدئة مع حماس في قطاع غزة، لأن سكان
غزة يحتاجون لإحداث تغيير اقتصادي عميق، لكن التهدئة الحقيقية لن تحدث بدون حل
نهائي لكل القضايا العالقة، حتى في الأسابيع الأخيرة استمرت الاتصالات والمحادثات
غير المباشرة وراء الكواليس".
وأشار إلى أن "إسرائيل تدرك رغبة سكان غزة
الحقيقية للغاية في المضي قدمًا بإنجاز التهدئة مقارنة بالماضي، صحيح أن الفجوات
بين حماس وإسرائيل ما زالت كبيرة، لكنها تضيق مع مرور الوقت، رغم أن الملف
الإنساني وحده، كما تعتقد المؤسسة العسكرية، لن تؤدي إلى حل للقضية، وسيُطلب من
إسرائيل دفع الثمن بعملات مهمة، رغم أن الصفقة المستقبلية لن تكون مماثلة لصفقة
غلعاد شاليط 2011".
وأشار إلى أن "عدم حصول هذه القضايا المهمة
على مزيد من الاهتمام المطلوب لدى دوائر صنع القرار السياسي الإسرائيلي، ينتهي
بصداع لدى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي، رغم أنه في الآونة الأخيرة
نال انتقادا من أنصار رئيس الوزراء بشدة لشروعه في رحلة سياسية مع رئيس الدولة
رؤوفين ريفلين، والالتقاء بكبار القادة الأوروبيين، كما لو كانت مسألة شخصية،
وليست مصلحة وطنية في القضايا النووية وقرار محكمة لاهاي فتح تحقيق ضد إسرائيل".
وختم بالقول إنه "من المتوقع أن تكون
الفترة القادمة معقدة للغاية بالنسبة لرئيس الأركان، الذي لم يقرر بعد تمديد فترة
ولايته إلى أربع سنوات أخرى، وقد يجد كوخافي نفسه عن غير قصد في عين العاصفة، لأن
هذا المطلوب من الضابط الأول في الدولة لدى حديثه مع المستويات السياسية
الإسرائيلية".