بعد لقاء وزير البترول
المصري طارق الملا، برئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، في القدس المحتلة 22
شباط/ فبراير الماضي، وعقد اتفاقيات عدة حول ملف الغاز؛ اجتمع مسؤولون إسرائيليون
ومصريون في مدينة شرم الشيخ المصرية جنوب سيناء، في لقاء هو الأكبر منذ نحو 20
عاما.
أوفير جندلمان،
المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، قال عبر "تويتر" الأربعاء:
"وزير الاستخبارات كوهين ترأس وفدا ضم مدراء أكبر الشركات الإسرائيلية، وهو
الأكبر من نوعه منذ 20 عاما، إلى شرم الشيخ، حيث اجتمع مع مسؤولين مصريين كبار
وبحث توسيع رقعة التجارة بين البلدين والتعاون في الزراعة والمياه والكهرباء
والسياحة".
وأضاف أنه "من
المتوقع وصول حجم التجارة بين البلدين إلى مليار دولار سنويا"، فيما أكدت
هيئة البث الإسرائيلي بأن وزير الاستخبارات إيلي كوهين اجتمع في منتجع شرم الشيخ
بمصر مع نائب رئيس المخابرات المصرية ناصر فهمي، وبحث معه قضايا أمنية
واستخباراتية مشتركة.
"لهذا يلجأ لإسرائيل"
وفي تعليقه حول دلالات
توقيت هذا اللقاء وتواصل لقاءات الجانبين، قال السياسي المصري المعارض سمير عليش،
إن "مصر في مأزق اقتصادي خطير لنضوب المنح الخليجية، وتفاقم أزمة سد النهضة،
وخطط مصر البديلة لتحلية المياه".
عليش، تحدث مع
"عربي21"، عن الأوضاع الداخلية والخارجية التي دفعت السيسي نحو إسرائيل
بشكل أعمق، مشيرا إلى ما أسماه بـ"المأزق السياسي الخارجي المعقد الذي تواجهه
مصر بعد خروج الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من البيت الأبيض"، ملمحا
كذلك إلى "توتر العلاقة مع السعودية".
وإلى جانب ما سبق لفت
السياسي المصري، إلى وجود "مذاق سياسي داخلي يشير لتزايد السخط
الجماهيري"، مؤكدا أنه وبسبب كل ما سبق فإنه "بلا شك أن النظام المصري
يحتاج بشدة للدعم الإسرائيلي".
ونفى احتمال وجود "أية
مصلحة ترجى من الكيان المحتل عبر تلك الاتفاقيات لمصر، وأن ذلك أثبتته 4 عقود من
التطبيع مع القاهرة التي لم تحقق مكاسب اقتصادية أو سياسية من وراء إسرائيل، إلا للنظام
فقط، أما الخسارة فهي للمصريين".
"دفعته ظروف الإقليم"
السياسي المصري رضا
فهمي، سلط الضوء على وضع المنطقة الذي أدى لجولات المسؤولين المصريين والإسرائيليين
المكوكية بين تل أبيب وشرم الشيخ، موضحا أن "وضع شرق المتوسط متشابك، وهناك
مصالح متعارضة للدول بسبب احتياطيات الغاز المقدرة بـ200 تريليون متر مكعب غاز،
و1.7 مليار برميل نفط، ورغم الخلافات السياسية تحدث تفاهمات اقتصادية".
رئيس لجنة الدفاع
والأمن القومي بالبرلمان المصري سابقا أضاف لـ"عربي21"، أن "مصر
تعاملت برعونة بالعقدين الأخيرين في ترسيم حدودها البحرية لأسباب سياسية، ومع
تحولات ترسيم تركيا وليبيا حدودهما والتي منحت مصر 11 ألف كيلو متر بالبحر
المتوسط، ما اعتبر مؤشرا إيجابيا دفع مصر لمراعاة الجرف القاري التركي عن طرحها
مناقصة تنقيب، ومن هنا تقابلت المصالح".
وفيما يتعلق بإسرائيل
قال إن "لديها طموحا لمد أنبوب غاز عبر قبرص واليونان لإيطاليا ليصل الغاز
الذي وضعت يدها عليه لأوروبا متجاهلة مصر التي استشعرت الخطر، وبدلا من أن تخسر كل
شيء تحاول تصحيح الأوضاع بالتفاهم مع تركيا".
وأوضح أنه ومن هنا
جاءت "اللقاءات المكوكية بين الإسرائيليين والمصريين"، معتقدا أنها
"مرتبطة بهذا الخط، وإسرائيل تعمل على إقناع مصر لغض الطرف أو حدوث تفاهمات
تمنع ترسيم مصر حدودها مع تركيا".
ولفت إلى دور "نائب
رئيس المخابرات اللواء ناصر فهمي، بهذه اللقاءات لتاريخه المهني بجهاز المخابرات وكونه
مسؤول ملف الطاقة وخبرته الطويلة بهذا الملف فترة اللواء عمر سليمان وما بعد
الثورة بعهد اللواء رأفت شحاتة".
وأكد أن "الحديث
عن مليار دولار ليس رقما ضخما للتعامل مع بلد بحجم مصر"، موضحا أن
"الوعود الاقتصادية بين البلدين، قديمة منذ إشارة شيمون بيريز بكتابه (الشرق
الأوسط الجديد)، وتعويله على العمالة المصرية، التي تعاني سوء إدارة بشرية، ووضعا اقتصاديا مزريا، وعجز موازنة، وتهالك البنى التحتية، ومشكلات مركبة بالصناعة
وفقدانها الميزات التنافسية".
إقرأ أيضا: OP: اتفاق نفطي بين الإمارات وإسرائيل سيلحق خسائر بمصر
ويرى فهمي، أن التقارب
الاقتصادي المصري الإسرائيلي يأتي في إطار منافسة بين أبوظبي والقاهرة على التعاون
الاقتصادي مع إسرائيل، مؤكدا أن "الإمارات تصدرت الإقليم بالملفات التي كانت
حكرا على مصر التي تراجع دورها الإقليمي، ما يقلق مصر ويجعل التوتر بين البلدين
مرشحا للزيادة".
"مصلحة النظام لا الشعب"
وحول الدلالات الاقتصادية
للقاء الذي وصفه الجانب الإسرائيلي بالأكبر منذ 20 عاما، أكد الخبير الاقتصادي
المصري علي عبد العزيز، أنه "بعد فشل صفقة القرن برحيل ترامب لا يوجد أمام
تحالف (السيسي إسرائيل الخليج) إلا العمل في حدود المصالح المحدودة التي تحقق
أهداف هذا التحالف".
وفي حديثه
لـ"عربي21"، أكد أن "أهداف هذا التحالف في مجملها مرتبطة بتأمين
بقاء هذه الأنظمة وبينها نظام السيسي، الذي رأى الكيان الصهيوني منذ البداية أن
بقاءه مرتبط بمدى قدرته على زيادة التطبيع معه ومنحه الكثير من الامتيازات،
ومساعدته على عقد اتفاقات مع دول الخليج".
ولذلك؛ يعتقد أستاذ
الاقتصاد بجامعة الأزهر، أن "اجتماع وفد إسرائيلي كبير بشرم الشيخ مع وفد
مصري مماثل؛ ما هو إلا خطوة من خطوات التطبيع الاقتصادي".
وفي إجابته على
التساؤل: هل هناك ما يمكن أن يعود على القاهرة من فوائد اقتصادية من التقارب
المصري الإسرائيلي؟ قال إنه "قد لا يهم النظام المصري المكاسب المادية بقدر
ظهوره بأنه يتعاون مع الكيان الصهيوني، ويدعمه، ويحمي وجوده".
وأكد أن "المقابل
هو بقاء نظام السيسي العسكري، أما مصالح الشعب المصري، والشعب الفلسطيني، فلا مكان
لهما ما دامت رؤية تحالف الشر العربي الصهيوني قائمة".
إثارة ملف حلايب.. هل يضر بتوافق مصر والسودان بملف النيل؟
هل تغير موقف القاهرة من حفتر ومشروعه عقب زيارة "دبيبة"؟
لماذا أثار قرار "الشركات الأجنبية" السعودي غضبا إماراتيا؟