نشرت
صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا للصحفية إيفا كسايو قالت فيه إن الإيغور اعتادوا السفر إلى
تركيا على مدى عقود بحثا عن ملاذ من القمع السياسي والديني، لكن الاعتقالات
الأخيرة ومعاهدة التسليم المقترحة مع الصين تجعل الكثيرين يخشون أن البلاد لم تعد
ملاذا.
يقول المحامون إنه في حين أن اعتقالات الإيغور، في الغالب بسبب مزاعم
تتعلق بالإرهاب، تحدث في تركيا منذ عدة سنوات، فقد تصاعدت في الأشهر الأخيرة. كان
آخرها في 18 كانون الثاني/ يناير، عندما اعتقلت الشرطة في إسطنبول ثلاثة من الإيغور
في مداهمة لشرطة مكافحة الإرهاب.
قالت مليكة، التي كان زوجها من بين المعتقلين: "نحن جميعا نشعر
بالذعر الآن.. لا يمكننا النوم في الليل".
وقالت مليكة إن الشرطة المحلية اتهمت زوجها عبد الله متسيدي بالضلوع
في أعمال إرهابية، وطلبت حجب لقبها الذي يختلف عن لقب زوجها. وقال أحد الضباط إن
زوجها قام "بأنشطة ضد الصين"، بحسب ما قالت، قبل نقله إلى مركز ترحيل،
حيث لا يزال هناك.
ولم ترد وزارة الداخلية التركية، التي تشرف على قوة الشرطة الوطنية،
على طلب للتعليق.
فر العديد من الإيغور الذين يعيشون في تركيا من القمع في إقليم
تشنجيانغ شمال غرب الصين، حيث أنشأت السلطات شبكة من معسكرات الاعتقال والمراقبة
عالية التقنية في السنوات الأخيرة للسيطرة على مجموعات الأقليات المسلمة من العرق
التركي.
وتأتي الاعتقالات في الوقت الذي تسعى فيه تركيا إلى تعزيز العلاقات
مع الصين، المستثمر والمقرض المرحب به في ظل الضغوط الواقعة على الاقتصاد التركي
بسبب ارتفاع معدلات التضخم وديون العملات الأجنبية. في عام 2018، عندما انهارت
الليرة التركية، جزئيا بسبب العقوبات الأمريكية، تدخل البنك الصناعي والتجاري
الصيني بقرض قيمته 3.6 مليارات دولار.
تمتد تركيا عبر أوروبا وآسيا، وهي حريصة على الاستفادة من الفرص
التجارية من خلال مبادرة الحزام والطريق التي تبلغ تكلفتها تريليون دولار، وهو
مشروع بنية تحتية مترامي الأطراف يتضمن سكة حديدية عابرة للحدود تمتد من إسطنبول
إلى شيان في شمال غرب الصين.
في الوقت الذي تتنافس فيه الدول الأكثر ثراء مع بعضها البعض للحصول
على إمدادات محدودة من لقاحات فيروس كوفيد-19 الغربية، تعتمد تركيا أيضا على شركة
الأدوية الصينية Sinovac لتزويدها بـ50 مليون جرعة من
لقاح فيروس كورونا.
يشعر الإيغور في تركيا بالقلق من أنه مع تنامي نفوذ بكين على بلدهم
المضيف، يمكن دفع تركيا إلى ترحيلهم إلى الصين، التي صورت سياساتها في تشنجيانغ
على أنها ضرورية لمحاربة الإرهابيين والمتطرفين الدينيين. وتصاعدت مخاوفهم مع
اقتراب تركيا والصين من تمرير معاهدة تسليم المجرمين، على الرغم من أن الحكومة
التركية نفت مرارا أنها ستستخدم لتسليم الإيغور الأبرياء.
قال وزير الخارجية التركي في مؤتمر صحفي في كانون الأول/ ديسمبر ردا
على سؤال حول المعاهدة: "نحن لا نستخدم الإيغور الأتراك سياسيا.. ندافع عن
حقوقهم الإنسانية".
صدق المشرعون الصينيون على اتفاقية تسليم المجرمين في كانون الأول/
ديسمبر، بعد توقيع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على المعاهدة في عام 2019. لكن
الاتفاقية لا تزال بحاجة إلى موافقة البرلمان التركي، الذي انعقد الأسبوع الماضي.
وهذا يعني أن المعاهدة يمكن أن تدخل جدول أعمال الهيئة التشريعية في وقت مبكر من
هذا الشهر.
ينظر الكثيرون في البلاد إلى الإيغور على أنهم جزء من عائلة واسعة من
العرق التركي، نظرا لعلاقاتهم التاريخية والثقافية المشتركة، وهي صلة قرابة جعلت
تركيا واحدة من أكثر المدافعين صراحة عن الإيغور بين الدول الإسلامية.
ومع ذلك، فإن تزايد الاعتقالات تركت الإيغور عالقين في مراكز الترحيل
في قضايا الإرهاب التي انتقدها المحامون ووصفوها بأنها مبهمة، مما يلقي بظلال من
الشك على التطمينات التي قدمتها الحكومة التركية.
وقال محامون يعملون لصالح موكلين من الإيغور إنه يتم اعتقال المشتبه
في ارتكابهم أعمالا إرهابية دون أي معلومات حول الجرائم المحددة المتهمين بها. قال
أحدهم إنه كان لديه موكل العام الماضي لم يتم اتهامه رسميا بالإرهاب، ولكن تم
إرساله إلى مركز الترحيل على أية حال.
مثل العديد من الأجانب في تركيا المتهمين بالإرهاب، يتم إرسال الإيغور
أولا إلى مراكز الترحيل قبل إجراء تحقيق شامل في الادعاءات، كما قال محمد عكاتان،
المحامي الذي كان لديه أكثر من 20 من الموكلين الإيغور العام الماضي الذين عانوا
من نفس المشكلة. قال إنه تم إطلاق سراح العديد منهم في نهاية المطاف بسبب نقص
الأدلة، لكن المتهمين، بمن فيهم الأطفال وكبار السن، يمكن أن يقبعوا في مراكز
الترحيل لمدة تصل إلى عام.
قال أستاذ القانون إلياس دوغان، الذي يقدم المشورة لزوج مليكة:
"إنهم يعانون بطرق متعددة". وقال محامون إن الأجانب المحتجزين في مراكز
الترحيل يُسحب منهم تصريح الإقامة، وهذا يعني أنه لا يمكنهم العمل أو التقدم بطلب
للحصول على الجنسية التركية، حتى بعد الإفراج عنهم. وقال دوغان إن الأمر قد يستغرق
أكثر من عام للحصول على تصريح جديد.
وفقا لدوغان، فإن عدد الإيغور الذين تم اعتقالهم وإرسالهم إلى مراكز
الترحيل قد زاد بشكل كبير خلال الأشهر الأربعة الماضية. ويقدر أوكاتان، أحد
المحامين الذين مثلوا الإيغور، أن أكثر من مائة من الإيغور قد تم اعتقالهم في نصف
العام الماضي. لم تستطع صحيفة وول ستريت جورنال التحقق بشكل مستقل من عدد الإيغور
المحتجزين.
قال حليم يلماز، المحامي المقيم في إسطنبول، إنه بينما يتم استهداف
الأجانب الآخرين من قبل الشرطة في مداهمات لمكافحة الإرهاب، خاصة بعد هجوم 2017
المميت على ملهى ليلي في إسطنبول نُسب لاحقا إلى مواطن أوزبكي، فإن عدد الإيغور
الذين تم اعتقالهم مرتفع بشكل غير متناسب.
قال يلماز، الذي يتوكل عما يقرب من 30 من الإيغور الناشطين
المحتجزين بتهم تتعلق بالإرهاب: "إذا كان لدي ثلاثة زبائن من الإيغور في
مراكز الاحتجاز، فعند الإفراج عنهم، أعرف أنه سيكون لدي ثلاثة آخرون".
وقالت مليكة البالغة من العمر 24 عاما والتي انتقلت إلى تركيا في عام
2014 لممارسة الدين بحرية أكبر: "عندما جئنا لأول مرة، احتضنتنا تركيا".
وقالت إنها الآن تخشى ترحيل زوجها إلى الصين.
وتابعت مليكة أنها وزوجها حضرا احتجاجا خارج القنصلية الصينية في إسطنبول لكنها لا تعرف سبب اتهامه بالتآمر ضد الصين. وقالت إن زوجها تحدث مع شقيقه
في سوريا منذ حوالي ثلاث سنوات، وهو ما قد يفسر أيضا مزاعم الإرهاب.
وبعد أن أنكرت في البداية وجود معسكرات الاعتقال في سنجان، قامت
الحكومة الصينية بوصفها بأنها "مراكز تدريب مهني" تهدف إلى تخفيف حدة
الفقر والقضاء على التطرف.
ناضل الإيغور في الخارج، بما في ذلك العديد من الذين يقدر عددهم بـ
30.000 إلى 50.000 في تركيا، بضراوة ضد هذا التأكيد، حيث نقلوا قصصا عن أقاربهم
الذين يخشى تعرضهم لسوء المعاملة أو الموت داخل المعسكرات.
كما احتج المنفيون من الإيغور أمام سفارتهم أو قنصليتهم الصينية
المحلية. وعلى مدى أسبوعين في كانون الأول/ ديسمبر وكانون الثاني/ يناير، تجمع
المتظاهرون يوميا خارج القنصلية في إسطنبول، وفقا لأحد المنظمين.
وقال أوكاتان، أحد المحامين الذين مثلوا الإيغور المهددين بالترحيل،
إنه إذا تم تمرير معاهدة التسليم، يمكن للصين إسكات الإيغور في تركيا من خلال طلب
تسليم خصومها السياسيين لأي جريمة تريدها.
في الوقت الحالي، فإن عمليات الترحيل هي الاستثناء وليس القاعدة، على
حد قوله، ولكن بصفتنا محامين "يجب أن نراقب الوضع دائما".
اقرأ أيضا: FP: لماذا يصمت عمران خان عن معاناة مسلمي الإيغور؟
MEE: تركيا ستصنع حاملة طائرات بعد فشل شرائها من بريطانيا
FP: لماذا يصمت عمران خان عن معاناة مسلمي الإيغور؟
بوليتيكو: هل تبقى أوروبا محايدة حيال تنافس الصين وأمريكا؟