نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لسايمون تيسدال حول خطط الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي بدأ عهده بالحديث القوي عن "عودة أمريكا" إلى العالم.
وقال تيسدال إن "من يعرفون بايدن كسيناتور يحبذ التسويات على المواجهة ربما فوجئوا من أيامه المحمومة الأولى في الرئاسة، التي وجه فيها إصبع التحذير للصين وروسيا، وركل الكرسي في العلاقات الدافئة من عهد إدارة ترامب مع الخليج، ورمى سهما في جعبة إسرائيل، ووضع مسألة التغيرات المناخية في مركز الاهتمام العالمي".
وتابع بأن "كل هذا هو قتال بالكلام؛ فمشكلة عاصفة قرارات بايدن الرئاسية هي أنها مواقف وليست سياسات، وتهدف لإلغاء أو تجميد معظم الملامح المدمرة من إرث ترامب".
ولم يقدم بايدن وفريقه بعد أجوبة واقعية للمسائل الدولية المعقدة، وهذه إدارة لا تشبه عقيدة ترومان، بل لا تتعدى كونها محاولة لمنح الراحة وتقديم موقف إيجابي.
وتابع بأن قول "عادت أمريكا" سهل، لكن الأفكار الجديدة أصعب. ومن خلال محاولتهم التأكيد على التأثير الأمريكي والعودة للمواقف التي تخلت عنها الإدارة السابقة، ربما أنهى بايدن وفريقه الأمور بتعقيد الأمور أكثر مما هي عليه.
وفي هذا السياق، يقدم الحديث المتبادل في الأسبوع الماضي بين بايدن ورئيس الوزراء الياباني يوشيهايدي سوغا رؤية تنويرية.
وكان بايدن واضحا في تأكيده على التزام أمريكا المطلق للدفاع عن اليابان، بما في ذلك جزر سينكاكو. وتقع الجزر في شرق بحر الصين، وتزعم بيجين أنها تابعة لها وتطلق عليها اسم دياويو.
وورث بايدن عن ترامب عددا من النقاط الساخنة مع الصين، مثل التجارة والوباء وتايوان، واتهامات الصين بارتكاب إبادة ضد الإيغور في تشنجيانغ.
وأضاف بايدن على القائمة واحدة أخرى، حيث ستنظر إليها الصين كاستفزاز، خاصة عندما ينظر إليها ضمن استعادة وزير الخارجية أنتوني بلينكن التزامات "الدفاع المشترك" في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه.
وفي محادثة بايدن مع فلايمير بوتين الأسبوع الماضي، أوقفت تعامله السهل مع ترامب. وتم تحدي رئيس روسيا حول ملاحقته للمعارض أليكسي نافالني والقرصنة على "سولار ويندز" (الرياح الشمسية)، والتدخل الروسي في انتخابات 2016، ووضع مكافآت مالية على الجنود الأمريكيين في أفغانستان، والتدخل في سيادة أوكرانيا.
وحافظ بايدن على وعوده الانتخابية من ناحية تمديد معاهدة ستارت الجديدة مع روسيا، وعبّر عن التزامه بمتابعة المحادثات بشأن التحكم بالأسلحة النووية، لكنه حذر بعبارات واضحة بوتين أن الولايات المتحدة من الآن ولاحقا "ستتحرك بقوة للدفاع عن مصالحها ردا على تصرفات لروسيا تضرب بنا أو بحلفائنا".
وبعبارات أخرى، فلن تكون هناك إعادة ضبط للعلاقات معها كما فعل باراك أوباما.
وقلل الكرملين في نشره لما ورد في المكالمة من عدة قضايا طرحها بايدن، وكيف سيتعامل معها، فهل سيجبر ألمانيا على وقف خط الغاز الطبيعي "نورد ستريم2" إلا في حالة الإفراج عن نافالني كما اقترح البعض؟ وهل سيقوم بفرض عقوبات جديدة؟ ولو فعل هذا، فهل هو جاهز لانتقام خفي وغير متكافئ من بوتين؟
ويرى تيسدال أن قرار بايدن الحاسم والسريع تعليق مبيعات السلاح للسعودية والإمارات هو أهم تحول عن عالم ترامب.
فكمرشح، انتقد بايدن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان فيما يتعلق بجريمة قتل جمال خاشقجي عام 2018، بالإضافة لانتهاكات حقوق الإنسان.
وتعهد بجعل السعودية "تدفع الثمن، وجعلهم منبوذين كما هم".
وما هو ليس هو واضح هو استعداده لمواجهة وصدع كبير مع حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط، فصفقة مقاتلات أف-35 بـ 23 مليار دولار أمريكي كانت هدية من ترامب للإمارات؛ بسبب فتحها علاقات دبلوماسية مع الاحتلال الإسرائيلي.
وقدم ترامب حوافز لكل من السودان والبحرين والمغرب مقابل التطبيع والتخلي عن الالتزامات الطويلة للجامعة العربية تجاه الفلسطينيين.
ويعتقد تيسدال أن اتفاقيات التطبيع التي لم يتم التخطيط والتفكير بها بشكل جيد تتعرض للخطر بشكل سيضع بايدن أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وسيثير قرار تجميد صفقات الأسلحة المسؤولين في إسرائيل الذين يركزون اهتمامهم على إيران.
وكل شيء يعتمد -بحسب المقال- في النهاية على مستوى إخراج إيران من الحافة التي دفعتها استراتيجية ترامب "أقصى ضغط " ضدها. ويأمل بايدن الذي عين روبرت مالي مبعوثا لإيران بإحياء اتفاقية 2015، لكنه يريد من طهران أولا العودة والالتزام ببنود الاتفاقية. وتريد إيران رفع العقوبات أولا، وفي داخل البلد وكذا في إسرائيل ودول الخليج هناك معارضة لأي تقارب أو شروط. وكما قال بلينكن فالطريق طويل وبطيء.
ويريد الفلسطينيون بداية جديدة مع الولايات المتحدة، بما فيها حل الدول الدولتين، ويعتمد هذا على التقدم مع إيران. ويقول بايدن إنه يريد إحياء العملية السلمية، ولتحقيق هذا فهو بحاجة إلى شريك إسرائيلي مستعد، في وقت تريد فيه إسرائيل وقف التأثير الإيراني في سوريا ولبنان وغزة. وربما كان استئناف العلاقات مع الفلسطينيين ودعمهم من جديد توبيخا لنتنياهو، لكن الخطوات هذه تظل رمزية، فبايدن بحاجة لخطة، وليست لديه واحدة الآن.
ويمكن الحديث عن القرارات الرئاسية التي اتخذها بايدن بنفس الطريقة، وبخاصة المناخ، فما قال هو من أجل حماية الوظائف في أمريكا، وما قاله مبعوثه للمناخ جون كيري مواجهة "الأزمة الوجودية". وهناك حديث مفرط حول إعادة القيادة الأمريكية لموضوع المناخ، ومن خلال قمة "يوم الأرض" في نيسان/ أبريل، وليس التركيز العملي على التعاون الدولي.
وتابع: "نحن لا نزال في الأيام الأولى، والأجوبة لكل الأسئلة هي أمر معروف في السياسة الخارجية، وهل سينجز بايدن؟ ولأنه يواجه مشاكل مستعصية وأزمة كوفيد-19 فربما لجأ إلى العادات القديمة في الكونغرس: تسويات وتأجيل. فالقرارات التنفيذية الكثيرة ليست بديلا عن استراتيجيات فعالة. لكن بايدن بدأ وغيّر النبرة، فهل سيغير الجوهر؟".
NYT: عودة بايدن للمسار التقليدي بقضية فلسطين لن يحل المشكلة
ذي أتلانتك: أمام بايدن مشكلة في أوروبا ويجب عليه حلها
مؤرخ أمريكي: لا يمكن لواشنطن مواجهة بكين وحدها