قال خبراء؛ إن تشكيل الحكومة اليمنية وعودتها إلى العاصمة المؤقتة عدن، جنوبا، نهاية العام الماضي، لم يحدث تغييرات ملموسة على الواقع.
إذ ما زالت الأوضاع تراوح مكانها، وسط استمرار تراجع قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية بعد تحسن طفيف لعدة أيام.
وتزايدت التساؤلات حول أسباب توقف السعودية عن صرف وديعة في خزينة البنك المركزي، ودورها في وقف انهيار الريال اليمني، على الرغم من الأخبار التي كانت تربطها بتشكيل الحكومة مناصفة بين شمال البلاد وجنوبها.
ويشهد الريال اليمني مجددا، تراجعا في قيمته مقابل العملات الأخرى، حيث بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي، الأحد، في مدينة عدن، حوالي 833 ريالا، بعدما حقق مكاسب ملحوظة وذلك بتسجيل 620 ريالا أمام الدولار الواحد، خلال الأسابيع الماضية.
اقرأ أيضا: بلومبيرغ: سياسات الرياض لم تعد مهتمة بقيادة العالم الإسلامي
وعود غير جازمة
وفي هذا السياق، قال رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر؛ إنه "حسب المعلومات التي لدي أنه ليست هناك وعود سعودية جازمة بوديعة مباشرة للبنك المركزي اليمني، رغم التوقعات الكبيرة بذلك".
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21": "يبدو أن الأمر مرتبط بالتعاقد مع شركة مراجعة للتدقيق في حسابات البنك المركزي، وطريقة استخدام الوديعة السابقة قبل أن يتم الإعلان عن وديعة جديدة".
وكان البنك المركزي اليمني، أصدر بيانا في كانون الثاني/ديسمبر الماضي، أشار فيه إلى دعم مرتقب سيعزز جهوده لتحسين مكانة العملة الوطنية والاستقرار العام للأسعار.
وقال؛ إن الدعم المرتقب يأخذ أشكالا متعددة، ويتركز بصورة غير مباشرة على دعم جهوده لتحسين سعر العملة وإزالة التشوهات السعرية، والقضاء على التمييز بين قيمة الطبعات القديمة والجديدة، باعتبارها جميعها قانونية ومعتمدة للتداول.
بدورها، ذكرت صحيفة "الأيام" المقربة من المجلس الانتقالي الجنوبي، أن عدم صرف الوديعة يأتي بسبب تمسك السعودية بضرورة فتح تحقيق بتسرب الوديعة السابقة التي بلغت 2 مليار دولار، ولم يتم الاستفادة منها في إعادة تدوير الاقتصاد اليمني.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين سعوديين قولهم؛ إن هناك احتمالية لتورط البنك المركزي بالتلاعب في الوديعة السابقة.
"ورقة رابحة"
من جانبه، يقول الخبير المالي والاقتصادي اليمني، ياسر المقطري؛ إنه "لم تكن هناك وعود رسمية بوديعة أو على الأقل معلنة بذلك".
وتابع حديثه لـ"عربي21": "لكن الجميع كان يتطلع إلى ذلك، ومع ذلك لاتزال اتفاقية الرياض قيد التنفيذ ولم تستكمل كل بنودها، بما فيها ما يتعلق بالجانب الاقتصادي.
وأشار المقطري إلى أن الملف الاقتصادي هو كل متكامل مع مجموعة ملفات سياسية وعسكرية ومصالح، معتقدا أن "هذا الملف هو الورقة الرابحة التي لن تُرمى أولا".
وأضاف أن "الحكومة لم تنل الثقة بعد من مجلس النواب، وهو ما يعني أنها ما زالت هناك خطوات أمامها".
وحول غياب أي خطوات ملموسة من قبل الحكومة وتراجع الريال اليمني مجددا أمام العملات الأجنبية، أكد الخبير الاقتصادي اليمني أن السياسة النقدية والسياسة المالية متكاملتان، ولا يمكن أن تنجح إحداهما دون الأخرى، لافتا إلى أن هناك إمكانية لعمل شيء ما من قبل البنك المركزي.
واستدرك قائلا: "تظل كل تحركاته محدودة في ظل الوضع الاقتصادي القائم، فمعظم موارد الدولة السيادية لا تسيطر عليها الحكومة"، موضحا أن أهم بنود الإنفاق لديها "الأجور والمرتبات" تغطى بأدوات تضخمية.
واستبعد المقطري أن تستقر أسعار الصرف، إذا لم تتحكم الحكومة بمصادر الإيرادات والنفقات العامة، وتفرض سياسات مالية مكملة للسياسات النقدية.
وأردف قائلا: البنك المركزي أيضا يعاني من غياب الكفاءة والخبرة والانفلات الإداري وتضارب مصالح كادره.
كما اعتبر أن الانقسام الحاصل والإجراءات والسياسات النقدية المزدوجة من قبل مركزي صنعاء، تؤدي دورا كبيرا فيما تتعرض له العملة الوطنية، إذ ما زالت كل مقرات البنوك ومعظم الشركات التجارية توجد خارج نطاق سياسات البنك المركزي والحكومة الشرعية".
ورأى الخبير المالي اليمني أن الوديعة هي "حل مؤقت"، يمكن أن توقف التدهور الحاصل للعملة لفترة معينة، وتساعد الحكومة على إيجاد الحلول والبدائل لمعالجة الوضع الاقتصادي القائم، خاصة فيما يتعلق بمصادر النقد الأجنبي والحد من عجز الميزان التجاري، على الأقل عبر استعادة نشاط الصادرات المحلية وأهما المشتقات النفطية والغازية، وتنظيم الواردات من السلع بما ينسجم مع مصادرها من النقد الأجنبي.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، دعا رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، معين عبدالملك، إلى التسريع بإجراءات تكليف فريق تدقيق خارجي لحسابات البنك المركزي التابع لها في عدن.
وقال عبدالملك، خلال لقاء جمعه بقيادة وكوادر البنك؛ إن تكليف فريق التدقيق يأتي ضمن خطوات حكومية لانتهاج مبدأ الحوكمة ومكافحة الفساد، باعتبار ذلك ضروريا لضمان استمرار تطبيق المعايير والقواعد المالية الدولية.
ووفقا لوكالة "سبأ" الرسمية، فقد ناقش اللقاء، "الخطط المستقبلية للبنك وضرورة استثمار الفرص الراهنة في تشكيل الحكومة وما أبدته دول الإقليم والعالم من استعداد لدعم الاقتصاد الوطني، للاستمرار في إجراءات تعزيز الثقة بالعملة الوطنية وتحسين استقرار سعر الصرف، بما ينعكس بشكل مباشر على حياة ومعيشة المواطنين اليومية.
ماذا وراء وقف عمل موظفين بهيئة التفاوض السورية بالرياض؟
الإمارات تتبرأ من صحيفة لندنية هاجمت السعودية والكويت
خبراء سعوديون وقطريون عن المصالحة: حد أدنى من التوافق