تسيطر تكهنات عدة حول مدى قدرة الحكومة اليمنية الجديدة، على استثمار تصنيف الحوثيين كجماعة "إرهابية" من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، سياسيا وعسكريا، بالنظر إلى الفرص التي أضاعتها خلال سنوات الحرب الماضية.
والإثنين الماضي، أعلن وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، أن وزارته ستخطر الكونغرس بنيتها تصنيف جماعة الحوثيين اليمنية "منظمة إرهابية أجنبية".
وقال بومبيو في تغريدة على صفحته الرسمية في "تويتر": "هذا الإدراج سيوفر أدوات إضافية لمواجهة الأنشطة الإرهابية وإرهاب أنصار الله (جماعة الحوثي) المدعومة من إيران في منطقة الخليج"، بحسب وصفه.
ويرى مراقبون أن هناك الكثير مما يمكن للحكومة المعترف بها دوليا، الاستفادة منه بعد هذا التصنيف للحوثيين، والتضييق على الجماعة وتشديد العزلة الدولية بالإضافة إلى تحريك الملف العسكري لاستعادة المدن الخاضعة لسيطرتها.
"خطوة لتجريد الميليشيات"
وفي هذا السياق، قال رئيس مركز "نشوان" الحميري للدراسات، عادل الأحمدي: "إن هناك الكثير مما يمكن للشرعية اليمنية فعله، للاستفادة من هذا القرار، باعتباره خطوة من شأنها تجريد المليشيات الحوثية الإرهابية، من بعض ما يوفره الموقف المتهاون للمجتمع الدولي منذ سنوات".
وتابع في حديثه لـ"عربي21": أول ما على الحكومة فعله، هو توجيه كافة الجهود نحو تحرير المدن المحتلة منها، معتبرا ذلك "أمرا أساسيا وجوهريا، سيتعزز مع هذا الموقف الدولي".
اقرأ أيضا : ما دلالات إصرار رئيس "الانتقالي" على الانفصال باليمن؟
وعلى الصعيد السياسي، يؤكد الأحمدي أن على الحكومة تقديم ما يطمئن الداخل والخارج، بشأن المخاوف المتعلقة بالتأثيرات على البلاد عموماً وعلى عمل المنظمات الإنسانية.
وأضاف: "على الجانب الحكومي أن يعالج هذا الجانب قولا وعملا، وكل ذلك جنبا إلى جنب، مع التحرك نحو تشديد العزلة الدولية وتجفيف منابع الدعم السياسي والمالي ومنع وصول الإمدادات الإيرانية وغيرها".
كما دعا إلى "تحريك ملف تحرير الحديدة (غربي اليمن)، بما من شأنه تعزيز الضغط على المليشيات ومحاصرة تهديدها للملاحة الدولية".
"تضييق ومراقبة"
من جانبه، يتفق الباحث السياسي اليمني، عبد الغني الماوري، مع ما طرحه الأحمدي بشأن إمكانية الحكومة اليمنية الاستفادة من تصنيف الولايات المتحدة للحوثيين "كجماعة إرهابية".
وقال في حديث خاص لـ"عربي21": يمكن للحكومة اليمنية أن تستثمر تصنيف واشنطن لجماعة الحوثي بالتضييق على تحركات الجماعة خارجيا، وبالطلب من المجتمع الدولي مساواتها بداعش (تنظيم الدولة).
وأضاف الماوري أن "هذا الأمر هو ما تخشاه قيادة الحوثي" متابعا بالقول: "كما يمكن أيضا أن تستفيد الحكومة من هذا التصنيف في مراقبة تحركات أعضائها المالية، وعلاقاتها الخارجية".
وأوضح الباحث اليمني: "يمكن أن يشكل هذا التنصيف دافعا للحكومة لكي توضح الأسباب والدوافع التي تجعل من وصف الحركة الحوثية بالجماعة الإرهابية وصفا عادلا ومنصفا".
لكنه استبعد قدرة الحكومة على استثمار هذا القرار، وقال: لا أعتقد أن الحكومة اليمنية بمقدورها استثمار أي شيء، ففي السنوات الماضية أضاعت كل الفرص، وسوف تفعل ذلك في المستقبل.
وأردف قائلا: الحكومات اليمنية يتم تصميمها بحيث تكون فاشلة وبلا خيال، وبلا ضمير وطني، مستدركا بالقول: "بالطبع يكون هناك أشخاص جيدون، لكنهم عادة يظهرون قليلي الحيلة وبلا قرار".
"لن يتغير شيء"
من جهته، رأى رئيس تحرير صحيفة "الوسط" (أسبوعية تصدر في صنعاء) جمال عامر أن قرار تصنيف السلطة الأمريكية المنتهية ولايتها (إدارة دونالد ترمب)، لـ"أنصار الله" (الحوثي) جماعة إرهابية لا يستحق كل هذا التهويل والتهليل لاعتبارات عدة منها أن "تنفيذ مثل هذه القرارات يخص أمريكا وحدها".
وقال في منشور عبر صفحته بموقع "فيسبوك" إن مثل هذا التنصيف غير قادر على إسقاط تمثيل أي كيان سياسي لوطنه أو جماعته أو حزبه ـ جماعة طالبان الأفغانية ـ يعد مثالا حيا أو مشاركته في الحكومة كما هو حال "حزب الله" في لبنان و"حماس" في فلسطين.
وأشار عامر إلى أن الأمر لا يعدو أكثر من كونه تحصيل حاصل باعتبار ما اعتبرها "حكومة صنعاء"، أي سلطة الحوثيين فيها، غير معترف بها على المستوى الدولي وتدير المناطق التي تسيطر عليها بسلطة الأمر الواقع وقد أرغمت دولا ومنظمات أممية على التعامل معها، منوها إلى أن "هذا الواقع لن يتغير كثيرا بفعل هذا القرار".
وبحسب الصحفي اليمني عامر فإن "هذا القرار لن يؤثر بأي حال من كون الجماعة معادلا أساسيا في أي تسوية سياسية"، مشيرا إلى أن ذلك لا يرجع إلى سيطرتها العسكرية على الأرض فقط وإنما لتمثيلها لجمهور كبير لا يمكن شطبهم بقرار غبي وأحمق.
كما اعترف رئيس تحرير الوسط اليمنية، بتعقيدات قد يخلقها القرار حيث قال: يمكن استغلال القرار في خلق تعقيدات إضافية على عدة مستويات.. إلا أنه لن يكون أكثر سوءا من الحصار المفروض برا وبحرا وجوا ووضع اليمن تحت البند السابع.
واختتم بالقول: "انتظروا قريبا، دعوة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بما فيها سلطة أمريكا المنتخبة للقوى السياسية (في اليمن) للانخراط في عملية السلام والتسوية التي تحقق الشراكة في السلطة القادمة".
وردا على توجهات واشنطن بتصنيفها حركة إرهابية، هاجمت جماعة الحوثي الإدارة الأمريكية، وقالت إن "سياسة إدارة ترامب إرهابية".
وأضافت أن "ما تقدم عليه من سياسات تعبر عن أزمة في التفكير وهو تصرف مدان ونحتفظ بحق الرد أمام أي تصنيف ينطلق من إدارة ترامب أو غيرها".
فيما رحبت الحكومة اليمنية، بالخطوة الأمريكية، وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، إن "الحوثيين يستحقون تصنيفهم كمنظمة إرهابية أجنبية ليس فقط لأعمالهم الإرهابية، ولكن أيضًا لمساعيهم الدائمة لإطالة أمد الصراع والتسبب في أسوأ كارثة إنسانية في العالم".
ما دلالات إصرار رئيس "الانتقالي" على الانفصال باليمن؟
تقرير استراتيجي: السعودية تعيش في مأزق بالمهرة اليمنية
سياسيون: هذه السيناريوهات المتوقعة باليمن في 2021