علق الكونغرس الأمريكي جلسة المصادقة على على فوز الرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدن، نحو 6 ساعات، إثر اقتحام أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب مبنى الكونغرس في حدود الساعة الثانية ظهرا (19:00 بتوقيت غرينتش).
وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اقتحام الكونغرس الأمريكي، منذ أن أحرق البريطانيون مبنى الكابيتول بعد معركة بلادينسبيرغ في 24 أغسطس 1814، خلال الحرب بين الولايات المتحدة والاحتلال البريطاني.
كان ترامب قد حرض أنصاره على اقتحام مبنى الكونغرس، خلال كلمة له أمام حشد منهم، بالتزامن مع جلسة المصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية، وتأكيد اسم الرئيس الفائز ونائبه.
وقال ترامب لأنصاره: "لن نستسلم أبدا.. تحملنا الكثير ولن نتحمل المزيد.. لا نريد أن نرى فوزا انتخابيا يسرق من قبل الديمقراطيين.. لن نستسلم أبدا أمام سرقة الانتخابات.. سأقدم لكم أدلة تثبت أننا فزنا فيها"، داعيا نائبه مايك بنس إلى رفض التصديق على فوز بايدن في الكونغرس.
ودعا ترامب أنصاره للتوجه صوب مبنى الكونغرس؛ للتعبير عن غضبهم بشأن عملية التصويت، والضغط على المسؤولين المنتخبين لرفض النتائج، وحثهم على "القتال".
ومع تدفق الآلاف من أنصار ترامب على ساحات الكونغرس، أسقط المحتجون الحواجز، واشتبكوا مع الشرطة، إلى أن تم اقتحام المبنى، وتعليق الجلسة، ولم يتمكن الكونغرس من فرز سوى 12 من أصوات المجمع الانتخابي البالغة 538.
وعلى مدى أكثر من ثلاث ساعات، كافحت الشرطة الأمريكية لإخلاء مبنى الكونغرس من أنصار ترامب الذين اقتحموا القاعات في مشاهد فوضوية صادمة، وأشهرت الشرطة الأسلحة، وأطلقت الغاز المسيل للدموع وهي تقوم بإجلاء المشرعين من المبنى.
واعتقلت الشرطة الأمريكية 20 شخصا من أنصار ترامب الذين اقتحموا مبنى الكونغرس، وتسببوا في إثارة الشغب في المبنى.
قنابل أنبوبية
وقال مسؤول بالحزب الجمهوري لـCNN إنه عثر على قنبلة أنبوبية داخل مقر الحزب الجمهوري، الأربعاء، وبالتحديد كانت على الأرض إلى جانب حائط المقر، وتم تفجيرها بصورة آمنة من قبل عناصر الأمن.
وقال مصدر ديمقراطي إن مقر الحزب الديمقراطي تم إخلاؤه بعد الاشتباه بطرد في مكان قريب، مشيرا إلى أن المبنى تم إخلاؤه استباقيا قبل المظاهرات.
وقال مسؤول فيدرالي لـCNN إنه عثر على ما يشتبه بأنهما قنبلتان أنبوبيتان، إحداها في المجمع الذي يضم مبنى الكونغرس، وتم التعامل معهما من قبل عناصر الأمن، مؤكدا على أنهما جهازا تفجير حقيقيان، وتم تفجيرهما بصورة آمنة.
"محاولة انقلابية"
ووصف حاكم ولاية بنسلفانيا الأمريكية، توم وولف، اقتحام أنصار ترامب مبنى الكونغرس، بأنها "محاولة انقلابية."
وأضاف في تغريدة له عبر حسابه على تويتر: "ما رأيناه اليوم ليست ديمقراطية، بل محاولة انقلابية".
ومن جانبه، دعا نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، إلى وقف "العنف والدمار في مبنى الكونغرس" ، وأكد أنه سيتم محاسبة المتورطين أمام القانون.
وقال في تغريدة نشرها على "تويتر"، الأربعاء: "يجب وقف العنف والدمار الذي يحدث في مبنى الكونغرس. على كل من شارك في هذه الحوادث احترام قوات الأمن ومغادرة المبنى فورا".
وأضاف: "الاحتجاج السلمي هو حق لكل أمريكي، لكن الهجوم على مبنى الكونغرس لن يتم التسامح معه، وسيُحاسب المتورطون في الأحداث أمام القانون".
وأعلنت الشرطة تأمين مبنى الكونغرس بعد الساعة الخامسة والنصف مساء (2230 بتوقيت غرينتش)، واستأنف الأعضاء الاجتماع بعد قليل من الساعة الثامنة مساء (0100 بتوقيت غرينتش اليوم الخميس) لمواصلة عملية التصديق على نتائج الانتخابات.
وقال مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي لدى استئناف الجلسة: "أقول لأولئك الذين أشاعوا الفوضى في مبنى الكونغرس اليوم، أنتم لم تفوزوا".
وقال ميتش ماكونيل زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ: "سنؤكد الفائز بانتخابات 2020"، ووصف اعتداء أنصار ترامب بأنه "تمرد فاشل".
وكان المشرعون يبحثون مسعى في اللحظة الأخيرة من جانب أعضاء مؤيدين لترامب للطعن على النتائج، وهي خطة لا تحظى بأي فرصة للنجاح على الأرجح.
حظر تجول
وأظهرت لقطات مصورة أنصار ترامب يحطمون نوافذ والشرطة تطلق الغاز المسيل للدموع داخل المبنى.
وقالت شرطة واشنطن إن امرأة توفيت بعد إصابتها بالرصاص أثناء الفوضى. وقال مكتب التحقيقات الاتحادي إنه أبطل مفعول عبوتين ناسفتين مشتبه بهما.
وعمت الفوضى مبنى الكونغرس، بعدما كرر ترامب خلال حديثه أمام الآلاف من أنصاره قرب البيت الأبيض، مزاعمه التي لا سند لها بسرقة الانتخابات منه؛ بسبب تزوير ومخالفات على نطاق واسع.
وأمرت رئيسة بلدية واشنطن، موريل باوزر، بحظر التجول في أنحاء المدينة اعتبارا من السادسة مساء (2300 بتوقيت غرينتش).
"قوات الحرس الوطني"
وأعلن البيت الأبيض أن ترامب أمر بإرسال قوات الحرس الوطني إلى مبنى الكونغرس.
وتم نشر قوات الحرس الوطني وضباط مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) وجهاز الخدمة السرية لمساعدة شرطة الكونغرس، ودفعت القوات والشرطة المحتجين بعيدا عن المبنى بعد بدء حظر التجول.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) قد رفضت في وقت سابق طلبا من مسؤولي العاصمة واشنطن لنشر الحرس الوطني في مبنى الكونغرس، حسبما ذكرت صحيفة واشنطن بوست، نقلا عن مصدر لم تكشف عن هويته.
كانت الصحيفة قد ذكرت في وقت سابق أن رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي قد طلبت من الحرس الوطني “تطهير وتأمين” مبنى الكابيتول.
وقال كريس ميلر، القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي، إن الحرس الوطني في العاصمة الأمريكية بالكامل في حالة تأهب، وإنه مستعد تماما لتقديم دعم إضافي إذا طلبت السلطات المحلية.
وقال ميلر: “قمنا بوضع الحرس الوطني في حالة تأهب كامل لمساعدة سلطات إنفاذ القانون المحلية والاتحادية في عملها للتصدي للوضع بشكل سلمي”.
تعليق بايدن
وقال بايدن، الذي من المقرر أن يتولى السلطة في 20 من يناير/ كانون الثاني، إن أنشطة المحتجين تصل إلى حد التحريض على التمرد.
وأضاف أن اقتحام المتظاهرين لمبنى الكونغرس، وتحطيمهم النوافذ، واحتلالهم المكاتب، وتهديدهم سلامة المسؤولين المنتخبين، "هذا ليس احتجاجا، هذا تمرد".
وقال بايدن متحدثا من ويلمنجتون في ولاية ديلاوير، إن الديمقراطية الأمريكية تتعرض لهجوم غير مسبوق، داعيا ترامب إلى "التدخل"، ومطالبة أنصاره بإنهاء "حصار" مبنى الكونغرس.
استقالات
وعلى إثر عملية الاقتحام، استقال مسؤولان بإدارة ترامب من منصبيهما الأربعاء؛ احتجاجا على أحداث اقتحام الكونغرس، فيما يبحث آخرون الخطوة ذاتها.
وأعلنت ستيفاني غريشام، كبيرة موظفي عقيلة الرئيس الأمريكي ميلانيا ترامب، استقالتها بعد اقتحام الكونغرس، وفق وكالة "أسوشيتد برس".
كذلك أعلنت سارة ماثيوز، نائبة المتحدثة باسم البيت الأبيض، استقالتها. وقالت في بيان، إن "الولايات المتحدة تستحق انتقالا سلميا للسلطة".
يأتي ذلك فيما أفادت شبكة "سي إن إن" الإخبارية المحلية بأن مسؤولين آخرين يبحثون تقديم استقالاتهم، ومنهم مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين، ونائبه مات بوتينغر، ونائب كبير موظفي البيت الأبيض كريس ليدل.
نائب جمهوري: ما تشهده واشنطن هو محاولة انقلاب
ترامب يدعو أنصاره للتظاهر الأربعاء.. ومخاوف من أعمال عنف
مخاوف عسكرية أمريكية من إعلان ترامب حالة طوارئ