عزيزتي سكارليت جوهانسون، تحية طيبة وبعد..
أود في البداية أن أعبر لك عن خالص الشكر والعرفان والتقدير لدعمك القوي لقضايا
حقوق الإنسان في
مصر. لقد فعلتها يا سكارليت، لقد نجحتِ في فضح هذه المنظومة العسكرية الحاكمة في مصر وأوضحتِ للعالم كم هو نظام تافه؛ ليست له سيادة ولا يملك شيئا من قراره.
عزيزتي سكارليت، في رسالتك المصورة القصيرة التي لاقت رواجا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، وساهمت بشكل فعّال في الإفراج الفوري عن قيادات المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ذكرتِ أن كريم حنارة وجاسر عبد الرازق ومحمد بشير "هم أفضل من فينا"، واسمحي لي أن أقتبسها منك سيدتي وأنتهز هذه الفرصة للتعريف والتذكير بمن تتسع لهم سطور هذه الرسالة، ممن ينطبق عليهم وصفك الرائع والدقيق أنهم "أفضل من فينا".
عزيزتي سكارليت، هناك في مصر أكثر من ستين ألف معتقل سياسي هم بالفعل أفضل من فينا. هل تعرفين أن هناك أكثر من مائة سيدة وفتاة مصرية تعاني من
انتهاكات فظيعة تصل إلى كشوف العذرية والتحرش الجنسي داخل
السجون؟ هل سمعتِ عن هدى عبد المنعم المحامية الشهيرة والمدافعة عن حقوق الإنسان، التي جاوز عمرها الستين ولديها مشاكل صحية خطيرة في الكلى؟ هناك يا سكارليت رضوى محمد، تلك الفتاة المصرية التي تجرأت على انتقاد السيسي في فيديوهات على يوتيوب وفيسبوك فتم اعتقالها والتنكيل بها. هل بلغك ما فعلوه بالصحفيات سولافا مجدي وإسراء عبد الفتاح وسارة زيدان؟ هل قرأت عن أمل كيلاني وسمية ماهر خزيمة ووردة جمعة وعائشة خيرت الشاطر وماهينور المصري؟ هناك يا سكارليت سمية ناصف، وفوزية الدسوقي، وأمل عبد الفتاح، ورباب عبد المحسن، ومنى عبد الجواد، وسامية جابر، وسارة عبد الله، ومنار عادل، ونسرين عبد الله، وحنان عبد الله، وهند طلعت، ورشا عبد الرحمن.. والقائمة تطول.
عزيزتي سكارليت، وأنت امرأة من أشهر نجمات هوليود وأنجحهن، بالتأكيد ستشعرين بكل سيدة وفتاة حرمها هذا النظام العسكري من أبسط حقوقها الإنسانية، هن أمهات وزوجات وصديقات وبنات وشقيقات، لهن عائلات وأحباء وأصدقاء يترقبون خروجهن قريبا.
عزيزتي سكارليت، في السجون المصرية هناك خليط من كل الاتجاهات التي اجتمعت على شيء واحد، هو رفض الظلم والدفاع عن حقوق الإنسان وإرادة الشعوب في التغيير. ستجدين هناك علاء عبد الفتاح وأحمد دومة وزياد العليمي، بجوار محمد البلتاجي وجهاد الحداد وأحمد عارف.. ستجدين عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد القصاص ومحمد الباقر وعزت غنيم بجوار محمد بديع وباسم عودة ومحمد سعد الكتاتني وخيرت الشاطر.. ستجدين عصام سلطان بجوار حازم حسني وحسام الصياد، بجوار أحمد عبد العاطي.. ستجدين شيوخا جاوزوا السبعين بجوار شباب في بداية طريقهم، وأستطيع أن أؤكد لك يا سكارليت أن كل هؤلاء من أفضل من فينا.
عزيزتي سكارليت، ذكرتِ في رسالتك المصورة أن قيادات المبادرة المصرية للحقوق الشخصية "يستحقون التكريم وليس السجن"، وهم كذلك بالتأكيد. المفاجأة عزيزتي أن هناك في السجون آلافا آخرين يستحقون التكريم. في داخل تلك الزنازين تجدين أستاذ الجامعة الذي درّس الطب أو الهندسة لآلاف الطلاب في الجامعات المصرية، وهناك أطباء عالجوا مرضاهم بكل إخلاص، ومعلمون لم يقصروا يوما في أداء مهامهم العلمية.. هناك محامون طالما وقفوا في المحاكم أمام القضاة يطالبون بالحرية للمظلومين، هناك طلاب متفوقون حصلوا على أعلى المراتب داخل الجامعة، هناك أطفال لم يبلغوا السادسة عشرة، هناك سياسيون وصحفيون وحقوقيون.. هناك يا سكارليت ستون ألفا من أفضل من فينا لا يستحقون السجن أبدا.
عزيزتي سكارليت، لدينا في مصر قصص حب وإخلاص ووفاء وراء القضبان تصلح أن تكون سيناريو فيلم يحصل على الأوسكار دون منافسة، منهم من حُكموا بالسجن المؤبد، وهو شاب لم يتجاوز الثلاثين من عمره وتنتظره حبيبته طيلة السبعة أعوام الماضية على أمل اللقاء خارج أسوار السجون، تذهب لزيارته كل أسبوع، ويتبادلان رسائل الحب والاطمئنان على الأحوال بشكل سري حتى لا يحرمهما الضباط منها.
عزيزتي سكارليت، لقد نجحت مرة، وكنت سببا في كشف الظلم عن ثلاثة من المظلومين، ولكن القائمة طويلة وهناك من يحتاج دعمك ودعم الآخرين، طالما أن قدر مصر أن يحكمها نظام لا يحترم حقوق الإنسان إلا عندما تخاطبه نجمة مثل سكارليت جوهانسون، فيسمع ويطيع.
twitter.com/osgaweesh