سلطت تقارير عبرية الضوء على توجه رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ورئيس جهاز "الموساد"، يوسي كوهين، سرا، إلى مدينة "نيوم" الواقعة على شواطئ البحر الأحمر، حيث التقيا ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو.
واعتبرت عدة تقارير أن الزيارة تحمل عدة رسائل، أبرزها أن المبادرة العربية التي تبنتها السعودية لحل الصراع مع الاحتلال باتت "تاريخا"، وأن الرياض تعلن بذلك صراحة مضيها في التطبيع، فضلا عن كون اللقاء إعلانا عن حشد متجدد ضد إيران في المنطقة ونجاحا إسرائيليا بإعادة صياغة المعادلة الإقليمية ضد طهران.
وأوضحت "معاريف" في تقرير ترجمته "عربي21" أن طائرة نتنياهو شوهدت متوجهة إلى نيوم، حيث مكثت عدة ساعات، دون إبلاغ وزيري الحرب بيني غانتس والخارجية غابي أشكنازي.
والحديث يدور عن طائرة رجال أعمال خاصة يستخدمها رئيس الوزراء أحيانا، مع العلم أنه تم تأجيل اجتماع للكابينت الإسرائيلي الخاص بمواجهة كورونا بسبب الرحلة.
وأشار تقرير "معاريف" إلى أن "زيارة نتنياهو تمت على خلفية مخاوف إسرائيلية وسعودية من سياسة الرئيس المنتخب للولايات المتحدة جو بايدن، في ما يتعلق بالاتفاق النووي مع إيران، وقد حذر نتنياهو من العودة للاتفاق كما كان".
وأضاف: "وبفضل موقفنا الحازم ضد الأسلحة النووية الإيرانية، ومعارضتنا للاتفاق النووي معها، فقد غيرت العديد من الدول العربية بشكل جذري نهجها تجاه إسرائيل".
وأوضح أنها "ليست المرة الأولى التي تحذر فيها الحكومة الإسرائيلية من العودة للاتفاق النووي، فيما أكد وزير الاستخبارات إيلي كوهين أننا لن نسمح لإيران بترسيم تواجدها في سوريا، وأي خرق للسيادة الإسرائيلية سيواجه بصرامة".
وختم بالقول إن "العلاقات الإسرائيلية مع السعودية، في حال تحقيقها، ستكمل الخطوة التي بدأها الرئيس دونالد ترامب بشأن العلاقات بين إسرائيل والدول العربية المعتدلة، بعد أن وقعت الإمارات والبحرين بالفعل اتفاقيات معها، كما أنه تم التوصل لاتفاق مع السودان".
السعودية على طريق التطبيع
شمريت مائير، خبيرة الشؤون العربية زعمت أن "السعوديين لا يشعرون بالحرج من زيارة نتنياهو، ولقائه بولي عهدهم، لكن الموافقة على نشر الزيارة هي القصة الكبيرة، لا سيما أن الزيارة تمت بعد اتفاقيات التطبيع مع الإمارات والسودان والبحرين، ما يشير إلى أن إسرائيل في طريقها لاتفاق مع السعودية".
وأضافت في حوار مع صحيفة "معاريف"، وترجمته "عربي21" أن "الشيء المهم ليس الاجتماع، ولكن حقيقة أنه تم السماح بنشره، مع العلم أن لقاء نتنياهو مع ابن سلمان بحضور بومبيو فيه إشارة للجميع بأن السعودية تلعب دورا كاملا في لعبة التطبيع هذه بين إسرائيل والدول العربية".
وكشفت أن "هذا اللقاء ليس الأول بين نتنياهو وابن سلمان، وبين يوسي كوهين والسعوديين، لكن حقيقة أن هذا الشيء سمح بنشره مرة أخرى من قبل الرقابة أمر لافت، ويستحق التوقف، لأنه يعني بشكل واضح أن السعوديين لن يحرجهم هذا الأمر، خاصة أن الزيارة تتم عشية تنصيب بايدن، حيث تستعد العديد من الأطراف لتجهيز ملفاتها، وفي ما يتعلق بابن سلمان، فقد تكون مدينته السياحية الوجهة السياحية التالية للإسرائيليين".
اقرأ أيضا: وزير إسرائيلي يؤكد لقاء نتنياهو السري بابن سلمان في السعودية
وأضافت أن "زيارة نتنياهو إلى السعودية تتم وسط استكمال بايدن للتعيينات في إدارته المقبلة، خاصة وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي، ولديهما مواقف بشأن حقوق الإنسان في السعودية، ودورها الإقليمي بشكل عام، وابن سلمان، الذي لم يصبح ملكا بعد، بحاجة للمزيد من التجهيزات، وربما كان بحاجة لاحتضان الإسرائيليين من أجل مواجهة إدارة بايدن معا".
وزعمت أن "هناك رغبة إقليمية، ومنها سعودية، بتنسيق المواقف مع إسرائيل، لأن فرضية جميع الأطراف أن إدارة ترامب لن تنتظر طويلا، وقد يحتمل الأمر خطوة تطبيع، واتصالات، واجتماعات عامة، أو أن زيارة نتنياهو تحمل إشارة للجميع بأن السعودية تلعب دورا كاملا في اللعبة الدائرة في المنطقة، وهذا هو التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، ما جعل من الزيارة الدراما الكبرى لهذا اليوم".
وختمت بالقول إن "إسرائيل لم تكن لتكشف نبأ زيارة نتنياهو دون موافقة السعوديين، وهذا عمل لن يفعله نتنياهو، ولم يخاطر بمثل هذا الشيء، فربما كان الكشف عن الزيارة في أذهان السعوديين أيضا، لأن إسرائيل ودول الخليج تريد الوصول لهذه النقطة عندما يتقابلون وجها لوجه".
المبادرة السعودية "تاريخ"
ولـ"معاريف" أيضا، قال المستشرق الإسرائيلي، تسفيكا يحزكيلي، إن "تعابير لقاء نتنياهو وابن سلمان تحمل إشارات بأن المبادرة السعودية تعني تاريخا، والزيارة تعني تحالفا دفاعيا بين إسرائيل والسعودية ضد إيران، لكننا في الوقت ذاته لن نحصل على التطبيع الذي نريده".
وأضاف في مقابلة أجرتها معه الصحيفة، وترجمتها "عربي21"، أن "زيارة نتنياهو السرية للسعودية، ولقاءه بابن سلمان، تأتي وسط استعدادات لتغيير الإدارة الأمريكية، ومخاوف البلدين من عودة إدارة بايدن للاتفاق النووي مع إيران، ولذلك فإنني لم أكن متفاجئا من رحلة نتنياهو، الذي دأب على التحذير من إيران النووية، لكني لم أكن أقدر مدى إلحاح الأمر على السعوديين، والضغط عليهم في هذا الأمر، رغم أنهم من دفع لهذا الاجتماع".
وأشار إلى وجود توتر في الرياض إزاء قضية رفع العقوبات عن إيران، "لأن السعوديين قد يشعرون بالضعف، لأن الأمريكيين ليسوا في جوارهم، خاصة أن بايدن يرى الإيرانيين في مكان ما في هذه المنطقة كشركاء، لأنه يتعامل معهم بشكل مختلف عن ترامب".
وأوضح أن "زيارة نتنياهو الى السعودية تعني أن السعوديين قلقون من اليوم التالي لعهد ترامب، ولهذا السبب بادروا بالاتصال برئيس الوزراء الإسرائيلي، رغم إدراكهم أنه ليس لديهم ما يقدمونه لإسرائيل كهدية، لكنهم يعودون إلى النمط السابق للعلاقات القائمة على التعاون بشكل رئيسي مع رئيس الموساد ورئيس الوزراء".
وتابع بأن "الزيارة تحمل إشارات بأن الطرفين، السعودية وإسرائيل، ذاهبان في هذا الاتجاه، سيحدث ذلك، ولكن ليس بالسرعة التي كان يريدها ترامب، فإسرائيل لا تعمل على تعميق العلاقات الأمنية مع السعودية فحسب، بل أيضا العلاقات التجارية".
واستدرك بالقول: "لكننا لن نقبل بوضع التطبيع القائم مع السعودية، والقصة هي تحالف دفاعي ثنائي، رغم أنني أفهم مدى صعوبة الوضع في الخليج، السعوديون ما زالوا بحاجة إلينا".
وقال: "أوافق على أن هناك ثمنا للتطبيع السعودي مع إسرائيل، على افتراض أن الموساد يوافق على بيع برنامج بيغاسوس للسعودية (للتجسس)، ما يؤكد أن المبادرة السعودية باتت جزءا من التاريخ من حيث الجدوى في المنطقة، لأن السعوديين يعتقدون أن بقاءهم أهم شيء، فهم بحاجة إلينا، لذا فلا بد أن نتنياهو قد أعطى شيئا لطمأنة السعودية بشأن إيران، وهذا ما يحتاجونه منا، من الصعب عليهم إنكار مثل هذه الدعاية".
كيف تضغط السعودية على باكستان للاعتراف بـ"إسرائيل"؟
كاتب إسرائيلي: السعودية تعمل تدريجيا لتغيير موقفها تجاهنا
قناة إسرائيلية: عُمان تقترب من التطبيع.. لكنها تسير بحذر