نشرت صحيفة "إل سالتو
دياريو" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن العواقب التي يمكن أن تنجرّ عن فوز
ترامب في الانتخابات الرئاسية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن الهزيمة المدوية لترامب ستكون دون أدنى شك بمثابة
"صدمة" لهذه الموجة الجديدة من الحكومات والأحزاب الرجعية واليمينية
المتطرفة والشعبوية.
ربما نعيش في أكثر الأوقات اضطرابا في
تاريخ البشرية، وحالة الطوارئ الصحية التي كانت لها تكلفة بشرية واقتصادية هائلة،
ليست سوى جزء صغير مما ينتظرنا في المستقبل. وإذا فاز دونالد ترامب بولاية ثانية،
فقد يكون ذلك بداية نهاية الديمقراطية الأمريكية.
وأوضحت الصحيفة أن أربعة عقود من
النيوليبرالية، والفساد المنهجي، والرأسمالية الوحشية لغالبية السكان، والاشتراكية
للفئات الأغنى التي تمثل 1 بالمئة من الأمريكيين، كانت من العوامل التي ساهمت في
جلب دونالد ترامب إلى الرئاسة في سنة 2016. إن سياسته مزيج من "الأنا"
واستعباد النخب الاقتصادية التي سعت إلى تفكيك العناصر الإيجابية للمؤسسات التي
لطالما وفرت بعض الحماية ضد الانتهاكات المستمرة للنخب.
وأشارت الصحيفة إلى أن دخول ترامب
البيت الأبيض عمّق مشاكل انعدام المساواة في البلاد، وخرب الخطوات الصغيرة (وغير
الكافية) التي اتخذتها إدارة أوباما. ونتيجة لذلك، من المرجح أن ينتهي بنا المطاف
إذا ما فاز ترامب بولاية ثانية، بتفاقم أزمة المناخ، أو اندلاع حرب نووية.
وأضافت الصحيفة أن ترامب لم يكن وحده،
بل يؤيده الكثير من "النسور" في الحزب الجمهوري، الذين يتغاضون عن زلاته
وتنازلاته مع القادة الأكثر تطرفا على هذا الكوكب. ولا يعد إنكار الحزب أزمة
التغير المناخي أو موقفه العدواني تجاه إيران أو تعزيز العلاقات مع دول الخليج،
سوى أمثلة قليلة عن التهديد الذي يمثله كل من ترامب والحزب الجمهوري.
ووفقا لصحيفة "نيويورك
تايمز"، ألغى ترامب منذ توليه الرئاسة في 2017 حوالي 72 قاعدة ولائحة بيئية، وهو بصدد العمل على إلغاء حوالي 27 قاعدة أو لائحة أخرى. وقد قوبلت إجراءاته
بالرفض من قبل السكان والمنظمات البيئية، وحتى المحافظين أنفسهم، الذين حاولوا في
كثير من الأحيان تحديها.
إن التهديد المناخي خطير للغاية، مع تسارع
الاحترار، وتزايد احتمال حدوث عواقب كارثية وغير متوقعة، التي أصبحت ملموسة في
العديد من البلدان مثل اليمن؛ فقد دمرت
الفيضانات منازل اليمنيين وجزءا كبيرا من التراث اليمني، التي تأتي بعد أكثر من
خمس سنوات من الحرب. يعاني اليمن أيضا من موجات الجفاف والأمطار الطوفانية التي
تؤثر سلبا على الأراضي القابلة للزراعة، ما يفاقم مشكل المجاعة.
إن تقاعس إدارة ترامب عن التعامل مع
أزمة التغير المناخي ليس سوى علامة على عدم اكتراثها لمعاناة الشعوب الأكثر فقرا.
وإذا كان الحزب الديمقراطي مسؤولا عن فظائع وفضائح عدة، فإن الحزب الجمهوري مما لا
شك فيه أسوأ منه.
اضافة اعلان كورونا
أكدت الصحيفة على ضرورة أخذ هذا العامل
بعين الاعتبار خلال الانتخابات. ورغم عيوب جو بايدن، إلا أنه يظل أفضل بكثير من
ترامب؛ فقد دعمت إدارة أوباما التدخل العسكري السعودي في اليمن في سنة 2015، في وقت
لم تكن فيه علاقات المملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة في أفضل حالاتها،
وكانت مواقف حكومة باراك أوباما مقربة من مواقف إيران. ومنذ بداية الحرب، وإلى
غاية انتهاء ولاية أوباما في 2017، استمرت مبيعات الأسلحة للسعودية في التصاعد، رغم
فرض قيود على بعض العتاد الحربي.
وبينت الصحيفة أن وصول ترامب إلى البيت
الأبيض افترض تعزيز العلاقات مع ممالك الخليج، ومنح مجال أكبر للأمير السعودي محمد
بن سلمان، ليكون له نفوذ أكبر في المنطقة، وهذا يعني أن الأزمة الدبلوماسية بين
قطر والسعودية والإمارات والانتهاكات المستمرة في حق الشعب اليمني ستستمر طالما أن
ترامب في البيت الأبيض. وبالنظر إلى شعار "أمريكا أولا"، من الجلي أن
السياقات الإقليمية لا تكتسي أي أهمية بالنسبة لترامب، وأن الصفقات التجارية مع
السعوديين أهم بكثير من حياة 300 ألف مشرد في اليمن.
ومن بين أبرز الأدلة على ذلك، حادثة
اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية السعودية في إسطنبول، حيث كان رد فعل
إدارة ترامب وما تلاها من تصريحات غير متوقع. ووصلت أفعال دونالد ترامب المخزية
إلى ذروتها في صيف 2019، عندما استخدم حق النقض لوقف تمرير مشروع قانون وقف مبيعات
الأسلحة بقيمة 8 مليارات دولار؛ لأنها -حسب قوله- "تضعف القدرة التنافسية
العالمية للولايات المتحدة، وتضر علاقتها مع حلفائها".
وترى الصحيفة أن الفترة التي ترأس فيها
ترامب الولايات المتحدة تعد من أسوأ الفترات في تاريخها؛ بسبب تصرفاته المشينة، على
غرار الانسحاب من اتفاقية المناخ، ودعمه الواضح لدول الخليج، وزعزعة استقرار الشرق
الأوسط، إلى جانب فرض عقوبات وحشية على كل من إيران وفنزويلا، هذا إلى جانب سياسته
الدولية الجديدة التي زادت من عدم الاستقرار في العالم.
وتطرقت الصحيفة إلى فرضية اندلاع حرب نووية
جديدة بعد عقود من إنهاء الجدل القائم حول هذه الأسلحة؛ فخلال السنوات الأربع
الأخيرة، انسحبت الولايات المتحدة من ثلاث اتفاقيات نووية مهمة للغاية؛ لتجنب
التصعيد واستخدام أسلحة الدمار الشامل. وتفاقم التوتر بين الولايات المتحدة وإيران
بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الموقع مع طهران، واغتيال الجنرال
الإيراني قاسم سليماني.
كانت نوايا ترامب منذ البداية واضحة
لإدارته، فالصناعة العسكرية أكثر أهمية من أمن الشعب الأمريكي نفسه، الذي لن يكون
بمنأى عن التهديدات في حال اندلعت حرب نووية. وعلى نحو مماثل، لا تكترث إدارة
ترامب لحقوق الإنسان. أما فيما يتعلق بجائحة كورونا، فقد أدى التجاهل المتعمد
للمعلومات المتعلقة بمدى خطورة فيروس كورونا إلى وفاة أكثر من 230 ألف شخص في
الولايات المتحدة، هذا إلى جانب إذكاء العنصرية تجاه الصينيين بنعته فيروس كورونا
بـ"الفيروس الصيني". وينضاف
إلى كل هذه القرارات المتهورة، وسحب التمويل عن منظمة الصحة العالمية.
لا بد من إعادة النظر في مسألة التصويت لمثل هذه
الطبقة السياسية الرجعية واليمينية المتطرفة والمتعطشة للسلطة في أسرع وقت ممكن.
فهذا التهديد لا يجسده ترامب فقط، بل أشباهه كثيرون، على غرار الرئيس الهندي درام
نات كوفيند، والرئيس البرازيلي جايير بولسونارو.
وفي أوروبا، برزت حركات تسعى إلى التشجيع على
الكراهية والعنصرية، وتمكنت من تحقيق نتائج انتخابية عظيمة. وفي إسبانيا، يعتبر
حزب فوكس من أكثر الأحزاب تطرفا؛ ولهذا السبب، ستكون هزيمة ترامب في الانتخابات
المقبلة بمثابة نكسة لهذه الموجة الجديدة من الحكومات والأحزاب الرجعية، التي تماما
مثل الحركة الفاشية في الثلاثينات استغلت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية لصالحها.
وخلصت الصحيفة إلى أن مختلف التهديدات التي
تتربص بالعالم والولايات المتحدة لا يمكن تجنبها إلا بحدوث تحول ديمقراطي يغير
نموذج الإنتاج ويبني جسورا جديدة بين البلدان؛ للخروج من واحدة من أعظم الأزمات
التي مرت بها البشرية على الإطلاق، ومن الضروري زيادة التعاون الدولي بين البلدان
لإرساء نظام أكثر عدلا وديمقراطية وشمولا يتماشى مع مطالب السكان وليس النخبة
السياسية. إننا في وضع صعب للغاية، وفوز ترامب بعهدة ثانية سيكون له تداعيات سيئة
جدا على المستوى العالمي.
FP: هكذا أصبحت أمريكا تشبه الديمقراطيات الهشة
معارضة سعودية: ابن سلمان مهدد بفقد حليفه ترامب
إندبندنت: لو رحل ترامب فمن سيبقى لحماية ابن سلمان؟