نشرت صحيفة "فزغلياد" الروسية تقريرا، تحدثت فيه عن احتمالات وضع حد للحرب الأهلية في ليبيا، بعد اتفاق سلطات شرق وغرب البلاد على وقف إطلاق النار وفتح الطرق، واستئناف الرحلات الجوية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن مبعوثي الأطراف المتحاربة ورئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والممثلة الخاصة للأمين العام بالإنابة ستيفاني وليامز، وقعوا على اتفاق لوقف إطلاق النار بشكل دائم في ليبيا.
وانطلقت المحادثات يوم الإثنين الماضي، وأسفرت عن اتفاق ملموس، وقد سبق أن أعلنت وليامز عن اتفاق الطرفين على فتح جميع الطرق البرية التي تربط بين المناطق والمدن الليبية.
وذكرت وليامز أن الحركة الجوية بين طرابلس وبنغازي استؤنفت قبل أسبوع، علما بأنه كان من الصعب تخيل مثل هذه الرحلات في وقت سابق.
ذكرت الصحيفة أن بنغازي هي العاصمة غير الرسمية للقوات الموالية لحفتر، التي حاولت السيطرة على طرابلس مؤخرا في محاولة للإطاحة بحكومة فايز سراج. وعلى عكس الوضع السائد في سنة 2011، لا تزال الولايات المتحدة تحافظ على الحياد في الصراع الليبي، حيث سبق أن أشارت وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن هذه الحرب مشكلة أوروبا وحدها.
اقرأ أيضا: التوقيع على اتفاق دائم لوقف النار في ليبيا.. وأردوغان يعلق
ونقلت الصحيفة عن الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، كيريل سيميونوف، أنه بعد الإطاحة بمعمر القذافي، بدأت روسيا في بناء علاقات مع السلطات الجديدة في ليبيا، مهتمة في المقام الأول بتجديد العقود الموقعة مع النظام السابق، التي كانت قريبة بالفعل من التنفيذ العملي.
ويؤكد الخبير أنه لا يمكن تنفيذ المشاريع الروسية في ظل استمرار الحرب، لذلك تحتاج روسيا إلى إرساء السلام، بغض النظر عن الطرف الذي سيستلم زمام الحكم.
ويضيف سيميونوف أنه "حتى تقسيم البلاد إلى غرب وشرق لن يضر، طالما أن الأطراف المتناحرة ستتوقف عن قتال بعضها البعض. ويمكن توقيع العقود مع الهيئات الوطنية مثل البنك المركزي ومؤسسة النفط الوطنية. كما يرى الخبير أن بناء السكك الحديدية أكثر أهمية من مصافي النفط".
وحسب الأستاذ بقسم العلوم السياسية في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، غريغوري لوكيانوف، فإن تطوير العلاقات على المدى الطويل بين موسكو وطرابلس لا يمكن تحقيقه إلا في حال استئناف العملية السياسية وانتخاب سلطة شرعية. ومع ذلك، ظهرت فرصة للمصالحة بعد إيجاد طرفي النزاع قيمة في اتفاق جنيف.
وفي الواقع، يهتم العديد من اللاعبين، سواء داخل ليبيا أو خارجها، بإحياء السلام. وبما أن وصول الطرفين إلى اتفاق يخدم مصالح موسكو، فقد دعمت روسيا أنشطة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا باستمرار.
وأوردت الصحيفة أن مصالح روسيا في ليبيا ذات طبيعة جيوسياسية واقتصادية. وخلال زيارة فلاديمير بوتين إلى طرابلس في ربيع 2008، توصل الطرفان إلى اتفاقات بشأن توريد الأسلحة، ولا تزال العقود قيد المناقشة. ومن جانبها، تلقت شركة السكك الحديدية الروسية طلبا بإنشاء سكة حديدية تربط بين سرت وبنغازي بكلفة 2.5 مليار.
إلى جانب ذلك، صرح سيميونوف بأن المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا مهتمة بمواصلة الشركات الروسية المتخصصة في مجال النفط عمليات التنقيب الجيولوجي والتطوير.
اقرأ أيضا: صور جوية تظهر طائرة تحمل دعما لـ"الفاغنر" بالجفرة
ويضيف سيمينوف: "قد يؤثر الوضع الذي سينشأ بعد إبرام الهدنة في جنيف على المنتجين الذين حاولوا استخدام المخططات الرمادية لتصدير النفط الليبي المنتج في شرق البلاد، في محاولة لتجاوز الحظر المفروض".
وأوردت الصحيفة أن جميع القوى السياسية في ليبيا اليوم، بما في ذلك تلك التي دعمت حفتر في وقت سابق، ترفض تصدير النفط بشكل غير قانوني، وذلك حسب سيميونوف. كما أن ليبيا مستعدة للتعاون مع روسيا في المجال العسكري، على الرغم من اعتقاد العديد من الجهات في ليبيا بأن روسيا كانت ولا تزال حليفة حفتر.
ويرى سيميونوف أن التعاون مع السلطات الليبية قد يشمل حتى إنشاء قواعد عسكرية ومطارات من أجل حماية المصالح الروسية.
وأورد سيميونوف أن التفاوض على هذا الأمر مع أي ممثلين لليبيا، سواء في الغرب أو في الشرق، ممكن، لا سيما أن مثل هذه الخدمات لا تشكل تهديدا على مصالحهم". ويمكن أن تكون إمدادات الحبوب قطاعا آخر مربحا، حيث دأبت روسيا في وقت سابق على تصدير حبوبها إلى ليبيا عبر وسطاء، غير أنه تم السنة الماضية التوصل إلى اتفاقات بشأن التصدير المباشر.
ومن الناحية الاقتصادية، ومقارنة بسوريا، قد يعود التعاون مع ليبيا بالعديد من الفوائد على روسيا، لا سيما أن طرابلس لا تخضع لعقوبات دولية، ولم تدعم موسكو بشكل علني أي جهة في الحرب الأهلية.
بعد اكتشاف المزيد من الغاز.. هل ما زالت تركيا بحاجة لروسيا؟
موقع أمريكي: الحرب بسوريا أدت لجيل لا يعرف إلا مهارة القتال
هل تشكّل أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية بسوريا تحديا لروسيا؟