نشر موقع "
نيوز ري" الروسي
تقريرا تحدث فيه عن تأثير اكتشافات
الغاز التركية المتلاحقة في البحر الأسود على
الصادرات الروسية.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته
"عربي21"، إن صادرات الغاز الروسي التي تعرضت لمنافسة شديدة من دول
منتجة أخرى خلال السنوات الماضية، قد تواجه في السنوات القليلة القادمة تحديا جديا
من
تركيا التي اكتشفت احتياطيات هامة من الغاز خلال الفترة الأخيرة.
وقد أعلنت تركيا خلال الأيام الماضية
اكتشاف 85 مليار متر مكعب إضافي من الغاز الطبيعي في البحر الأسود، وأكد الرئيس
التركي أن أنقرة تتوقع بدء إنتاج الغاز في الحقل الجديد عام 2023، متوعدا بمواصلة
التنقيب في البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط.
من جانبه، صرح وزير الخارجية التركي
مولود جاويش أوغلو أن الغاز الطبيعي المكتشف حديثا سوف يُستخدم لتلبية الاحتياجات
المحلية، مع إمكانية تصدير الفائض إلى أوروبا. وقال أوغلو إن الاكتشافات المتتالية
ستمنح تركيا فرصة تنويع صادراتها من الغاز الطبيعي.
احتياطات هامة.. لكن!
في هذا السياق، يقول ديمتري
مارينشينكو، المحلل في مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني: "المرجّح أننا نتحدث عن
حقل ضخم، يمكن أن يقلّص تطويره من احتياجات تركيا لاستيراد الغاز، بما في ذلك
الغاز الروسي". وبحسب الخبير الروسي، فإن احتياطيات الغاز المكتشفة في الجرف
القاري التركي قد تؤدي إلى التقليل من أهمية استخدام خط أنابيب السيل الذي يربط
بين تركيا وروسيا.
ويؤكد الباحث بمعهد الدراسات السياسية
والاجتماعية لمنطقتي البحر الأسود وقزوين، فيكتور نادين رايفسكي، أن تركيا كانت قد
بدأت تدريجيا الاستغناء عن الغاز الروسي وتتجه نحو زيادة وارداتها من دول أخرى، ويضيف:
"تراجعت مكانة
روسيا التي كانت تحتل المرتبة الأولى في السوق التركية سابقا،
إلى المرتبة الخامسة. وعلى الرغم من أن إنتاج تركيا للغاز الطبيعي لن يبدأ بشكل
فوري وسوف يستغرق عدة سنوات للمزيد من الاستكشاف والحفر والتطوير، إلا أن ذلك
سيؤدي بلا شك إلى انخفاض مستويات الاستيراد من روسيا مستقبلا".
ويعتقد رايفسكي أن العامل الجيوسياسي،
والمتمثل في تعارض مصالح أنقرة وموسكو في عدد من المناطق، هو السبب الرئيسي وراء
تقليص الواردات من روسيا، والسعي إلى عدم الاعتماد مستقبلا على إمدادات الغاز
الروسية.
وكانت تركيا قد أعلنت عام 2006 عن خطة
"الوطن الأزرق" التي تهدف إلى تعزيز نفوذها في البحار المحيطة بها
واستخدام الموارد المتاحة من أجل دعم استقلاليتها عن الدول المصدرة.
في المقابل، يرى نائب مدير الطاقة في
معهد الطاقة والمالية الروسي، أليكسي بيلوغورييف، أن خطط تركيا لاستخراج الغاز من
حقل سكاريا يشوبها الغموض، ويوضح قائلا: "في البحر الأسود لا توجد أمثلة على
التطوير الفعّال لمثل هذه الحقول، علما أن التجربة الرومانية لم تحقق أي نجاح. لا
يوجد شك في قدرة تركيا على إدخال الحقل الجديد حيز الاستغلال بحلول عام 2023. لكن
بالنظر إلى الوضع الحالي الذي تعيشه سوق الغاز، من المستبعد أن تشارك الشركات
الأجنبية بفعالية في تطوير هذه الحقول".
ويؤكد بيلوغورييف أنه على الرغم من
الحجم الكبير للموارد المكتشفة في الحقل التركي، غير أن مستوى الإنتاج السنوي لا
يمكن أن يتعدى 8 أو 10 مليارات متر مكعب، وسيغطي ذلك جزءا من الاستهلاك اليومي، لكن مستويات
الاستهلاك سترتفع حينذاك، كما أن على تركيا أن تخرج من الأزمة الاقتصادية التي
تعيشها حاليا.
انخفاض الواردات
تُعتبر تركيا من أكبر الأسواق
المستهلكة للغاز الروسي، لكن صادراتها شهدت انخفاضا لافتا في السنوات الأخيرة. في
سنة 2019، انخفضت مبيعات شركة غازبروم الروسية في السوق التركية بنسبة 35
بالمئة، لتصل 15.5 مليار متر مكعب.
ووفق هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية،
تم استيراد 4.68 مليارات متر مكعب من الغاز الروسي في النصف الأول من سنة 2020، أي
أقل بنسبة 41.5 بالمئة مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية.
وتراجعت روسيا من مركزها الأول كأكبر
مصدر للغاز إلى تركيا في 2019، إلى المركز الثاني بعد أذربيجان في 2020.
ويقول سيرجي كومليف رئيس دائرة العقود
والأسعار في وحدة التصدير بشركة غازبروم، إن الشركة تتوقع زيادة في حجم مشتريات
تركيا من الغاز الروسي بسبب انخفاض سعر مؤشر النفط.
لكن الشركة الروسية ترى أن الزيادة
المتوقعة في الواردات قد لا تعوض الخسائر الناجمة عن انخفاض عمليات التسليم في
النصف الأول من هذا العام.
ويؤكد بيلوغورييف أن ارتفاع أسعار
الغاز الروسي مقارنة ببقية المنتجين هو السبب الرئيسي لانخفاض الطلب التركي في
النصف الأول من هذا العام، ويرى أن غازبروم لم تقرأ جيدا المؤشرات الواضحة خلال
السنوات الماضية مع انخفاض صادراتها إلى تركيا.
وحسب الخبير الروسي، فإن تراجع صادرات
الغاز الروسي إلى تركيا يهدد مشروع خط أنابيب "السيل التركي" الذي تم
إطلاقه هذا العام، لكنه يعتقد أن تركيا
ستواصل الاعتماد على الغاز الروسي لتأمين احتياجاتها في حالات الذروة، وكذلك في
حالة انقطاع الإمدادات من الدول الأخرى، مثلما حدث بعد انفجار خط أنابيب الغاز
الإيراني.