أثارت الحملة التي أطلقتها الحكومة الفرنسية،
ضد عشرات الشخصيات المسلمة في البلاد، بعد حادثة قتل مدرس نشر الرسوم المسيئة
للنبي، تساؤلات بشأن خلفياتها وحدتها، خاصة أنها ترافقت مع تصريحات شديدة من قبل
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن الإسلام قبل أيام.
وشملت الحملة عمليات توقيف لأشخاص قالت السلطات
الفرنسية إنهم مشتبه بهم، وزعمت أنهم وراء فتوى لقتل الأستاذ، علاوة على ذلك قالت
إنها فتحت 80 تحقيقا بشأن "الكراهية عبر الإنترنت".
وعقد مجلس الدفاع الفرنسي جلسة برئاسة ماكرون، قرر فيها تعزيز الأمن في المنشآت المدرسية في الدخول المدرسي بعد انقضاء إجازة
الخريف، واتخاذ إجراءات وتدابير ملموسة وسريعة ضد الترويج لخطاب الكراهية أو دعمه
من قبل مؤسسات أو أفراد.
من جانبه قال وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان إن "51
كيانا مجتمعيا سيشهد على مدى الأسبوع عددا من الزيارات لأجهزة الدولة والعديد من
بينها سيتمّ حلها في مجلس الوزراء، بناء على اقتراحي، من بينها التجمع ضد
الإسلاموفوبيا في فرنسا".
وزعم
الوزير الفرنسي أن "التجمع ضد الإسلاموفوبيا متورط علنا في الجريمة".
أستاذ الشريعة والسياسي الأردني الدكتور بسام العموش قال إن المسلمين
ضحية لجهات تحاول افتعال إشكالات وخلق فتن، في ظل توجهات مسيئة للإسلام يمارسها
السياسيون الفرنسيون.
وقال العموش لـ"عربي21"، ما حدث بباريس ليس الأول،
والمسلمون لا يقبلون القتل حتى لشخص أساء للنبي أو للإسلام، وعلى مدار التاريخ
الإسلام دين يبتلع الغزاة، وما حدث للتتار معروف غزوا بلادنا ثم أسلموا، ولن يؤثر
فينا إساءات البعض.
وأضاف: "في فرنسا يعانون من أزمة ضد الإسلام، والمسلمين، لكن في
المقابل في بلادنا غير المسلمين يعيشون جنبا إلى جنب معنا وشركاء لنا بكل
شيء". وتابع: "ماكرون يتصرف بصبيانية ويتحدث عن الإسلام بطريقة مشينة،
والجميع يعلم أنه ألغى كلمته في استقبال الرهينة الفرنسية، التي قالت إنها تحولت للإسلام، بسبب هذا الأمر".
إقرأ أيضا: فرنسا تشن حملة أمنية ضد إسلاميين بعد مقتل مدرس التاريخ
وأشار العموش إلى أن 10 بالمئة من سكان فرنسا مسلمون، وتساءل:
"كيف له أن يتصادم مع هذه الفئة الكبيرة من المسلمين، إلا بسبب تفاهات
وملاحقات غير عقلانية للدين الإسلامي وللحجاب، في المقابل الأديان الأخرى يسمح لها
بممارسة طقوسها وعاداتها".
وقال أستاذ الشريعة: "المسلمون لا يؤمنون
بالقتل والاغتيالات، لكن يجب بالمقابل التمييز بين حرية الرأي، والإساءة لرموز
الأديان".
ودعا المسلمين إلى ضبط النفس والإعراض عن استفزازاتهم،
والتعاون مع الفئات التي ترفض الإساءة للمسلمين، واضطهادهم، لأنها كثيرة رغم وجود
كثير من المتطرفين.
من جانبه قال الباحث والمختص بالشؤون
الأوروبية والدولية حسام شاكر، إن السلطات الفرنسية، أطلقت وصف الإسلاميين على
الجهات التي تلاحقها، في عبارة فضفاضة، لا يعلم الغرض من ورائها، أو الجهة
المقصودة بها.
وأضاف شاكر لـ"عربي21"،
"المصطلح إشكالي وغير منضبط ويثير الشكوك حوله، والواضح أنه يتجاوز حادثة
باريس، وهناك رؤية عرضها ماكرون تعبر عن مشكلته في النظرة للتنوع وخاصة المسلمين،
وتم إسقاطها على حادثة باريس".
وأشار الباحث إلى أن مشكلة فرنسا مزمنة مع
المسلمين، وتتصاعد في الحملات الإنتخابية، وهناك اتجاه لأقصى اليمين في فرنسا، وهو
من يقود الحملة الانتخابية، والوضع بالنسبة للمسلمين هناك صعب وحساس وشائك.
وشدد على أن هناك حالة "ذم عامة
للمسلمين ومحاولة عزلهم في مناطقهم ومساكنهم، في ظل إدارة مأزومة وتتجه نحو مزيد
من التأزيم والتصعيد، ولا تريد بناء ثقة بين المواطنين والدولة".
وأكد شاكر على أهمية "سحب البساط من تحت
أقدام الخطابات المتطرفة، ومنع استغلال الأحداث الأمنية، وتجاوز فاعليها الأصليين نحو
المسؤولية الجماعية بشكل عام للمسلمين، في ظل غياب الحكمة عن القيادة الفرنسية في
هذا الملف".
ورأى أن خيارات المسلمين في الانتخابات
"صعبة جدا، ولا يوجد شركاء حقيقيون يهتمون بالشأن الإسلامي، والأحزاب
المعتدلة ضعيفة وصوتها غائب، أمام 15 عاما من قوانين التضييق والحظر على المسلمين
في ملابسهم وعاداتهم، والأزمة تخترق حدود فرنسا، إلى مناطق متعددة بأوروبا على شكل
نذير شؤم".
هل يريد "لودريان" دعم دستور الجزائر أم التشويش عليه؟
لماذا عجزت "مينسك" عن حل نزاع قره باغ طيلة 28 عاما؟
قيادي بتيار عون لعربي21: وصلنا لمرحلة مفتوحة لكل الاحتمالات