قال كاتب إسرائيلي إنه "في الوقت الذي يتحدث فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن وصول سياح مسلمين للحرم القدسي بعد الاتفاق مع الإمارات، فإن الخبراء الإسرائيليين أكثر تشاؤما، ويعبرون عن خوفهم من التوترات المتوقعة في الحرم، لأن خطاب ترامب بشأن القدس يقلق الفلسطينيين والأردنيين".
وأضاف ناتي يافيت، في تقريره المطول على موقع زمن إسرائيل، ترجمته "عربي21"، أن "أعظم الساعين للسلام في إسرائيل لا يمكنهم أن يظلوا غير مبالين بالرسوم الكاريكاتورية المعادية للسامية المنتشرة في الصحف العربية، بما فيها مصر والأردن الموقعتان على اتفاقات سلام مع إسرائيل، وتركز هذه الرسوم على ما تعتبره التهديد الإسرائيلي للحرم القدسي الشريف، حيث يقع المسجد الأقصى".
وأكد أن "ما يصفه العرب والمسلمون بـ"المؤامرة ضد الأقصى"، تتمثل بسعي إسرائيل لتدمير المسجد الأقصى، وبناء الهيكل الثالث محله، وبات شعار "الأقصى في خطر" يعتنقه في العقود الأخيرة قادة مثل الشيخ رائد صلاح، مؤسس الحركة الإسلامية في إسرائيل، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان".
الأقصى في خطر
وأوضح أنه "في الوقت ذاته، شهد العقد الأخير زيادة في أعداد اليهود الساعين للصلاة في الحرم، ما ساهم بزيادة التوتر مع الفلسطينيين، مع العلم أنه في المجال السياسي تعدّ مكانة الحرم إحدى صخور الخلاف بين إسرائيل والفلسطينيين، وتسبب أزمات متتالية مع الأردن، المسؤولة عن الشؤون الدينية في الحرم من خلال دائرة الأوقاف".
وأشار إلى أن "المستمع للرئيس الأمريكي ومستشاره وصهره جاريد كوشنير، حول الاتفاقية الإبراهيمية، يرى أن الحرم القدسي حاز على مساحة واسعة فيها، فقد أعلن كوشنير أننا "فتحنا الحرم لجميع المسلمين"، وفي حفل التوقيع في البيت الأبيض، كرر ترامب رسالة مماثلة بقوله إن "الاتفاقات الإبراهيمية تفتح الأبواب للمسلمين في جميع أنحاء العالم لزيارة المواقع التاريخية في إسرائيل والصلاة".
اقرأ أيضا: كاتب إسرائيلي يطالب باستبعاد السلطة والأردن من إدارة الأقصى
نداف شرغاي، الباحث في مركز القدس للشؤون العامة والدولة، قال إن "حشود المسلمين تشتري رواية "الأقصى في خطر"، وتوقع ترامب بأن زيارات المسلمين من أنحاء العالم ستكون قادرة على تبديدها؛ الآن ستأتي جماهير المسلمين للأقصى، وتدرك أنه لا يوجد أساس لهذا الشعار، مع العلم أن تخلي إسرائيل عن الحرم القدسي منذ 1967، تمثل بإعطاء موشيه ديان مفاتيح الوقف، ومنحها استقلالية إدارية دينية".
وأضاف أن "إسرائيل افترضت أن سلوكها هذا يقيم حاجزا بين البعدين القومي والديني للصراع، ولكن بالنظر للماضي، فقد كانت فكرة ساذجة، وحين تم السلام مع الأردن في 1994، تم اعتراف بمكانته العليا بين العناصر الإسلامية في الحرم القدسي، لأنه الوصي على الأماكن المقدسة للإسلام، وحين رفعت إسرائيل مكانة الأردن، فإنها سعت لتخفيض مكانة عناصر أخرى، مثل الحركة الإسلامية في إسرائيل وحماس وتركيا".
دوافع الهجمات
وزعم أن "الكثير من المسلحين الفلسطينيين في السنوات الأخيرة يستوحون شعار "الأقصى في خطر" لدى تنفيذهم لهجماتهم، في حين أن اليهود من جهتهم يحلمون بمعبد ثالث منذ ألفي عام، وينعكس ذلك في الصلوات والترانيم والنشاط السياسي والإرهابي الذي يمارسونه".
وأوضح أن "بعض أعضاء الحركة الصهيونية الدينية السرية "السرية اليهودية" خططوا في ثمانينيات القرن الماضي لتفجير المسجد الأقصى، وفي 1982 نفذ الجندي آلان غودمان هجوما بالرصاص على الحرم القدسي، وتم القبض على أعضاء عصابة "لفتا" اليهودية، مزودين بعبوات ناسفة لتفجيرها في الحرم".
عوديد عيران، السفير الإسرائيلي السابق لدى الاتحاد الأوروبي والأردن، اعتبر أن "الأردن رأى في اتفاق الإمارات مع إسرائيل تقليصا لوضع في الحرم، لأن أبو ظبي تتوصل لاتفاق مع إسرائيل، بينما في اتفاق السلام 1994 مع الأردن، هناك بند خاص يقول إن إسرائيل تعترف بوضعه الخاص في الأماكن المقدسة الإسلامية، وهو ما يدعو الأردن للقلق من اتفاق الإمارات وإسرائيل".
وأشار إلى أنه "في العقد الماضي، اخترق الصراع حول الحرم القدسي التيار اليميني الإسرائيلي، وأصبح جدول أعمال مفتوحا لأعضاء الليكود، بما في ذلك يهودا غليك وميري ريغيف، فيما اتجه العديد من الإسرائيليين لتأسيس منظمات مثل "معهد الهيكل" وحركة "تأسيس الهيكل"، وفي نهاية 2014، أصدر 50 حاخاما من الصهيونية الدينية دعوة عامة للصعود للحرم".
اقرأ أيضا: ما السيناريوهات المتوقعة لزيارة وفود تطبيعية للأقصى؟
اقتحامات اليهود
وأكد أن "الدعوات اليهودية المتزايدة لممارسة السيادة على الحرم القدسي دفعت المفوض السابق للشرطة يوحانان دانينو لتوجيه كلمات قاسية للسياسيين الإسرائيليين أوائل 2015، جاء فيها أن "الصراع حول الحرم القدسي يشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل، لا يقل عن القصف، لأن دخول عناصر يهودية إلى الحرم، باعتبارها أجندة لتغيير الوضع الراهن في الحرم القدسي الشريف، لا يشعل فقط إسرائيل، وليس فقط الشرق الأوسط، ولكن العالم الإسلامي بأسره، مليار شخص".
وأضاف أنه "في سبتمبر 2015 ويوليو 2017، وقعت أزمتان كبيرتان على الحرم القدسي، ونشبت اشتباكات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتسببت أحداث 2015 بقطع الاتصالات الأردنية الإسرائيلية، خوفا من انتهاكها للوضع الراهن الذي يمنحها إدارة دينية على الحرم، واستدعاء وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للوساطة، وتم التأكيد على دور الأردن، وسماح إسرائيل للمسلمين بالصلاة في الحرم، ولغير المسلمين بزيارته فقط، والإعلان بأنها لا تنوي تقسيمه، وملتزمة بزيادة التنسيق مع الأردن والسلطة فيما يتعلق بما يحدث فيه".
وأشار إلى أنه "في 2017 عقب هجوم إطلاق نار قتل فيه جنديان من حرس الحدود في الحرم، استبقت الشرطة دخول المسلمين للحرم لأداء صلاة الجمعة، فوضعت أجهزة كشف المعادن المثيرة للجدل، وهي أجهزة قياس مغناطيسية عند مدخل الحرم، أثارت غضب الفلسطينيين، واعتبار الأردنيين بأنها انتهاك للوضع الراهن، لكن إسرائيل أزالتها بعد عشرة أيام فقط".
مسيرة التطبيع
وأضاف أن "الحديث اليوم عن زيارات المسلمين للقدس في ظل عملية التطبيع الجارية، يشمل رسم خرائط لمشغلي السياحة المعنيين في إسرائيل، ورسائل تسويقية، وحسابات اقتصادية، مع أن أهم سياحة إسلامية إلى الأقصى تأتي من تركيا، لكن نطاقها ضئيل نسبيا، حوالي 26 ألف حاج عام 2018، في حين أن الحرم القدسي فتح أمام المصلين اليهود من متوسط 5000 زائر في 2019، إلى 37-38 ألفا، وهي قفزة كبيرة للغاية".
وأشار إلى أن "السعودية معنية بأن تكتسب موطئ قدم في الحرم، وهو أمر يخشاه الأردن جدا؛ لأن مكانتها في الحرم ليست مجرد حق تاريخي وديني، بل مرساة استقرار، من دونها يتم تقويض النظام، وخضوعه لتهديد أكبر بكثير من الإسلاميين".
كوبي ميخائيل، الباحث بمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، قال إن "خطاب ترامب حول القدس شكل مصدر قلق كبير للفلسطينيين والأردنيين، لأنه دليل نهائي إضافي على استيلاء إسرائيل على الحرم الإسلامي؛ لأنها، بنظر الفلسطينيين، تتآمر دائما للسيطرة على الحرم القدسي، وتدمير أساساته، في المقابل لا أتوقع أن تأتي أعداد غفيرة من المسلمين للأقصى في المستقبل القريب، رغم دعوات الإمارات لذلك".
باكو قد تعيد التفكير بعلاقتها مع تل أبيب عقب الصراع بقره باغ
كاتب إسرائيلي يطالب باستبعاد السلطة والأردن من إدارة الأقصى
موقع إسرائيلي: التطبيع مع أبو ظبي سيطرح لتصويت الكنيست