قضايا وآراء

اتفاقية الإمارات.. هل هي طلاق مع القضية الفلسطينية؟

1300x600
توجت الإمارات علاقاتها مع الكيان الصهيوني باتفاقية سلام وتطبيع كامل وعلني.

وتأتي اتفاقية الإمارات لتضاف إلى اتفاقيات أخرى طعنت القضية الفلسطينية وقضية القدس في الصميم (كامب ديفيد، وادي عربة، أوسلو).

استراتيجية الصهاينة كانت واضحة تماما؛ تحييد العرب والاستفراد بالفلسطينيين، أملا في تصفية القضية الفلسطينية، حتى تصل إلى هدفها الأسمى وهو أن تكون كيانا طبيعيا في المنطقة وتتبوأ موقع الزعامة فيه.

لقد حققت تلك الاستراتيجية هدفها منذ أن أقدم السادات على توقيع كامب ديفيد، وما بعدها كان توابع للانهيار الكبير. وكانت البداية حين رضخ العرب واستسلموا وحجّوا للقاهرة وأعادوا مقر الجامعة العربية لأحضانها، لترفرف أعلام العرب جنبا إلى جنب مع علم الكيان الصهيوني.

رفضت الشعوب تلك الاتفاقيات، لكنها استسلمت لواقع القمع والترهيب والتزييف، وكانت الضربة القاصمة الكبرى توقيع اتفاقية أوسلو عام 1994، وذلك بعد أن أصبحت القيادة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات كالأيتام على موائد اللئام بعد أزمة الخليج الأولى وغزو الكويت. لقد كان ثمن بقاء القيادة باهظا جدا جدا.

عندما يوقع أصحاب القضية ويطبعون فما على الذين كانوا يقدمون خطوة ويرجعون، والذين يلتقون الصهاينة بالليل وخلف الأضواء، إلا أن يتنفسوا الصعداء ويعلنوا تلك العلاقات!

ما كان النظام العربي الرسمي يوما صادقا في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، بل كان بقاء الأنظمة والقيادات والعائلات هو الأولية، ومن أجل الحفاظ عليها يمكن دفع أي ثمن حتى لو كان بحجم فلسطين والقدس.

اتفاقية الإمارات مع الكيان الصهيوني تأتي هذه المرة في أجواء شتم وسب القضية الفلسطينية، وفي أجواء حملة شعواء لتشويه القضية الفلسطينية وأصحابها، وهي حملات شبه رسمية يقوم بها الذباب الالكتروني بالنيابة.

كما تأتي في سياق الفصل بين العلاقة مع الكيان الصهيوني والقضية الفلسطينية؛ فهذا أمر وذاك أمر آخر تماما، ولا يجب الربط بينهما!! تماما كما علاقة أي دولة أفريقية غير عربية أو دولة في أمريكا اللاتينية بالقضية الفلسطينية من جهة؛ وبالكيان الصهيوني من جهة أخرى.

من هنا تأتي خطورة الاتفاقية الإماراتية الصهيونية، فهي تقفز بالاستراتيجية الصهيونية إلى مقاربات جديدة للصراع العربي الصهيوني؛ وتخلخل هذا المصطلح وتحاول تفكيكيه بحيث لا يعود له وجود على الإطلاق. أما في ما يتعلق بالصراع الفلسطيني الصهيوني فهو منفصل تماما عن العرب وسيتعاملون معه كقضية إنسانية، وليس كقضية سياسية يمكن أن تؤثر على علاقتهم بالكيان الصهيوني.

ستشعر الشعوب العربية، وسيشعر كل مناصر للقضية الفلسطينية بالإحباط جراء الخذلان العربي الرسمي لأعدل وأنبل وأقدس قضية عربية، لكن ما أقدمت عليه الإمارات ويمكن أن تقدم عليه دول عربية أخرى، كما يبشرنا كوشنير صهر ترامب، لن يزيد الأمر سوءا أكثر مما هو عليه، فالرأي العام العربي قد كبّر على النظام العربي الرسمي أربعا منذ زمن، والفلسطينيون باتوا لا يطلبون من الأنظمة العربية سوى الحياد وعدم طعنهم من الخلف.