نشر موقع "المونيتور" مقالا للصحفي التركي "فهيم تاستيكين"، سلط فيه الضوء على أهمية المعطى الجديد في الملف الليبي، وهو دور دبلوماسية مالطا.
وقال الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن تركيا، بعد ضمان دعم مالطا للحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس، تأمل الآن بتعاون لتحقيق هدفين رئيسيين، أولهما صد جهود فرنسا واليونان لمنع تحركات تركيا في ليبيا.
وثانيا، بحسب المقال، فإن التقارب بين تركيا ومالطا قد يخدم طلب أنقرة لتأمين قاعدة جوية بالقرب من ليبيا؛ لمواجهة عملية عسكرية مصرية محتملة، ولتوسيع عملياتها العسكرية في هذا البلد الذي مزقته الحرب، لكسر الجمود حول سرت والجفرة.
ولصعوبة توفير الدعم الجوي عن بعد أكثر من 1500 كيلومتر، تحتاج تركيا لتأمين قاعدة جوية بالقرب من ليبيا أو داخلها.
وبالرغم من الجهود للاستقرار في قاعدة الوطية التي قامت القوات الليبية المدعومة من تركيا بتحريرها في أوائل تموز/ يوليو، فإن المنطقة تبقى معرضة للخطر.
وهناك بدائل ثلاثة: تونس والجزائر ومالطا، ولكن السياسات الهشة في تونس لا تخدم أجندة تركيا. ومع أن حلفاء تركيا من الإخوان المسلمين، الذين يشاركون في الائتلاف الحاكم في تونس، يبدون مستعدين لدعم أنقرة، إلا أن الفاعلين السياسيين الآخرين يعارضون بشدة أي تورط في الصراع.
أما الجزائر، فبالرغم من المحافظة على علاقات جيدة مع تركيا، بقيت ضد التدخل الأجنبي في ليبيا. والخيار المتبقي هو الجزيرة العضو في الاتحاد الأوروبي التي تقع على بعد 355 كيلومترا شمال الساحل الليبي.
ومع ذلك، يعدّ أي ضوء أخضر من مالطا لتركيا مخاطرة بالنسبة لفاليتا إذا ما اعتبرنا الهزة الذي سيتسبب به الخبر في الاتحاد الأوروبي، ومخاطر خلق أعداء جدد في المنطقة.
وتحتاج مالطا حليفا قويا في ليبيا لمنع الهجرة غير الشرعية من أفريقيا، التي تبدو الأمر الرئيسي الذي يثير اهتمام السلطات المالطية بالصراع الليبي. والدعم الذي أبدته مالطا لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة لا يشكل مخاطرة سياسة لفاليتا، بالرغم من الجدل حول مدى شرعيتها. لكن الوقوف مع جانب في الصراع العسكري مسألة مختلفة تماما.
ويشير أول اجتماع بين المسؤولين المالطيين ومسؤولي حكومة الوفاق في أنقرة إلى احتمال التعاون في المجال العسكري؛ فقام وزير الدفاع التركي خلوصي آكار، ووزير داخلية حكومة طرابلس فتحي باشاغا، ووزير الأمن القومي والداخلية المالطي بايرون كاميليري، ببحث سبل التعاون في المسائل الدفاعية والأمنية، بحسب بيان من وزارة الدفاع التركية حول الاجتماع الذي عقد في 20 تموز/ يوليو.
اقرأ أيضا: الغارديان: قطار التطبيع قد يطال عمان والبحرين وربما السعودية
وكان مظهر الاجتماع الثاني في 6 آب/ أغسطس دبلوماسيا، حيث اجتمع وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، ونظيره المالطي ايفريست بارتولو، مع رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج وغيره من المسؤولين، في طرابلس.
وأكد البيان الصادر بعد الاجتماع بأن تركيز فاليتا هو على الجهود لمنع الهجرة غير الشرعية. كما أكدت كل من فاليتا وأنقرة على دعم حكومة طرابلس، ومعارضتهما للحل العسكري للصراع، إضافة إلى الاتفاق على التعاون لمنع الهجرة غير الشرعية، وتقوية إمكانيات حرس السواحل الليبيين، وإعادة رحلات الطيران بين ليبيا ومالطا وتركيا.
ولعدم حصولها على الدعم المرغوب به من الاتحاد الأوروبي بخصوص الهجرة ومشاركة العبء، فإن تقارب مالطا مع تركيا قد يحرك اللاعبين الكبار في توفير المساعدة والدعم الحدودي اللازم لأصغر دولة في الاتحاد. لكن خطة تركيا التي تتضمن دعما عسكريا مخاطرة بالنسبة لفاليتا.
وأصبحت كل التحركات التركية موضع تساؤل منذ فشلها في كسر الجمود في سرت والجفرة، وكلاهما رئيسي في السيطرة على منطقة "هلال النفط"، التي تقع حاليا تحت سيطرة قوات خليفة حفتر المدعومة من مصر وروسيا والإمارات، بحسب المقال.
ومع تأخر الهجوم المنتظر ضد قوات حفتر، بدأ البعض في حكومة الوفاق الوطني يتساءل عن مدى فائدة الشراكة مع تركيا.
ومع أن حكومة الوفاق الوطني تعتبر الإنجازات العسكرية التي جعلها الدعم التركي ممكنا مهمة، إلا أنها لم تشمل سرت والجفرة، ويتواصل المشهد بالتعقد.
وقال مسؤولون في حكومة طرابلس إن فائز السراج قاوم ابتداء اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مثيرة للجدل مع تركيا، على أساس أنها كانت خارج صلاحياته، ولكن تم الضغط عليه لتوقيعها، تلبية لشرط أنقرة للتعاون الأمني العسكري مع حكومته.
وقال أحد مسؤولي حكومة طرابلس لأسوشييتد برس، في 30 تموز/ يوليو، إن السراج وقع بتردد على الاتفاقية البحرية؛ لأنه اعتقد أنه ليس هناك خيار آخر، ونقلت عنه الوكالة قوله: "كانت لعبة أخذ وعطاء، واستغلوا ضعفنا في وقتها"، بحسب "المونيتور".
وتحتاج تركيا في كل الأحوال أن تسيطر على سرت وغيرها من الأقاليم الشرقية، فالحدود البحرية المرسومة بالاتفاقية هي بين السواحل التركية حول أنطاليا مع الخط الساحلي بنغازي – طبرق – درنة في ليبيا، ويزيد من هذا الضغط تدخل مصر وروسيا والإمارات؛ دعما لحفتر، وبغية حصولهم على مواطئ قدم بالمنطقة.
وتبرز اتفاقية الحدود البحرية التي وقعت في 6 آب/ أغسطس بين اليونان ومصر أن الجانبين في حالة نزاع دبلوماسي قد تطور بشكل درامي.
ومع وصول النزاع الليبي إلى شبه طريق مسدود، فمدى إمكانية أن تنمي تركيا استراتيجية فعالة مع مالطا يبقى سؤالا مفتوحا، خاصة في وقت اصطفت فيه إيطاليا الداعمة للحكومة في طرابلس مع فرنسا وألمانيا في مسألة عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد أنقرة.
وقد يكون انسحاب مالطا من بعثة الاتحاد الأوروبي البحرية لفرض حظر الأسلحة على ليبيا قد تكون مؤشرا إيجابيا لتركيا، والتي توفر دعما عسكريا للحكومة في طرابلس، لكن دعم فاليتا لن يكون كافيا لتغيير التوجه الحالي.
موقع روسي: هل تخلت "إسرائيل" عن نهج مساعدة حفتر بليبيا؟
MEMO: الإمارات تعمل ضد تركيا.. لكن إلى متى؟
WP: الأتراك لم ينسوا معاهدة انتزعت حقوقا منهم قبل قرن