صحافة دولية

الغارديان: روسيا تحاول موازنة مصالح متناقضة جنوب سوريا

قوات روسية وسط درعا- تويتر

قالت صحيفة "الغارديان" إن روسيا تحاول بناء توازن، بين مصالح دمشق وطهران وإسرائيل في وقت لم يعد فيه الوضع الراهن ثابتا.

وأشارت الصحيفة في تقرير، ترجمته "عربي21"، لخطاب الشهر الماضي لـ"أحمد عودة" الذي يحصل على دعم الروس، حلفاء بشار الأسد، قال فيه: "لن نتوقف أو نسلم أسلحتنا حتى ننتصر، وبدأت المعركة الآن" مشيرة إلى أن الرجل يعتبر بالنسبة للبعض خائنا لأنه عقد صفقة مع النظام عندما سقطت محافظة درعا قبل عامين.

فيما يرى آخرون أن الرجل البالغ من العمر 37 عاما، والذي يقود فصيلا مسلحا، لا يزال ثوريا واعدا أقسم على إعادة بناء المعارضة المنقسمة. وقال: "عودتنا كجسد واحد سيحمي سوريا".

وأشارت الصحيفة إلى أن "هذا هو الوضع الغريب للجنوب السوري، والذي كان قبل عقد تقريبا مهد ثورة الربيع العربي. وفي الفصل الأخير من الحرب تقوم روسيا العراب الأساسي للقوة فيها، بمهمة التوازن بين المصالح المتناقضة للنظام السوري وإيران وإسرائيل".

ولفتت إلى أن المنطقة شهدت في الأسابيع الستة الماضية، سلسلة من التظاهرات في درعا وبلدة السويداء الدرزية حيث خرج المتظاهرون للاحتجاج على الظروف الإقتصادية السيئة.

وقالت الصحيفة إن المتظاهرين تجرأوا وهتفوا ضد بشار الأسد، وقالوا "سوريا حرة" و"من يجوع شعبه خائن". ورغم اعتقال الأمن عددا من المتظاهرين، إلا أن النظام لم يستخدم اليد الحديدية.

وقال عباس منيف، 30 عاما من السويداء: "التظاهرات الآن هي امتداد للثورة السورية التي انطلقت عام 2011، ولكن الأزمة الإقتصادية هي سبب إضافي يدفع الناس إلى الإحتجاج والفاعل هو واحد: النظام والفساد، ومنذ 50 عاما يسرقون البلد ويحرمون الناس من مصادرهم".

ورأت الصحيفة أن "الهدف لم يتغير منذ عام 2011، وسقوط النظام هو الخطوة الأولى نحو مستقبل مشرف".

وأضافت أن الكثير من الناس، يعولون على العودة لتأمين مستقبلهم. وكانت قوات النظام قد سيطرت على درعا في تموز/يوليو 2018 حيث تحولت منذ ذلك الوقت إلى تجربة استثنائية قامت على تجربة روسيا في الحرب الشيشانية الثانية.

وعلى خلاف بقية المناطق التي كانت بيد المعارضة واستعادها النظام، فلم يتم نقل المقاتلين منها بالحافلات إلى محافظة إدلب القريبة من الحدود مع تركيا. ودفعت روسيا دمشق باتجاه صفقة مصالحة وأشرفت على تجنيد المقاتلين في درعا وضمتهم إلى قوات أمن جديدة عرفت باسم "الفيلق الخامس".

 

إقرأ أيضا: مظاهرة ضد النظام بدرعا بعد مقتل عناصر من "الفيلق الخامس"


وقالت إن الهدف منه كان مساعدة الجيش السوري المجهد للقتال ضد تنظيم الدولة. وفي الوقت الذي يعتبر جزءا من القوات المسلحة إلا أن رجال الفيلق الخامس ليسوا جزءا من وزارة الدفاع السوري.

وشددت على أن هذه "القوة السنية تعارض وبشكل واضح وجود القوات الإيرانية، ومقاتلي حزب الله المتحالفين مع النظام. وتدفع روسيا رواتب الفيلق الخامس ومن المفترض ان يتبع أوامرها. وبعد هزيمة تنظيم الدولة رفض معظم أفراد الفيلق الانتقال والقتال في جبهة إدلب، خاصة الكتيبة الثامنة التي يقودها عودة.

وبالإضافة لبعض الواجبات التي يقوم بها الفيلق، مثل إدارة الحواجز وحماية المناطق من الخلايا النائمة، خاض الفيلق سلسلة من الهجمات الصغيرة مع القوات الموالية للنظام، ومنح الحماية لعدد تطاردهم دمشق بسبب هروبهم من الخدمة العسكرية، وكذا توفير الحماية للتظاهرات الأخيرة.

ونقلت الصحيفة عن الناشط المحلي أحمد محمد قوله: "يشعر الناس في درعا بالأمن لأن الفيلق الخامس يحميهم من النظام والسلاح الإيراني، ولولا وجود هذه الفرقة لتم اعتقال الكثير من الأشخاص. ولم نكن لنتظاهر حتى بأعداد قليلة لو يتم يكونوا هنا".

وقال: "لا يزال جنود الفيلق الخامس ثوريين. نعم، تصالحوا ولكنهم لا يزالون ضد النظام". ولا غرابة أن النظام لا يحب هذا الوضع ولكنه لا يستطيع عمل أي شيء في الوقت الحالي. وهو يعرف أن هناك تصعيدا لو اقتربت القوات الإيرانية وحزب الله من إسرائيل ولهذا السبب حمى الروس استقلالية الجنوب وأفشلوا محاولات النظام لسحق المقاومة الشرعية.

وقالت إليزابيث تسركوف، الزميلة في معهد السياسات الأجنبية: "اعترفت روسيا بأن هناك حاجة لحلفاء بين الجماعة السنية الرئيسية في المنطقة، وهي تحاول الحصول على حسن نية السكان من خلال مساعدتهم بالبحث عن أحبابهم الذين اختفوا في سجون النظام". مضيفة: "من الصعب تقييم ما هو الهدف النهائي للروس عندما يتعلق الأمر بالفيلق الخامس".


ورأت أنه من المثير أن هؤلاء الرجال يحظون بدعم السكان المحليين، ويعتبرونهم وطنيين معادين للقوة الإيرانية بدلا من كونهم خونة، وتفهم الناس للخيار الذي عملوه للبقاء في درعا.

وكان عودة معروفا بمواقفه الواقعية حتى قبل إنشاء الفيلق الخامس. فكقائد لمجموعة في الجيش السوري الحر عام 2015 تحالف مع الجماعة الموالية للقاعدة في سوريا، لطرد قوات النظام قبل أن يتحرك ضد الجهاديين وإخراجهم من المنطقة.

وكرجل فقد ثلاثة من إخوانه في الحرب ضد النظام، فكرة التحالف معه ظلت بعيدة. وكان خطابه في جنازة واحد من أفراد الفيلق قتل نتيجة انفجار عبوة بدائية أول إشارة عن عدم ولائه الكامل لروسيا. 

وحولت عبارات عودة ضد دمشق و"الغزاة والميليشيات الأجنبية" الجنازة إلى أكبر تظاهرة شارك فيها حوالي 5 آلاف شخص. وبحسب المحلل عبد الله الجبسيني، الخبير بدرعا بمعهد الشرق الأوسط فقد انضم 7 آلاف شخص إلى الكتيبة الثامنة.

وأشارت إلى أن صعود "عودة" القوي، لا يمثل تهديدا للنظام وإيران وحزب الله بل ولأسياده الروس. وقال أحمد صالح، 26 عاما الذي انضم للفيلق الخامس عام 2018، "نحن أكثر تنظيما الآن" و"مع أننا محاطون بجنود النظام طوال الوقت لكننا لم نعد نخافهم".