يشتكي العاملون في قطاع العمل الخيري في الأردن من ضعف الموارد إثر أزمة فيروس كورونا، وما ترتب عليها من تراجع الحالة الاقتصادية في البلاد، في ظل ازدياد حالات الفقر والعوز والبطالة، ما يثير تساؤلات حول كيفية استمرار عمل هذا القطاع في ظل هذه الأوضاع.
وبحسب مراقبين؛ فقد تراجع عمل المنظمات والجمعيات الخيرية خلال ذروة أزمة كورونا في البلاد، حيث لم تسمح الحكومة لها بممارسة أعمالها المعتادة بإعانة المحتاجين وإيصال المساعدات لهم، الأمر الذي أثار سخطا لدى المواطنين وهذه المنظمات على حد سواء.
وتوجهت العديد من الشركات والبنوك والمصانع ورؤوس الأموال إلى تقديم تبرعاتهم لصندوق "همة وطن" الذي أعلنت الحكومة عن تأسيسه، بهدف دعم مجهودها لمكافحة أزمة كورونا، ما ساهم أيضا في إضعاف قطاع العمل الخيري، وأحدث انعكاسات سلبية على العاملين فيه، وفق المراقبين.
أعباء جديدة
وأوضح رئيس جمعية الكتاب والسنة، زايد حماد، أن أزمة كورونا أثقلت كاهل المنظمات الخيرية بالمزيد من الأعباء، لافتا إلى تسجيل تزايد كبير في الطلبات المقدمة من الطلبة الجامعيين غير القادرين على إكمال دراستهم بسبب عدم توفر أقساط الجامعة لديهم.
وقال لـ"عربي21"، إن أزمة كورونا خلفت أعدادا هائلة من المستأجرين غير القادرين على دفع قيمة الإيجار، "ناهيك عن عدم قدرتهم على دفع فواتير الكهرباء والمياه، بالتزامن مع تهديد الشركات بفصل الخدمة في حال تواصل عدم الدفع".
اقرأ أيضا: تحديات تواجه العمل الخيري العربي: من دغدغة الثقة إلى ضبط القانون
وبيّن أن هناك فئة جديدة بدأت تتوافد على الجمعيات الخيرية، "وهي فئة الأغلبية الصامتة المستورة المتعففة، التي كان راتبها ينفد مع آخر يوم من الشهر، ولكنها مع أزمة كورونا استهلكت مخزونها باكرا، وبعض أربابها فُصل من عمله، ولم يبق لديها مقدرة على مواكبة المصاريف المطلوبة منها لتعيش دون أن تضطر للتسول".
وأكد حماد أن "هناك جمعيات أغلقت بسبب عدم مقدرتها على دفع إيجار مقراتها ورواتب موظفيها، عدا عن ضعف تحصيلها للواردات، الأمر الذي أعاق استمراريتها في أداء عملها".
من جهته؛ قال رئيس جمعية الاعتصام الخيرية، هشام الزعبي، إن عشرات الكفلاء للأيتام توقفوا عن دفع كفالاتهم للجمعية بسبب تردي أوضاعهم الاقتصادية.
وأضاف لـ"عربي21" أنه اضطر إلى إغلاق مركزين تابعين لجمعيته بسبب تراكم الإيجارات مع عدم وجود متبرعين، مؤكدا أن أعداد المحتاجين المراجعين للجمعية ازدادت بكثرة، وخصوصا من يطلبون مساعدتهم في دفع فواتير الماء والكهرباء وإيجارات المنازل.
وبيّن الزعبي أن التجار لم يعودوا قادرين على التبرع للجمعيات الخيرية بسبب كثرة التزاماتهم الضريبية والمعيشية، داعيا الحكومة إلى تشجيع التجار على التبرع من خلال إعفائهم من الضريبة بشكل كامل.
انتقادات لـ"التنمية" والوزارة ترد
وانتقدت جمعيات خيرية أداء وزارة التنمية خلال فترة الحظر الذي فرضته الحكومة الأردنية خلال أزمة كورونا، التي على إثرها مُنعت الحركة لغير حملة التصاريح الاستثنائية.
وقالت مصادر عاملة في القطاع الخيري، إن الوزارة لم تقم بدورها كما يجب، وحمّلت عبء العمل الخيري للهيئة الخيرية الهاشمية.
وأضافت المصادر أن وزارة التنمية تركت الجمعيات الخيرية بلا تصاريح تنقل، مع أن وزارات أخرى -كالزراعة مثلا- سعت جاهدة لتوفير التصاريح للمزارعين، في حين تُركت الجمعيات تواجه حاجات الناس الملحة بلا أدنى تعاون من "التنمية".
بدوره؛ قال الناطق الإعلامي لوزارة التنمية الاجتماعية، إن الوزارة لم تمنع الجمعيات الخيرية من ممارسة عملها أثناء أزمة كورونا، ولا يوجد أية وثيقة تثبت هذا الزعم.
اقرأ أيضا: تونس.. العمل الخيري في مواجهة الوباء وخارج أسوار التوظيف
وأضاف لـ"عربي21" أن قانون الدفاع ألزم من يريد أن يعمل ويتحرك في البلاد، بأن يتقدم بطلب موافقة من قبل الحاكم الإداري، الذي بدوره يقيم الطلب ويوافق أو لا يوافق عليه.
وأوضح أن هناك تصاريح تُعطى للجمعيات والمنظمات الخيرية لجمع التبرعات داخل المحافظة التي تنشط فيها، مع مراعاة أن يكون جمع التبرعات من خلال المحافظ النقدية فقط، مضيفا أنه ليس لديه علم إنْ كانت ثمة جمعيات تقدمت بطلبات وتم رفضها.
وتعقيبا على شكاوى المؤسسات العاملة في القطاع الخيري من ضعف مواردها المالية بعد أزمة كورونا، وعدم تمكنها من دفع رواتب موظفيها وإيجارات مقراتها؛ قال خريس إن العمل الخيري عمل تطوعي بالدرجة الأولى، ومن المفترض أن من يقوم به لا ينتظر مقابلا على ذلك.
وشدد على أن الأصل في الجمعيات الخيرية أنها تحمل العبء عن الحكومة من جهة، وعن المجتمع من جهة أخرى، لا أن تشكل عبئا إضافيا عليهما، مضيفا أن "الجمعية الناجحة هي التي تدعم نفسها بمشاريع إنتاجية لا تشغيلية".
وحول دور وزارة التنمية في مساعدة الجمعيات الخيرية بالنهوض من جديد وتجنب خطر الإغلاق؛ أكد الناطق الإعلامي لوزارة التنمية الاجتماعية أن فتح الجمعيات وغلقها ليس مرتبطا بكورونا ولا بالإفلاس، وإنما بسلسلة إجراءات يقررها قانون الجمعيات، "فالجمعية ليست محلا تجاريا، وإنما قضية تطوعية بالدرجة الأولى".
وبين خريس أنه "من قبل كورونا ومن بعدها؛ هناك جمعيات تتقدم بمشاريع إنتاجية، وتحصل على دعم من الوزارة لتنفيذ هذه المشاريع"، متابعا: "أما أن يكون هناك حوالي 4600 جمعية خيرية مسجلة تحتاج إلى ثلاثة آلاف دينار مثلا لكونها تأثرت بأزمة كورونا؛ فهذا غير منطقي، ويعني أنها أصبحت عبئا جديدا على الدولة".
السلفية الجهادية في الأردن.. ركود أم تحوّل؟
دراسة حكومية تكشف مؤشرات خطيرة في مصر بسبب كورونا
كواليس حصار الأمن لنقابة أطباء مصر ومنع مؤتمر صحفي