سياسة عربية

تونس.. الجبالي ينتقد محاولات تسييس مؤسستي الجيش والأمن

حمادي الجبالي: معركة طرابلس حاسمة في فشل مشروع الثورة المضادة في ليبيا وتونس- (صفحة الجبالي)

أكد رئيس الحكومة التونسية الأسبق حمادي الجبالي أن السيناريوهات التي يتم تداولها في وسائل التواصل الاجتماعي هذه الأيام عن إمكانية وقف المسار الديمقراطي التونسي مستبعدة.

وانتقد الجبالي في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، توالي التصريحات الصادرة عن الرئيس قيس سعيد في عدد من المناسبات العسكرية، والتي قال بأنه "يفهم منها محاولة التأثير على موقف المؤسسة العسكرية ومحاولة تسييسها".

وقال: "محاولة تسييس المؤسسة العسكرية والتأثير عليها خيار خاطئ وغير سياسي بالمرة، ولا أعتقد أن المؤسسة العسكرية التي حافظت على حيادها إزاء التجاذبات السياسية الداخلية ستنجر الآن إلى الدخول فيها مرة أخرى.. حتى في أصعب الفترات أيام الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي رحمه الله، ظلت المؤسسة العسكرية، وكذلك الأمنية بعيدة عن الخلافات السياسية".

واعتبر الجبالي أن "جزءا من الحملة التي تستهدف البرلمان التونسي ورئيسه بالتحديد مبعثها التطورات الإيجابية في طرابلس وهزيمة مشروع الثورة المضادة فيها".

وقال: "لقد كانت معركة طرابلس حاسمة بالتأكيد في استبعاد الرهان على خيار العودة إلى الوراء، وكل ما نراه من هجوم على رئيس البرلمان بسبب تهنئته لرئيس حكومة الوفاق الشرعية والمعترف بها دوليا بعد انتصار القوات الحكومية على مليشيات حفتر، يعكس حجم الخيبة التي مني بها المراهنون على مشروع حفتر الانقلابي".

وأكد الجبالي، أنه "على الرغم من اختلافه مع رئيس حركة "النهضة" الشيخ راشد الغنوشي في بعض التقديرات السياسية إلا أنه يتفق معه تماما في عدم الحياد إزاء المسألة الليبية، وأن موقفه المؤيد للشرعية الدولية في ليبيا هو الموقف الواجب اتخاذه ليس فقط من رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان وإنما أيضا من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة".

وأضاف: "لا أعتقد أن هناك تنازعا في الصلاحيات بين الرئاسات الثلاث، وإنما الجميع متكامل في الانحياز لخط الثورة والانتقال الديمقراطي، الذي أمن للجميع التنافس والحصول على ثقة الناخب".

 

إقرأ أيضا: حصري وبالوثائق: ممتلكات الغنوشي بيت متواضع وسيارة "كيا"

من جهة أخرى أكد الجبالي أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن فيروس كورونا المستجد وكذلك الأوضاع الإقليمية المضطربة لا تسمح بأي فوضى داخلية في تونس.

وقال: "علينا أن نتذكر أيضا أن الوضع الإقليمي الذي تعرفه منطقتنا وضع مضطرب ولا يحتمل مغامرة وقف مسار ديمقراطي شهد الجميع محليا وإقليميا ودوليا بنجاحه"، على حد تعبيره.

وتعيش تونس هذه الأيام على وقع حملة على وسائل التواصل الاجتماعي تدعو إلى قيادة تحرك شعبي هدفه إسقاط البرلمان وتغيير النظام السياسي والذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكرة.

 



وترافقت هذه الحملة مع أنباء عن إسناد خارجي لهذا التحرك، وتحديدا من محور الإماراتـ مصرـ السعودية، بعد التغريدات التي نشرها المدون السعودي "مجتهد"، والتي تحدث فيها عن خطة للانقلاب على المسار السياسي جوهره إقصاء النهضة عن المشهد السياسي.

وما زاد من غموض المشهد السياسي أن هذه الحملة ترافقت مع تصعيد في خطاب الرئيس قيس سعيد في انتقاده لما وصفه بـ"البؤس" السياسي والاجتماعي.

وجاء هذا التصعيد المفاجئ في كلمة ألقاها سعيد يوم 11 أيار (مايو) الجاري خلال تدشين مستشفى عسكري ميداني في مدينة قبلي جنوب غرب البلاد، تبرعت به قطر لإسناد جهود الحكومة التونسية في مكافحة فيروس كورونا.

 



وقال سعيد: إن "البؤس الذي نعيشه اليوم لا يوازيه إلا البؤس السياسي".

وأضاف مستدركا: "لكن سنقضي في نفس الوقت على البؤس الاجتماعي والبؤس السياسي الذي نعيشه".

وتابع متوجها للمواطنين: "الوسائل القانونية للتغيير محدودة لكن إرادتكم غير محدودة".

وشدد سعيد على أنه "سيحترم الشرعية التي يجب أن تكون مشروعة ومعبّرة عن إرادة صاحب السيادة الشعب التونسي".

وجدّد التزامه بـ"عهوده"، مؤكدا أن "مشروعه سيتواصل كاملا، انطلاقا من نفس الثوابت والقناعات حتى يتمكن التونسي من العيش بكرامة في وطن تُحفظ فيه حرية الإنسان".

وتابع سعيد بأن "الحرية ليست بتبادل الشتائم والسباب، ولكن بمقارعة الفكرة بالفكرة"، في إشارة الى المناكفات الحاصلة بين الكتل في البرلمان.

 


ثم تجدد التصعيد في الكلمة التي ألقاها رئيس الجمهورية قيس سعيد في الأكاديمية العسكرية بفندق الجديد، وتركيزه على التمييز بين الشرعية والمشروعية.. وكذلك في مائدة الإفطار التي أقامها الرئيس لسفراء عدد من الدول العربية والإسلامية بتونس، ثم في كلمة التهنئة بالعيد، على الرغم من تأكيده الالتزام بمؤسسات الدولة ونأيه بنفسه عن دعاة الفوضى.

 



يذكر أن حمادي الجبالي (70 عاماً) ترأّس حكومة الترويكا (حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي) المنتخبة في تشرين الأول (أكتوبر) 2011، لكنه أعلن عن استقالته منها في 2013.

ثم قدم استقالته من الأمانة العامة لحركة "النهضة" في آذار (مارس) 2014، ثم انسحب كليا منها في أيلول (سبتمبر) 2014، وترشح للانتخابات الرئاسية 2019 مستقلا ومنافسا لمرشح حركة "النهضة" عبد الفتاح مورو.

 

إقرأ أيضا: رئيس تونس لأنصار الثورة المضادة: أضغاث أحلام