اقتصاد عربي

تراجع البطالة بمصر رغم كورونا يثير الدهشة.. كيف حدث ذلك؟

الحكومة المصرية أعلنت انخفاض معدل البطالة لـ7.7 بالمئة بالربع الأول من 2020 مقارنة بـ 8 بالمئة خلال نفس الربع من العام السابق- جيتي

أثار إعلان الحكومة المصرية تراجع معدل البطالة في البلاد خلال الربع الأول من العام الحالي، دهشة وتساؤلات واسعة في الأوساط الاقتصادية المصرية حول كيفية حدوث ذلك في ظل تضرر ملايين العمال بسبب تفشي وباء كورونا.

وقالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد، إن إعلان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن انخفاض معدل البطالة لـ7.7 بالمئة بالربع الأول من 2020، مقارنة بـ 8 بالمئة خلال نفس الربع من 2019؛ يأتى متسقا مع معدلات النمو المرتفعة التي حققتها مصر بالنصف الأول من العام المالي 19/2020 والتي بلغت 5.6 بالمئة.

وأضافت أن القوى العاملة زادت بنسبة 0.2بالمئة لتصل 29.008 مليون فرد، ارتفاعا من 28.95 مليون بالربع الأول من 2020، بينما سجل العاطلون 2.236 مليون فرد، بانخفاض قدره 31000 مقارنة بنفس الربع من 2019.

وأشارت إلى انخفاض معدل العاطلين عن العمل الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 29 عامًا إلى 68.5 بالمئة في الربع الأول من 2020، منخفضا من 69.5 بالمئة بالربع الرابع من عام 2019، كما ارتفع عدد العاملين إلى 26.772 مليون بالربع الأول من 2020، ارتفاعًا من 26.621 مليون بالربع الرابع من 2019.

وتطبق مصر إجراءات عزل عام منذ 17 آذار/ مارس شمل تعليق حركة الطيران وإغلاق المدارس والجامعات والمحلات والأندية والمقاهي وأماكن التجمعات الكبيرة، وتفرض حظر تجول جزئيا حتى اليوم، أكد خبراء أنها الإجراءات التي تسببت في زيادة نسبة البطالة بالبلاد.

"ارتفاع البطالة بأمريكا"

وبالرغم من أن مصر تتحدث عن تراجع نسب البطالة في ظل انتشار فيروس كورونا إلا أن المؤشرات في أكبر اقتصاد بالعالم تشير إلى ارتفاع معدل البطالة بالولايات المتحدة الأمريكية إلى 14.7 بالمئة، من 3.5 بالمئة قبل شهرين.

وفي 8 أيار/ مايو الجاري، أعلنت الحكومة الأمريكية ارتفاع معدل البطالة لـ14.7بالمئة، مع فقدان 20.5 مليون وظيفة في نيسان/ أبريل الماضي، بعدما ضربت جائحة كورونا الاقتصاد الأمريكي.

وفي 24 نيسان/ أبريل الماضي، سجل نحو 26.4مليون أمريكي أنفسهم للحصول على إعانات البطالة مع غلق الأعمال والمصالح التجارية، في ظل تفشي فيروس كورونا.

"حسابات غير دقيقة"

وفي تعليقه على تراجع أرقام البطالة الرسمية في مصر في ظل كورونا، قال الباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني، إن "معدل البطالة المعلن لا يعبر إلا عن شريحة محددة من العاطلين عن العمل، ولا يسمح بوضع خطة دقيقة للقوي العاملة في مصر".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أوضح أن "طريقة حساب معدل البطالة يتم فيها احتساب كل من اشتغل ولو مدة يوم واحد خلال أخر ستة شهور عمل وبالتالي يستبعد من أرقام البطالة".

وأشار إلى أنه "سبق للخبيرين الاقتصاديين الدكتور إبراهيم العيسوي، والدكتور أحمد النجار، توضيح مشاكل هذه الطريقة في الحساب غير الدقيق لمعدل البطالة" .

وأضاف الميرغني، أن "أكثر من 45 بالمئة، من المشتغلين بأجر يعملون في القطاع غير الرسمي، وعددهم أكثر من 10 مليون شخص، وعندما خططت الحكومة للمساعدة أعلنت أن من تم تسجيلهم حوالي 1.5 مليون من العاملين بالقطاع غير الرسمي كمشتغلين بأجر".

وبين أنه "وبالتالي فإن الكم الأكبر من المشتغلين بالقطاع لا تشملهم إحصاءات البطالة المعلنة والتي تركز أكثر على الخريجين الجدد والداخلين الجدد لسوق العمل".

وأكد الباحث الاقتصادي أنه "توجد عدة قطاعات تأثرت بأزمة كورونا مثل السياحة والنقل والمطاعم والمحلات التجارية والمقاهي وجميعهم خارج حسابات البطالة".

وأوضح أيضا أن "أصحاب الورش الصغيرة الذين يعملون لحساب أنفسهم ولن يتحملوا أزمة كورونا، أيضا لا تشملهم إحصاءات البطالة، التي تركز على المشتغلين بأجر" .

وقال إنه إضافة لما سبق فإن "بعض الشركات تلجأ لتوفير عدد العمال بما يزيد من عدد العاطلين"، مؤكدا أن "غالبيتهم لا تحميهم أي شبكة للحماية الاجتماعية وهذا جزء مهم من انعكاسات الأزمة".

"تصريحات استهلاكية"

وفي رده على التساؤل: كيف يكشف ذلك البيان عن حجم زيف البيانات الحكومية الرسمية في مصر؟، قال الخبير الاقتصادي أحمد خزيم: "جرت العادة أن تسمع تصريحات لا تستند لأية تفاصيل تؤيد تلك التصريحات وتكون مفسرة لها".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أنها "تصريحات استهلاكية لا أحد يتم محاسبته عليها في ظل غياب تام من السلطة الرقابية (البرلمان)، بل ووضعها شيك على بياض للسلطة التنفيذية؛ وأيضا في ظل سلطة رابعة (الصحافة) مقيدة وتضع شيكا على بياض للسلطة التنفيذية أيضا".

ويرى الخبير المصري أنه "ولذلك فإن الحكومة وكل وزرائها يعملون في غياب تام عن المحاسبة الإعلامية والمحاسبة الرقابية".

وأكد أنه "في ظل هذا الوضع  يحلو لها أن تقول ما تشاء دون أدنى اهتمام لمصداقية؛  وللأسف برغم تسجيل عصر السوشيال ميديا كل ذلك في خيمة يسهل الرجوع إليها".

وأوضح أن الحكومة ووزراءها "يعلمون أن السلطات الثلاث (البرلمان والصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي) تحت إمرة السلطة التنفيذية".

وقال إن "هذا ما جعل أزمة الثقة بين الشعب والحكومة تتباعد"، مضيفا: "ويبدو هذا جليا في ظل جائحة كورونا التي تطالب الحكومة الشعب فيها بالوعي وهي المسئول الأول عن غياب وعي الشعب".

"تساؤلات"

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي طرح الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، عدة تساؤلات قائلا: "كيف يتسق ذلك مع ما تم من إغلاق جزئي للمطاعم والمقاهي والكافتريات الكافيهات والكازينوهات والمولات التجارية ووحدات الطعام المتنقلة وغيرها. وتعليق حركة الطيران. ومنع الحفلات الفنية والاحتفالات الشعبية والموالد والمعارض والمهرجانات خلال تلك الفترة؟".

 


وطالب الناشط أحمد العطار، عبر صفحته بـ"فيسبوك"، الحكومة بتوضيح الأمر، معلنا تعجبه من أن أزمة كورونا وحظر التجوال وإغلاق كل شيء تقريبا، أدى لتعزيز تراجع البطالة، خاتما بقوله: "أنتم معجونون بالكذب".