تنشغل أمريكا بحروبها
الداخلية، يتحد العرب مع بعضهم، يطلقون حربا سريعة لتحرير القدس، تُسقط دولة
الاحتلال
الإسرائيلي بعد 100 عام على تأسيسها، يهرب من تبقى من مستوطنيها إلى
بلدانهم الأصلية.
المشهد ظهر في مسلسل الخيال العلمي
"النهاية" للممثل يوسف الشريف، يشرح فيه للأطفال درسا تاريخيا عن
المنطقة عام 2120.
غضبت إسرائيل، واعترضت وزارة الخارجية على
المسلسل، ففي العقل الصهيوني حتى الخيال والتنبؤ ممنوع ومحرم، يمثلُ خطرا وجوديا
يَمس أمنها القومي.
في المقابل، أثيرت عواطف "بعض"
كتابنا الأردنيين لا عقولهم، في دفاع مستميت عن مسلسل "أم هارون"
الخليجي، الذي يروي قصة طبيبة يهودية في أربعينيات القرن الماضي، والتحديات التي
واجهتها واليهود هناك. دجج الكتاب أنفسهم بقصص من أعماق التاريخ والجغرافيا
القديمة لا الحاضر! متناسين أن تقوية حججهم لا بد أن تعتمد المعاصر من الأحداث لا
ما مضى عليها آلاف السنين، للاستشهاد بقصص التاريخ، لا تستقيم مع ما جرى في الحاضر.
في الأردن الكثير من القصص المروية عن يهود
سكنوا هنا، لكنهم هربوا فجأة، استغرب الناس من فعلهم. فمن طردهم أو هدد حياتهم؟
أعتقد من العار أخذ وجهة النظر الإسرائيلية في
روايتها للأحداث.
مضمون المسلسل (أم هارون) ضعيف، يفتقد للعمق
في حلقاته الأولى، ينقلب على التاريخ، وطبيعة شعوب المنطقة، المنطقة التي ساهم
بعضهم في تنفيذ مخططات كبرى لتشويهها، بعد نشر الفوضى بالتنسيق مع عصابات
الاحتلال، لشرعنة التهجير إلى إسرائيل، مثل عملية علي بابا العراقية، وبساط سليمان
اليمنية، وتهجير
اليهود المصريين بعد تفجيرات دور السينما.. حتى عمليات تهجير يهود
الفلاشا، وغيرها.
يا جماعة الخير: أنتم ديمقراطيون، ليبراليون،
تحترمون الآخر، تدعون للتعايش معه، فيما هو ينظر إليكم "أغيارا" لا
تستحقون الحياة. هذا شأنكم، لكن إياكم من تسفيه آراء الشعوب وتاريخها.
البعض يسوق قصص ارتدادات الحروب الإسرائيلية
مع العرب، وإسهامها في تهجيرهم، بعدما ضُيق عليهم بعد ثبوت تورط العديد منهم في
دعم إسرائيل.
هنا، أتذكر الولايات المتحدة خلال الحرب
العالمية الثانية ومعسكرات الاعتقال التي أنشأتها للأمريكيين من أصول يابانية، كما
أذكر لجان مكافحة الشيوعية، القصة قصة حرب لا حب وغرام!
سلام اقتصادي وسياسي، ومن ثم ثقافي وشعبي،
يسعى لتطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد لشمعون بيريز، انطلاقا من أصالة إسرائيل..
مشروع يقوم على عقل وقوة إسرائيل العسكرية والتقنية، مقابل الأيدي العاملة
العربية، تتبع لقادة العولمة الجديدة.
فهل الثبات على الكرسي يتطلب كل هذه العمالة
وكل هذا التشويه لتاريخ الشعوب؟ وهل سنرى لاحقا
مسلسلات تؤمن بأحقية إيران في
أراضي الكويت والإمارات والبحرين، ومشروعها التوسعي؟
دعكم من هذا، اتركوا
فلسطين تداوي جراحها،
فالأرض أرضنا والتاريخ تاريخنا، والدماء دماؤنا.
كنيسة القيامة لنا، والقدس لنا، والأقصى (كما
القرآن) لن يسقط من عقولنا، وستعود، فوعد الله حق.
هل هذا الفن الذي يسقط التاريخ والقضية يمثل
شعوب بعض دولنا العربية في الخليج، في الحقيقة؟ لا أعتقد، فهي أشرف وأوعى من ذلك.
أم هارون: قصة وجود لا عواطف حب وغرام!