سياسة عربية

"كورونا" يفرض واقعا جديدا بالأقصى في رمضان (شاهد)

ساحات وأدراج الأقصى تخلو من المصلين بعد غلقه خوفا من انتشار الفيروس- عربي21

ساحات ومصليات ومحاريب خالية من المصلين والأئمة والزوار هو حال المسجد الأقصى المبارك منذ قرار مجلس الأوقاف الإسلامي إغلاقه تفاديا لانتشار فيروس كورونا المستجد، ولا توجد في الأفق دلائل تشير إلى وقت محدد لإعادة فتحه أمام المصلين.

ومع اقتراب شهر رمضان يتساءل رواد المسجد الأقصى عن أجوائه القادمة؛ فهو لم يسبق له أن أغلق أبوابه في وجوه الصائمين إلا لساعات قليلة، بقرار قوات الاحتلال التي تحاول السيطرة عليه وتقسيمه بين المسلمين والمستوطنين كلما سنحت لها الفرصة.

ويعرب رواد المسجد عن قلقهم من استمرار الأوضاع الحالية التي تحول دون المكوث فيه؛ رغم أنهم يؤيدون قرار الأوقاف بإغلاقه منعا لانتشار فيروس كورونا.

ويؤكد الشيخ عمر الكسواني مدير المسجد الأقصى المبارك أن استمرار إغلاق المسجد يتعلق بالوضع العام للأخصائيين وما يقررونه بالنسبة لانتشار الوباء.

ويقول في حديث لـ"عربي21" بأن مجلس الأوقاف الإسلامية لم يتخذ هذا القرار إلا حفاظا على صحة المصلين والوافدين للمسجد؛ وأن القرار بتجديد إغلاق المسجد خلال شهر رمضان يتعلق بمجلس الأوقاف لأن المرض إذا اتسعت رقعته أو استمر فإنه سيؤدي إلى إصابة الكثيرين.

ويشير الكسواني إلى أن مقاصد الشريعة الإسلامية جاءت لحفظ النفس البشرية؛ وأن المحنة إذا استمرت فالإغلاق هو لحفظ النفس البشرية؛ كما جرى الإغلاق للمسجد الحرام وللمسجد النبوي وإيقاف العمرة وإغلاق المساجد في العالم لأن المرض ينتقل في الازدحامات.

 

 

وللاطلاع على كامل الإحصائيات الأخيرة لفيروس كورونا عبر صفحتنا الخاصة اضغط هنا

 


وأضاف: "نأمل أن تمر هذه المحنة والتي سيعطى القرار بعد انتهائها لأن مجلس الأوقاف يحرص على صحة المصلين الوافدين وصحة المجتمع بشكل عام من أجل عدم انتشار الفيروس الذي أصبح وباء عالميا؛ فنحن لا نريد نشر العدوى من خلال التجمعات فلا نعرف المصاب من غير المصاب خاصة وأن المصاب لا تظهر عليه الأعراض إلا بعد 14 يوما ونكتشف زيادة في عدد الإصابات سواء في مجتمعنا الفلسطيني أو مجتمع الاحتلال؛ لذلك يجب أخذ الحيطة والحذر والتزام النصائح لمصلحة المجتمع بشكل عام".

وحول تخوفات الفلسطينيين من استفراد الاحتلال بالأقصى واستغلال فترة إغلاقه؛ يؤكد الكسواني بأن موظفي وحراس المسجد يتواجدون فيه على مدار اليوم لتفقد جميع أحواله ورفع الأذان فيه في كل الأوقات.

ويرى بأن الاحتلال لن يتمكن من اتخاذ أي خطوة حمقاء أو أي إجراء في الأقصى لأن الحراس والسدنة يتواجدون بشكل دائم؛ ويقومون بواجبهم في الحفاظ عليه ويتبدلون كل بضع ساعات من أجل استمرارية التواجد.

أجواء مهددة

ويعتبر المسجد الأقصى المبارك قلب شهر رمضان النابض بالنسبة للفلسطينيين؛ ففي هذا الشهر يتمكن من زيارته أهالي الضفة الغربية المحظور عليهم دخول مدينة القدس بقرار إسرائيلي، حيث يستغلون فرصة رمضان لزيارة مسجدهم بعد انقطاع لعام كامل، بينما لا يطيق المقدسيون فكرة أن يغيبوا عنه في الشهر الفضيل خاصة في ظل أطماع الاحتلال المستمرة.

وقال المواطن المقدسي والحارس في المسجد طارق الهشلمون إن احتمالية قدوم شهر رمضان والمسجد الأقصى المبارك مغلق يعني الحرمان من أجواء العبادة الروحانية والصلوات الجماعية وصلاة التراويح التي ينتظرها المصلون بفارغ الصبر من العام إلى العام.

ويؤكد بأن المسجد كان هو جوهر الشهر الفضيل بكل مرافقه وأركانه وساحاته؛ وإغلاقه يعني الحرمان من أجواء الفرح وزينة رمضان التي كانت تزين الأحياء الملتصقة به في البلدة القديمة وكذلك الاجتماعات العائلية فيه، حيث كان بيتا آخر لها تحيي فيه كل لياليه.

وكحارس في المسجد اعتاد الهشلمون على المشاركة في تنظيم أموره وتهيئته لقدوم عشرات آلاف المصلين؛ ولكن الآن مع انتشار فيروس كورونا بات كل شيء معلقا لا أحد يدري متى ستعود تلك الترتيبات.

ويضيف: "بسبب الفيروس حرمنا من الإعداد لاستقبال شهر رمضان من الترتيب والتنظيف والتنظيم لاستقبال المصلين ومن لحظة الإفطار داخل المسجد الأقصى مع العائلة أو خدمة الصائمين، كذلك حرمنا من لحظة الابتسامة وتربية الأطفال على حب المسجد عندما يدخلون وبيدهم المصاحف وهم يرتدون ملابس الصلاة.. حرمنا من إرث إسلامي عظيم".

ويرى الهشلمون أن المسجد الأقصى متنفس للجميع على الصعيد الديني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، فهو مركز الحياة حسب تعبيره.

ويؤكد من جانب آخر على أن أطماع الاحتلال لا تنتهي في المسجد رغم إغلاقه، حيث يتابع الحراس والموظفون الأحداث اليومية فيه بشكل معمق ويلاحظون محاولة شرطة الاحتلال استغلال الإغلاق لفرض السيطرة عليه تحت حجة فيروس كورونا.

ولفت إلى أن إغلاق المسجد الأقصى وإن كان حفاظا على حياة المصلين إلا أنه يحمل معه ذاكرة أحداث عدة أغلق فيها على يد الاحتلال، فخصوصية الواقع الذي يعيشه يجعل المصلين يشتاقون للوصول إليه ويؤدون الصلاة متباعدين قرب أبوابه كي لا يشعروا بالانقطاع عنه.