كتاب عربي 21

ليبيا.. السراج غاضب والكبير متعنت والأزمة في تصاعد

1300x600

كلمة رئيس المجلس الرئاسي، فايز السراج، بمناسبة مرور عام على الحرب على طرابلس جاءت خلافا للمتوقع حول إدارة الخلاف بين الرئاسي والمصرف المركزي، إذ كانت الآمال معلقة على إمكانية الوصول إلى اتفاق يفضي إلى توحيد المواقف والجهود، وسد النقص في المخزون السلعي وتوفير الدواء والمعدات اللازمة لمواجهة جائحة كورونا.

 

البعد الشخصي في النزاع يوازي الأساس التخصصي والمهني

السراج أعرب عن سخطه من موقف محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير، الذي أقدم على وقف الاعتمادات مشترطا رفع الرسوم المفروضة على بيع الدولار لإعادة فتح المنظومة، وهو ما رفضه السراج معللا رفضه بأن الاستقرار النقدي هو مسؤولية المصرف المركزي، وعليه أن يتحمل مسؤولياته ولا يرمي بها على عاتق الرئاسي.

ولم تتوقف انتقادات السراج للكبير عند تجاوز الصلاحيات والتدخل في مسؤوليات الحكومة، أو يقصرها على العجز في إدارة القطاع المصرفي، بل ألمح إلى تورط المصرف المركزي في الفساد في ملف الاعتمادات.

 

الأزمة الراهنة مثلت حلقة من حلقات التصادم بين الحكومة والمصرف، والفارق هو الحدة والعلن، فقد كانت خلافاتهما تدور في أروقة المؤسسات وقاعات الاجتماعات، وهي اليوم تقع على شاشات الفضائيات وفي مواقع التواصل الاجتماعي.

 



ويصر السراج على التقليل من مطالبة الكبير بضرورة رفع الرسوم على بيع الدولار كسبيل لمجابهة تداعيات إغلاق النفط، مطالبا إياه بممارسة اختصاصه كمصرف مركزي في تحقيق الاستقرار النقدي وعدم القذف بالكرة إلى ملعب الحكومة وإظهارها المسؤول عن الأزمة.

كل ما قاله السراج إنما يعكس أن الخلاف أكبر من أن يعالج بقرار، وأن البعد الشخصي في النزاع يوازي الأساس التخصصي والمهني في تباعد وجهات النظر، وأن الأزمة الراهنة مثلت حلقة من حلقات التصادم بين الحكومة والمصرف، والفارق هو الحدة والعلن، فقد كانت خلافاتهما تدور في أروقة المؤسسات وقاعات الاجتماعات، وهي اليوم تقع على شاشات الفضائيات وفي مواقع التواصل الاجتماعي.

 

الخلاف قديم


لقد كانت الأشهر الستة الأولى بعد توقيع اتفاق الصخيرات صعبة بالنسبة للرئاسي وانعكست الصعوبة على الحياة العامة، ونقل لي أحد المطلعين من أعضاء المؤتمر الوطني، ولاحقا المجلس الأعلى للدولة، أن الأسباب عديدة منها حديث الرئاسي عن الاحتياطي وضرورة استخدامه لتغطية كافة الإنفاق وتحفظ الكبير على ذلك، إلا أنه أكد أن الأزمة تفاقمت بسبب غضب الكبير من السراج بعد أن طلب منه انتظار وصول أو الاجتماع بـ"المحافظ"، في إشارة إلى علي الحبري، باعتبار أن السراج يعترف بالبرلمان وبقراراته ومنها تعيين الحبري كمحافظ، فما كان من الكبير، بحسب المصدر المطلع، إلا أن حجب عنه المال ليرى إن كان "المحافظ" يستطيع توفيره له.
 
هذا ما دأب عليه السراج وأعضاء حكومته، خاصة وزيري المالية والاقتصاد، على تكراره وهو القول بأن المحافظ متفرد بقراره بل ومتسلط ويتعمد تجاهل طلبات الحكومة ويتحجج بذرائع منع الفساد والمحافظة على الاحتياطي، وهو متورط في الفساد وفي الهدر بحسب أقوالهم.

 

لقد كانت الأشهر الستة الأولى بعد توقيع اتفاق الصخيرات صعبة بالنسبة للرئاسي وانعكست الصعوبة على الحياة العامة،

 


ويبدو أن كلا من الطرفين متصلب في موقفه، ومصر على خياره، فالرئاسي يهدد بتغيير سياسة المصرف المركزي عبر مجلس الإدارة، ولن يتردد في الشروع في إجراء إقالة الكبير إذا وجد إلى ذلك سبيلا، والمحافظ يصر على موقفه في كبح جماح الإنفاق باعتباره صمام الأمان كما يقول، مما يعني أن الأزمة ليست في اتجاهها إلى الاحتواء، ويعزز من هذا القول أنه لم تظهر أي وساطات يمكن أن تخفف من حدة النزاع.

التحدي هو أن الخلاف لا ينحصر في السلطتين المالية والنقدية، بل هو ممتد إلى قطاعات مختلفة من جبهة الوفاق ما بين مؤيد ومعارض لموقف الرئاسي في تصعيده ضد المصرف المركزي.

ويتجه معظم من عارضوا اتفاق الصخيرات وتحفظوا على سياسة وسلوك السراج خلال السنوات التي سبقت العدوان على طرابلس إلى تأييد المحافظ، فيما يرى قطاع من أنصار الوفاق أن الكبير تعدى صلاحياته وتغول واتجه إلى سياسة تعظيم النفوذ باستخدام المال العام ويحملونه مسؤولية "فساد الاعتمادات" الذي بلغ مئات الملايين من الدولارات.