ملفات وتقارير

الأسرى الفلسطينيون و"كورونا".. قلق ومناشدات وتجاهل إسرائيلي

ترى عائلات الأسرى أن الاحتلال لا يكترث بحياة أكثر من خمسة آلاف أسير في سجونه- الأناضول

يداهم القلق منازل عائلات الأسرى الفلسطينيين بعد الإعلان عن وجود أربع إصابات في صفوفهم بفيروس الكورونا المستجد في أحد مراكز التحقيق شمال فلسطين المحتلة؛ ورغم نفي إدارة السجون الإسرائيلية خبر وجود الإصابات إلا أن حالة الرعب من إمكانية وصول الفيروس لهم، تزيد من وتيرة المطالبة بالإفراج عنهم خشية على حياتهم.


وترى عائلات الأسرى أن الاحتلال لا يكترث بحياة أكثر من خمسة آلاف أسير يحتجزهم في أكثر من 20 سجنا في ظروف اعتقال سيئة، حيث الأقسام والغرف مكتظة وتفتقر للتهوية أو وسائل التعقيم والإجراءات الصحية الوقائية، وأن إمكانية انتشار الفيروس عالية جدا في ظل هذه الظروف، وهو ما تخشاه العائلات فعلا، بعد ورود أنباء عن إصابة أربعة أسرى وعزلهم.


وقال والد الأسير أحمد نصار من قرية "مادما" جنوب نابلس، إن الاحتلال اعتقل ابنه في الرابع من آذار/ مارس الحالي بعد اقتحام منزله، ثم قام بنقله إلى مركز تحقيق "بيتح تكفا" شمال فلسطين المحتلة.


وأوضح نصار لـ"عربي21" أن أحمد كان يتواجد يوم الثلاثاء في مركز التحقيق المذكور، ثم كانت له جلسة محاكمة يوم الأربعاء الماضي؛ وحين توجه الوالد لرؤيته في المحاكمة والاطمئنان عليه كان العكس تماما.

 

اقرأ أيضا: تزايد الدعوات لضغط دولي للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين


وأضاف: "توجهت للمحكمة وقال لي المحامي ومن تواجد في المحكمة إن أحمد لم يحضر لقاعة المحكمة؛ فسألتهم عن السبب فقالوا إن أحمد معزول صحيا لأن أحد المحققين في مركز بيتح تكفا تبين أنه مصاب بالفيروس أثناء تحقيقه مع أحمد وثلاثة أسرى آخرين لم يذكر أسماءهم، وبعد أيام تبين أنهم يعانون من ارتفاع درجة الحرارة ومن حالة إعياء؛ وحين علمت إدارة السجون ذلك قامت بعزلهم وتعقيم القسم الذي كانوا فيه".


وبيّن نصار أنه لا معلومات لديهم حول مكان وجود نجله حاليا وحالته الصحية، حيث اكتفى الاحتلال بتلك المعلومات دون طمأنة الأهل، أو الحديث عن إجراءات طبية تتخذ بحق الأسرى.


وطالب الوالد بضرورة العمل الجاد من أجل إرسال أطباء ليعاينوا حالة نجله وبقية الأسرى؛ والضغط من أجل إطلاق سراحهم والتأكد من وضعهم الصحي وضمان إنقاذهم.


وتابع: "منذ أن سمعنا بهذا الخبر ونحن في حالة لا يعلمها إلا الله؛ فهذا وباء عالمي وحتى الدول المتقدمة لا تستطيع التعامل معه، فكيف بأسير في مكان مكتظ ويفتقر للأجواء الصحية أن يقاوم جسده هذا الفيروس ودون وجود مواد تعقيم أو تنظيف؟".

 

تخوفات كبيرة


بدورها، أكدت مسؤولة الدائرة الإعلامية في جمعية نادي الأسير الفلسطيني أماني سراحنة أن "التخوفات الكبيرة على مصير الأسرى، تتنامى في ظل الحديث المتتالي عن وجود إصابات أو مجرد اشتباه بذلك".


وقالت سراحنة في حديث لـ"عربي21" إن إدارة السجون الإسرائيلية ومنذ إعلان حالة الطوارئ في كيان الاحتلال لم تقم بأي إجراءات لازمة للحفاظ على حياة الأسرى، ورغم كونهم دائما مهددون إلا أن هذا تهديد وعزل إضافي يتعرضون له، مبينة أن كل ما يحدث للعالم هو يحدث للأسرى بشكل إضافي، لأنهم يعيشونه دوما.


وأوضحت أنه وفقا لما يصل من السجون فلا توفر إدارة السجون مواد تعقيم، ولم تتخذ أي إجراءات، خاصة أن غرف الأسرى مكتظة قد يصل العدد فيها إلى ثمانية أسرى أو أكثر.


وأضافت: "تواصلنا مع جمعية الصليب الأحمر وأرسلنا عدة رسائل للضغط على الاحتلال من أجل توفير التدابير اللازمة لمنع انتشار الفيروس، وطبعا على مدار السنوات الماضية دون وجود الفيروس كان دائما التخوف قائما على الأسرى واستشهد عدد منهم نتيجة سياسة الإهمال الطبي".


وأشارت سراحنة إلى أنه بين الأسرى عدد كبير من المرضى الذين يصل عددهم إلى 700 أسير بينهم 200 يعانون من أمراض مزمنة، لافتة إلى أن التخوف قائم تحديدا على الأسرى من مرضى القلب والسرطان والكلى؛ وينطبق التخوف على كل الأسرى منهم الأطفال وكبار السن والأسيرات.

 

اقرأ أيضا: هنية يبحث مع أردوغان وأمير قطر سبل مواجهة "كورونا"


وشددت على أن إدارة السجون لم توفر أي إجراءات كالتعقيم؛ بل قامت بتطبيق إجراءات خجولة مثل التوقيع على ورقة والتشديد على من يدخل للأسرى فقامت بإلغاء زيارات العائلات والمحامين؛ ولكن الأخطر عليهم هم السجانون والمحققون حيث هناك انتشار واسع لدى الاحتلال للفيروس.


وتابعت: "بالنسبة لنا كجهات حقوقية فإن إدارة السجون تتحمل المسؤولية الكاملة عن تبعات هذا الأمر وأي شيء ممكن أن يتعرضوا له؛ لأنها بدلا من أن تتخذ التدابير اللازمة فرضت إجراءات تنكيل عليهم وفرضت منعا على 140 صنفا من مشترياتهم؛ وجزء منها هي مواد التنظيف التي هي أهم عنصر للوقاية من فيروس الكورونا؛ حيث نناشد ونجدد المطالبة لكل الجهات الحقوقية بأن تضغط على الاحتلال كي نتفادى على الأقل وجود إصابات في صفوفهم".


بدوره، قال الطبيب أمجد الحموري من الخليل والذي اعتقل عدة مرات على يد الاحتلال؛ إن السجون بشكل عام هي أماكن مكتظة ومن الصعب فيها محاولات منع انتقال العدوى؛ بل تكاد تكون شبه مستحيلة.


وأوضح الحموري لـ"عربي21" أن العدوى إذا دخلت إلى قسم ما فتكون انتشرت في كل القسم دون القدرة على حصرها في أسير واحد بسبب ما يفرضه السجن من واقع مكتظ.


وأشار إلى أن الأسرى يضطرون للاختلاط خلال حافلات النقل "البوسطة" مع الجنائيين واختلاط يومي مع السجانين، كما أن الطعام الذي يقدم لهم يكون أحيانا ملوثا مع عدم وجود إمكانيات لمنع انتقال العدوى للسجون.