منحت مؤسسة محمود درويش جائزتها السنوية للثقافة والإبداع لهذا العام، لكل من المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي، والشاعر والمترجم المغربي عبد اللطيف اللعبي والشاعر والباحث الفلسطيني زكريا محمد، كما منح المجلس التنفيذي للمؤسسة جائزة الشرف الخاصة للشاعر اللبناني شوقي بزيع.
وأعلنت المؤسسة عن أسماء الفائزين بجائزتها للسنة الحادية عشرة على التوالي في الذكرى السنوية لميلاد محمود درويش، اليوم الجمعة 13 من آذار (مارس) على موقعها على الأنترنت، ملتزمة بحالة الطوارئ التي أعلنها الرئيس محمود عباس، وما رافقها من قرارات الحكومة الفلسطينية في إطار التصدي لانتشار وباء "كورونا"، الذي منعها من تنظيم الحفل السنوي المعتاد لإعلان الجائزة لهذا العام، في مساء اليوم الذي يصادف ذكرى مولد درويش، ومن متحفه في رام الله، الذي سبق وأعلن عن إغلاق أبوابه أمام الزوار والفعاليات، التزاماً بالقرارات آنفة الذكر.
نعوم تشومسكي
وفي معرض تفسير لجنة الجائزة لمسوغات منحها هذه الجوائز أشار بيان صادر عن المؤسسة اليوم، إلى أن المفكر العالمي نعوم تشومسكي، الذي يُعدّ الأب لعلم اللسانيات الحديث وصاحب نظرية "النحو التوليدي"، اشتهر بشجاعته وعناده في الدفاع عن حرية الإنسان وكرامته في وجه الظلم والاستبداد، وعلى الأخص موقفه المناهض للاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، ومواقفه المبدئية التقدميّة، ضد الاستبداد والعنصرية باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من رسالته الإنسانية العامة.
وشكَّل مع رفيق دربه المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد فريقاً ثنائياً أخذ على عاتقه الدفاع عن قضية الشعب الفلسطيني على المنابر الأكاديمية والفكرية، وقدّما أروع المواقف في نقد الصهيونية ومخططاتها الاستعمارية، مقدمَيْن بذلك أمثلةً حيةً على أهمية القلم والفكر ودورهما في تغيير ما تعجز عنه أسلحة الدمار.
عبد اللطيف اللعبي
وأشارت اللجنة إلى أن الشاعر والمترجم المغربي عبد اللطيف اللعبي، والذي يقدمُ مـساره صورةً قـويةً عن حضور الشاعـر داخل مجتمعه، وعن الشعـر مُحاوراً للآخر، ومُسائلاً باستمرار لذاته وتحولاتها في خضم عالمٍ يـفتقر إلى السلام والأُخوة، كان من أوائل مَن ترجموا للشاعر الكبير محمود درويش ولآخرين.
وإلى جانب كتابة الشعر والرواية والتأملات، استطاع اللّعبي أن يمدّ جـسْـراً بين شعراء كتبوا بالعربية وجمهورٍ مُحـتـملٍ يقـرأ الفرنسية. فـكان أولَ مَـنْ تـرجم لمحمود درويش، ثم لشعراء وشاعرات آخـرين من فلسطين وأقطارٍ عربيةٍ أُخرى.
زكريا محمد
أما الشاعر والباحث الفلسطيني زكريا محمد، فرأت اللجنة أنه يُعد من أبرز الشعراء العرب المعاصرين، وأنه وصل بالنص الشعري، وبخاصة قصيدة النثر، إلى آفاق جديدة، وتحمل نصوصه الشعرية والنثرية بُعداً أنطولوجياً وجودياً فريداً، يقع سؤال الموت والحياة في بؤرته الأساسية، ويمثل استعارته الكبرى.
جائزة الشرف لشوقي بزيع
وقد منحت المؤسسة جائزة الشرف الخاصة للشاعر اللبناني شوقي بزيع الذي تُقدم تجربته نموذجاً إبداعياً يتمتع بالفرادة والعمق، يتواءم فيها البناء الغنائي المحكم المعتمد على بنيةٍ إيقاعيةٍ صافية، والتركيب الحداثي للصورة والمشهديات المنفتحة على قضايا الراهن المَعيش، ولما تمثله هذه التجربة من انحيازٍ شجاعٍ لهموم شعبه في لبنان وتطلعاته، وما عبرت عنه من التزامٍ عميقٍ بنضال الشعب الفلسطيني كقيمةٍ وطنيةٍ وإنسانيةٍ وأخلاقية.
وفي هذه المناسبة أكدت مؤسسة محمود درويش أهمية دور المبدعين فلسطينياً وعربياً وعالمياً بإعلاء صوت الحرية والتحرر والكرامة والعدالة ومواجهة الظلم والاستبداد والعنصرية، وذلك انحيازاً للرسالة التي كرّس محمود درويش حياته وإبداعه من أجلها.
ولذلك، ارتأت مؤسسة محمود درويش، منذ انطلاقها، ألا تقتصر الجائزة على المبدعين الفلسطينيين فقط، وأن تشمل أيضاً المبدعين العرب والعالميين، انحيازاً لفكر محمود درويش الإنساني وإصراره على تعميم قِيَم الحياة النبيلة في مواجهة العنصرية والتعصب وثقافة الاستبداد.
وتألفت لجنة الجائزة من كلٍّ من: الدكتور محمد برادة رئيساً، وعضوية: الدكتور رياض كامل، والدكتور اعتدال عثمان، والدكتور المنصف الوهايبي، والدكتور إبراهيم أبو هشهش، وإلياس فركوح، والدكتورة عادلة العايدي هنية.