نشرت مجلة إسبانية، تقريرا تناولت فيه عددا من المهارات التي يمكن أن يكتسبها الإنسان خارج أسوار المدرسة، بفعل انخراطه في الحياة، واكتسابه مهارات إضافيه.
وقالت مجلة "رينكون دي لا بسيكولوخيا" الإسبانية، في تقرير للكاتبة جينيفر ديلغادو سواريز، ترجمته "عربي21"، إنه في السنوات الأخيرة، أصبحت المدرسة مجرد خزان للمعلومات، يأتي إليها الأطفال لحشو أدمغتهم وحفظ أشياء متعلقة بالرياضيات والفيزياء والجغرافيا والتاريخ، دون أن يتعلموا المهارات الحياتية التي سوف يحتاجونها في المستقبل.
وأضافت بأن المدرسة باتت سببا في محدودية تفكير الأجيال الجديدة، عوضا عن نشر مهارات مثل استقلالية الفكر والقدرة على البحث عن المعلومة، وهو ما يجعل الأطفال يفتقدون لمهارة الإبداع والابتكار.
وشددت على أن المدرسة يجب أن تكون فرصة لفتح آفاق جديدة للأطفال لرؤية العالم، وليس تضييق نطاق تفكيرهم وجعلهم محدودي القدرات، معددة 10 من المهارات التي يمكن اكتسابها من خلال التعاملات اليومية، وهي على النخو التالي:
التفاوض
تقول الكاتبة، إن المدارس التقليدية لا تقدم أي تدريبات على مهارات التفاوض، حيث إن المدرس هو الذي يقرر كل شيء، ومن هنا تنتقل الفكرة إلى الأطفال، بأن هنالك دائما شخصا يتحكم والبقية مجرد مأمورين.
وفي المستقبل، يحتاج الأطفال لاكتساب القدرة على التفاوض، كمهارة أساسية يعتمدون عليها في العديد من الحالات، حتى عند طلب تخفيض السعر، أو حل الخلافات مع الآخرين، من خلال التركيز على النقاط المشتركة عوض الاختلافات.
متابعة الشغف
تقول الكاتبة إن أكثر كلمة تتردد في المدارس هي الواجبات، حيث إن الأطفال يتعلمون منذ نعومة أظافرهم أن هنالك أشياء مفروض عليهم القيام بها حتى لو كانوا لا يرغبون بذلك، وهذا يقتل فيهم كل شعور بالفرحة، ويجعلهم يعتقدون أن المسؤولية هي عكس المتعة.
ومن هنا، فإنه لا عجب في أن ملايين الناس حول العالم يقبلون القيام بوظائف يكرهونها، ويتخلون عن أحلامهم وهواياتهم والمجالات التي كانوا يحلمون بالتخصص فيها، لأنه لا أحد علمهم الإصرار ومتابعة شغفهم.
تقبل الأخطاء
تحرص المدارس على معاقبة الطفل على أخطائه، وهو ما يولد لديه شعورا بأنه لا يحق له أن يخطئ. وهذا الأسلوب لا يأخذ في الحسبان أن كل إنسان يقوم بجهد ويحاول يمكن أن ينجح أحيانا ويفشل في أشياء أخرى أو يتخذ قرارات خاطئة.
افتقاد هذه المهارة يجعل الأطفال عندما يكبرون غير قادرين على المضي قدما في مسيرتهم واتخاذ قرارات جريئة، والسبب في ذلك هو خوفهم من ارتكاب الأخطاء.
إدارة العواطف
تغفل المدرسة والمجتمع بشكل عام تعليم الأطفال كيفية التعامل مع عواطفهم ومختلف الحالات النفسية التي تعتريهم، بل تجبرهم على قمعها وإخفائها. ويقوم المجتمع بتصنيف هذه المشاعر إلى إيجابية وسلبية، ومقبولة ومرفوضة، وهو ما يجعل الأطفال لا يتعلمون كيفية تقبل عواطفهم وإدارتها بشكل جيد.
وفي الواقع، فإن كل إنسان يمر بحالات عاطفية مختلفة، وهذا جزء من حياتنا اليومية، وهذه الحالات هي مجرد إشارات إلى ما يدور في أذهاننا، يجب علينا أن نتحملها ونتعامل مع غضبنا أو خوفنا بالشكل الصحيح.
التعامل مع المحن
جميع الناس سوف يواجهون المحن في بعض مراحل حياتهم، وعندما يحدث ذلك من الأفضل أن يكونوا مستعدين لمواجهتها. والمشكلة هو أن المدرسة لم تعد تعلم الأطفال كيفية مواجهة المشاكل والتحلي برباطة الجأش والصبر، واعتبار أن كل أزمة تحمل في طياتها فرصة للتطور واكتساب الصلابة.
ويعد الإصرار مهارة أساسية يحتاجها الإنسان حتى يتجنب الانهيار أمام مشاكله، ويخرج أقوى بعد كل أزمة، إلا أن هذه المهارة لا تكتسب إلا بعد أن تصفعنا الحياة مرات عديدة. ويؤكد الخبراء أننا عندما ننظر للمشاكل على أنها فرصة للتطور، فإننا نتمكن من إدارتها بشكل أفضل.
تحفيز الذات
باتت المدارس تشجع الأطفال على اللجوء إلى الإدارة والمدرسين للبحث عن التحفيز والتشجيع، ولكن لا أحد يعلمهم أن هذا المصدر محدود ويجب عليهم الاعتماد على أنفسهم.
فقد تم إجراء تجربة مثيرة للاهتمام في جامعة أولتريخت الهولندية، تم خلالها إخضاع مجموعة من الأشخاص لاختبارات نفسية قاسية في أثناء قيامهم بحمية غذائية، أي في وقت احتاجوا فيه للكثير من العزيمة والتحكم في الذات. بعد ذلك تم إعطاؤهم أغذية متنوعة ليختاروا من بينها، وأولئك الذين تم استنفاد عزيمتهم خلال الاختبارات النفسية، اختاروا الأطعمة التي تسبب زيادة الوزن، أما الذين لم يتعرضوا لاختبارات صعبة، فإنهم اختاروا الأطعمة الصحية، وهو ما يعني أن الإنسان الذي يتمتع بالعزيمة والتحكم في الذات، يستطيع تحفيز نفسه بنفسه وإيجاد الدافع للقيام بالاختيار الصحيح.
البحث عن التوازن
تقول الكاتبة إن المدارس تعلمنا أن نكافح ونعمل بجد من أجل الحصول على درجات عالية، إلا أنها لا تعلمنا كيف نقيم توازنا بين الدراسة وباقي مجالات الحياة، حتى نشعر بالراحة والإشباع.
ولهذا من غير المستغرب أن هنالك أشخاصا عندما يكبرون يكرسون كامل حياتهم للعمل، ولا يخصصون أي وقت للترفيه أو للعائلة، لأنهم عاجزون عن ضبط الأولويات. وهذا يجعلهم يفتقدون للسعادة في حياتهم، ويعيشون في حزن واكتئاب.
الشعور بالامتنان
تؤكد الكاتبة أن الشعور الداخلي بالامتنان وتقدير النعم هو من أسرع الطرق نحو تحقيق السعادة والراحة النفسية، إلا أن الناس يهملون هذا الجانب في حياتهم.
وعندما نكون قادرين على إظهار الامتنان تجاه الجوانب الإيجابية في حياتنا، فإننا نعيش أكثر سعادة، والأمر لا يتعلق فقط بقول كلمة شكرا عندما يساعدنا شخص ما، بل إنه التفكير العميق والبحث عن أسباب للشعور بالرضا والامتنان، والتركيز على ما نملكه، عوض الندم على ما فاتنا.
تقدير قيمة الوقت
يعتبر الوقت أثمن شيء نمتلكه، ولكن من الغريب أن كثيرين يحرصون على تضييعه والتخلص منه بطرق مختلفة. ومن السهل أن نتناسى قيمة الوقت عندما نذهب كل يوم للمدرسة ونتعلم أشياء لا تثير اهتمامنا، ولا نستمتع بها، ولا نعتقد أننا سنحتاجها في حياتنا الواقعية.
ولكن عندما نفكر بشكل منطقي، فإن حياتنا يمكن أن تتغير بشكل كبير، إذا قررنا منح الوقت اللازم للأشياء المهمة في حياتنا، والاستفادة من هذا الوقت بالشكل الأمثل، من خلال التنظيم والتخطيط لكل يوم.
اكتشف نفسك
بمرور السنوات نؤدي أدوارا اجتماعية مختلفة، حيث نكون في ثوب الأصدقاء والآباء والزملاء والجيران، وبهذه الطريقة فإنه من السهل أن تضمحل هويتنا الحقيقية، وننسى أحلامنا وتطلعاتنا.
وفي الواقع، فإنه من الشائع أن يتقمص الناس الأدوار التي ينتظرها منهم المجتمع، وينتهي بهم الأمر إلى تناسي ذاتهم الحقيقية، وخوض الحياة التي كانوا يحلمون بها. لأنهم سمحوا للقواعد الاجتماعية بالتحكم فيهم، وكرسوا حياتهم لإرضاء الآخرين والاستجابة لتطلعاتهم.