تربعت "
إسرائيل" خلال الشهور الأخيرة على عرش الطاقة في الإقليم، بفضل حقول
الغاز الفلسطينية المحتلة، التي بدأت إنتاجها للمحيط العربي (
مصر- والأردن)، ومن ثم لأوروبا.
ومن المتوقع أن يتجاوز الطلب على إنتاج الغاز الاسرائيلي نسبة 80 في المئة عام 2020 عبر الإنتاج من حقل "ليفياثان"، ما سيمكندولة الاحتلال أن تصبح مصدراً للغاز في شرق
البحر المتوسط.
لم يكن لدولة الاحتلال أن تصل لهذه المكانة الاقتصادية الإقليمية، وتستثمر الغاز الغارق في البحر، دون مساعدة وتعاون دول عربية، بعدما أصبحت شريكا رئيسا في منتدى غاز شرق المتوسّط، الذي أطلقته مصر في 25 تموز/ يوليو الماضي، بمشاركة سبع دول، هي مصر والأردن وقبرص واليونان وإيطاليا و"إسرائيل" والسلطة الفلسطينية.
عند استعراض قيمة وحجم المكاسب الإسرائيلية، تتضح الأهمية الكبيرة للاتفاق المصري الإسرائيلي، وكيف سوقت القاهرة الغاز المسلوب لصالح تل أبيب. ذلك أن "إسرائيل" لا تملك محطات الإسالة، التي يستغرق بناؤها ما لا يقل عن سبع سنوات مما يجعل من "الغاز الإسرائيلي" ثروة معطلة.
وقد تم إبرام اتفاق بين شركة ديليك الإسرائيلية، المالكة لحقوق التنقيب في حقلي تمار وليفياثان في "إسرائيل"، وبين شركة "دولفينوس هولدينغ" في مصر، في شباط/ فبراير 2018. وهذا هو الاتفاق الذي بدأ العمل به 16 كانون الثاني/ يناير الجاري.
الاتفاق مع مصر سيحول الخسارة الإسرائيلية إلى ربح بقيمة ملياري دولار أمريكي سنويا، جراء شراء جزء من خط أنابيب مصري لنقل الغاز البحري من العريش المصرية إلى عسقلان.
كما بدأ الغاز الإسرائيلي بالتدفق للأردن، وسط معارضة شعبية واسعة لاتفاقية استيراد الغاز التي تنص على تزويد الأردن بنحو 45 مليار متر مكعب من الغاز الإسرائيلي، بقيمة عشرة مليارات دولار على مدار 15 عاما.
المكاسب الإسرائيلية لا تقتصر على الشق الاقتصادي لحقول الغاز على أهميته، بل تتعداه، فهناك أرباح أخرى يأمل الاحتلال جنيها، منها تعزيز اندماج "إسرائيل" في المنطقة عبر "السلام الدافئ"، في إطار "صفقة القرن"، فيما تستخدم تل أبيب احتياطاتها من الغاز "للبروز كقوة عظمى في المنطقة"، على حد تعبير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وتعزيز نفوذها الاستراتيجي على ضفتي البحر المتوسط.
المكاسب الإسرائيلية لم تتوقف عند هذا الحد، فقد أبرمت دولة الاحتلال اتفاقا مع اليونان وقبرص على إنشاء خط أنابيب مشترك، يمكّن "إسرائيل" من تصدير الغاز إلى أوروبا.
وبذلك يلعب حقل ليفياثان للغاز الطبيعي قبالة سواحل حيفا "عاملا مؤثرا" لعلاقات "إسرائيل" مع الاتحاد الأوروبي، خاصة وأن الأخيرة تعتمد حاليا على الغاز الروسي. وعليه، فإن وجود مصدر بديل منافس للغاز الطبيعي يمكن للاتحاد الأوروبي الاعتماد عليه؛ قد يقلل من قدرة موسكو على استخدام إمدادات الطاقة كسلاح سياسي ضد أوروبا، ويخفف من طوق خناق الغاز الروسي، ما يعني استثمار علاقة الطاقة المتنامية مع الاتحاد الأوروبي بما يخدم مصالح تل أبيب.
في هذه الأثناء، تثير خطط الغاز الجديدة تساؤلات حول تداعيات الاتفاق الذي وقعته قبرص واليونان و"إسرائيل"، في الثالث من كانون الثاني/ يناير الخاص، لإنشاء خط أنابيب شرق المتوسّط "إيست ميد" لمد أوروبا بالغاز الطبيعي، وتأثيره على مصر، خصوصاً في ظل سعي الأخيرة أن تصبح مركزاً إقليميّاً لتجارة الغاز الطبيعي المسال وتوزيعه إلى أوروبّا.
إلا أن مختصين مصريين يطمئنون أنفسهم، بأنه من الصعب تنفيذ خطّ "إيست ميد"، نظراً إلى طول الخطّ، ومروره في مياه عميقة، وتكلفته الضخمة، التي تصل إلى سبعة مليارات دولار.
لكن "إسرائيل" التي لا تؤمن بالاتفاقيات والعهود، تبعث رسالة إلى مصر بأن هناك بديلا عنها لتصريف الغاز إلى أوروبّا، حتّى لا تملي أيّ شروط مستقبلاً على نسبة مرور الغاز من أراضيها.
وهكذا تتواصل المكاسب الإسرائيلية على حساب الغاز الفلسطيني بتسويق عربي.