نشرت صحيفة "الكافي جيوبوليتيكو" الإيطالية تقريرا تناولت فيه مخاوف وقلق بعض دول المتوسط من الاتفاقية الاقتصادية والعسكرية المبرمة بين الجانب الليبي متمثلا في حكومة السراج في طرابلس، وتركيا.
وأفادت الصحيفة في التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأن اليونان وقبرص ومصر عبرت عن معارضتها الشديدة لاتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
1. طبيعة الاتفاقية بين أنقرة وطرابلس
ينقل التقرير عن خبراء في أنقرة فإنه بفضل هذا الاتفاق التاريخي، سيزداد الجرف القاري التركي في شرق البحر المتوسط بنسبة 30 بالمئة، مقابل التسبب في إضعاف اليونان.
وتربط المنطقة المعنية الجانب الجنوبي الغربي من تركيا بالجانب الشمالي الشرقي من ليبيا، وهي تعبر بذلك منطقة تقع تحت سيطرة قبرص واليونان، حيث بدأ العمل على تطوير خط أنابيب للغاز كان من شأنه أن يربط بشكل أكثر كفاءة الأسواق الأوروبية بالودائع الموجودة على طول الشواطئ الشرقية للبحر الأبيض المتوسط.
وأفادت الصحيفة بأن فرنسا وقبرص ومصر واليونان وقعت وثيقة تعلن أن مذكرة التفاهم بين تركيا وليبيا باطلة ومن شأنها انتهاك القانون الدولي للبحار.
وتحدد اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (المادة 56) أن المنطقة الاقتصادية الخالصة هي كل منطقة لا تزيد عن 200 ميل بحري، تتمتع فيها كل دولة ساحلية بحقوق اقتصادية سيادية لاستكشاف الموارد الطبيعية واستغلالها وإدارتها.
وتنص المادة 121 بوضوح، حسب التقرير، على أنه للجزر الحق القانوني في إنشاء منطقة اقتصادية خالصة. وينص القانون الدولي أيضا على أن إبرام اتفاقات على الحدود البرية والبحرية مسألة تتعلق بالسيادة الإقليمية ولا يمكن إبرام هذه الاتفاقات إذا كانت إحدى الدول تعاني من فترة حرب أو نزاع مسلح داخلي أو ظروف داخلية استثنائية.
وأوضحت الصحيفة أن إبرام الاتفاق على الحدود البحرية بين تركيا وليبيا تم بموجب اتفاقية عسكرية تضمن دعم حكومة السراج التركية في الحرب الأهلية ضد الجنرال حفتر. بعد توقيع الاتفاقية العسكرية، صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن أنقرة مستعدة لإرسال أي نوع من الدعم إلى حكومة طرابلس.
أثار كل هذا مخاوف الدول التي تشعر بأنها مهددة من قبل تركيا التي تعد أكثر دهاء على المستوى الاقتصادي في البحر الأبيض المتوسط.
2.موقف الأطراف المعنية
أفادت الصحيفة بأن اليونان تعد بالتأكيد من بين دول المتوسط الأكثر اهتماما بمبادرة أنقرة، وقد طردت الحكومة اليونانية السفير الليبي في أثينا بمجرد توقيع الاتفاقية.
ووفقا لأثينا، فإن الاتفاق بين تركيا وحكومة طرابلس يتجاهل بوضوح وجود جزيرة كريت، التي ستكون في منتصف المنطقة البحرية التي تغطيها الاتفاقية، فيما تشير الصحيفة إلى أن العلاقات بين تركيا واليونان كانت تاريخيا متوترة للغاية، ويرجع ذلك أساسا إلى القضية المتعلقة بقبرص.
اقرأ أيضا: بلومبيرغ: هكذا فرّ حفتر من موسكو بعد انتظاره مقابلة بوتين
أما الدولة الأخرى المنزعجة للغاية من الاتفاقية التركية الليبية فهي مصر التي لم تتردد في وصف الاتفاقية بأنها غير قانونية، وما يقلق القاهرة، بحسب التقرير، هو التدخل التركي المحتمل في الحرب في ليبيا، لأن مصر جزء من التحالف الذي يدعم الجنرال حفتر في حربه ضد حكومة السراج المدعومة من تركيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاتحاد الأوروبي هو الآخر وجه انتقادات لتركيا في أعقاب الاتفاقية، ووفقا لبروكسل، فقد وقعت تركيا وليبيا اتفاقا غير قانوني يتعارض بشكل خطير مع حقوق دول البحر المتوسط الأخرى، لا سيما مع حقوق الاستكشاف في شرق البحر الأبيض المتوسط على طول السواحل القبرصية. كما تزعم بعض المصادر أن الاتحاد الأوروبي لديه بالفعل عقوبات جاهزة ضد تركيا بسبب هذا الاتفاق.
3. الانعكاسات الجيوسياسية
ذكرت الصحيفة أنه في بداية سنة 2019، وافقت حكومات قبرص ومصر واليونان وإسرائيل والأردن وفلسطين وإيطاليا على إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط لتسهيل تجارة وعبور الغاز الطبيعي من دول الشرق الأوسط إلى أوروبا واستبعدت تركيا من هذه الصفقة.
بدورها، أعلنت أنقرة أن سكان منطقة الجزيرة الموالية لليونان لن يتمكنوا من المضي قدما في عمليات التنقيب وتصدير الغاز الطبيعي إلى الدول الأوروبية دون موافقة الحكومة التركية.
نتيجة لذلك، قررت تركيا عرقلة هذا المشروع المتوسطي الكبير بالاتفاق مع ليبيا على إعادة ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين، وسيسمح الاتفاق بين أنقرة وطرابلس، بالإضافة إلى الفصل بين الدول التي أنشأت منتدى الغاز لتركيا، ببدء استكشافاتها في مياه البحر المتوسط.
ولفتت الصحيفة إلى أن الاتفاق الاستراتيجي والعسكري بين ليبيا وتركيا يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، فيما يزعم العديد من الخبراء، وفق التقرير، بأن تركيا، كما فعلت مع سوريا، تتحرك من أجل أن توسيع مجال نفوذها في ليبيا أيضا.
وإلى جانب الرغبة في التنافس مع القوى الأوروبية الكبرى على النفوذ في ليبيا، لتركيا مصلحة في إضعاف منافسيها الإقليميين، وخاصة مصر والإمارات، المؤيدين الأقوياء لحكومة حفتر.
كما أن وقف إطلاق النار الأخير الذي وقعته روسيا وتركيا، والذي دخل حيز التنفيذ في 13 كانون الثاني/ يناير، يشير إلى استعداد موسكو للحد من أهداف تركيا التوسعية في البحر الأبيض المتوسط قدر الإمكان، بحسب التقرير.
WP: حرب ليبيا قد تكون صورة عما هو طبيعي في القرن 21
بلومبيرغ: أردوغان يدخل مغامرة كبيرة في ليبيا وهذه مخاطرها
MEMO: تعزيزات عسكرية إماراتية ومصرية لأمير الحرب حفتر