حقوق وحريات

منظمة مصرية: حبس الناشر خالد لطفي ضربة قاسية لحرية الإبداع

مؤسسة حرية الفكر والتعبير طالبت بالإفراج الفوري عن لطفي وإسقاط كافة التهم التي حوكم على إثرها- مواقع التواصل

أدانت مؤسسة حرية الفكر والتعبير بأقصى العبارات حكم محكمة النقض العسكرية بتأييد حبس الناشر خالد لطفي خمس سنوات، معتبرة إياه اعتداء صارخا على حرية الإبداع.

وطالبت المؤسسة، في بيان لها، الاثنين، بالإفراج الفوري عن لطفي، وإسقاط كافة التهم التي حوكم على إثرها، ووقعت المحكمة العسكرية عليه حكمها بأقصى عقوبة ممكنة في القانون.

وكانت محكمة النقض العسكرية قد أيدت حبس مؤسس دار تنمية خمس سنوات مع الشغل والنفاذ بتهمتي إفشاء أسرار عسكرية، وإذاعة أخبار وبيانات ومعلومات كاذبة، وذلك لنشره طبعة مصرية من كتاب المؤرخ الإسرائيلي يوري بار جوزيف، والمعنون في ترجمته للعربية بـ"الملاك: الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل".

وتعود وقائع القضية إلى أيلول/ سبتمبر عام 2017، حين اقتحمت قوة من المصنفات الفنية دار تنمية، وألقت القبض على أحد العاملين بالدار بحجة مخالفة معايير النشر بنشرها وتوزيعها الكتاب المذكور. وعلى أثر الواقعة أعدم مسؤولو تنمية 2000 نسخة، وهي مجمل المطبوع من الكتاب محل الخلاف.

وكانت دار تنمية قد طبعت بالاتفاق مع الدار العربية للعلوم في لبنان، صاحبة امتياز ترجمة الكتاب للعربية، نسخة منه في مصر ليكون سعرها في متناول القارئ المصري، وهو الاتجاه الذي لجأت إليه العديد من دور النشر في مصر بعد ارتفاع أسعار الدولار. ويروي الكتاب -الذي أنتجته خدمة البث الرقمي، نتفليكس، في شكل فيلم روائي طويل- قصة أشرف مروان صهر الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر معتبرًا إياه عميلًا مزدوجًا لمصر وإسرائيل.

وفي كانون الأول/ ديسمبر 2017، فوجئ القائمون على الدار بإحالة الواقعة إلى المحكمة العسكرية عوضا عن المحكمة الاقتصادية صاحبة اختصاص الفصل في المنازعات المتعلقة بالملكية الفكرية ومخالفة معايير النشر طبقا للقانون.

 

اقرأ أيضا: محكمة بمصر تقضي بحبس ناشر بتهمة "إفشاء أسرار عسكرية"

وأعربت مؤسسة حرية الفكر والتعبير عن قلقها الشديد من استمرار إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية، وانتقاص حقوقهم القانونية والدستورية بأحقيتهم في الوقوف أمام قاضيهم الطبيعي، والتوسع في تطبيق مواد قانون القضاء العسكري رقم 25 لسنة 1966 وتعديلاته.

وفي نيسان/ أبريل 2018 استدعت النيابة العسكرية الناشر "خالد لطفي" للتحقيق في الواقعة وأمرت بحبسه 45 يوما على ذمة القضية. وظل لطفي محبوسا إلى أن أيدت محكمة النقض العسكرية الحكم بالحبس الثلاثاء الماضي، ليصبح بذلك حكما نهائيا.

وقد أحالت النيابة إلى المحكمة العسكرية استنادا إلى المواد 80 أ الفقرة الثانية، والمادة 85 من قانون العقوبات والتي تتعلق بإذاعة سر من أسرار الدفاع، وكذلك المادة 102 مكرر من ذات القانون والتي تتعلق بنشر أخبار كاذبة، والمادة 5 ب من قانون القضاء العسكري.

وقد استنفد لطفي كافة درجات التقاضي والسبل القانونية المتاحة، لذا فإن السبيل الوحيد لخروجه من السجن هو حصوله على عفو من قبل الحاكم العسكري.

وقالت مؤسسة حرية الفكر والتعبير: "ثمة اتجاه متصاعد منذ 2017 بإحالة مبدعين إلى المحاكمات العسكرية، والتصديق على أحكام سالبة للحرية بحقهم، ويعد ذلك منحى شديد الخطورة في ما يتعلق بحرية التعبير والإبداع الفني".

وكانت محكمة الجنح العسكرية قد قضت في آذار/ مارس 2018 بحبس بعض أعضاء فريق مسرحية "سليمان خاطر"، التي عرضت على مسرح نادي الصيد، شهرين مع إيقاف التنفيذ في التهم التي وجهت إليهم بإهانة المؤسسة العسكرية.

وفي تموز/ يوليو 2017 قضت المحكمة العسكرية بحبس الناشر "محمد حواس" صاحب دار ضاد للنشر، والشاعر جلال البحيرى، بالحبس 3 سنوات بسبب نشر ديوان "خير نسوان الأرض"، والذي اعتبرته السلطات أيضا مسيئا للقوات المسلحة.

ورأت المؤسسة أن "حكم المحكمة العسكرية مخالف للمادة 67 من الدستور المصري، والتي تنص على أن (حرية الإبداع الفني والأدبي مكفولة، وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والآداب، ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم، وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لذلك. ولا يجوز رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بسبب علانية المنتج الفني أو الأدبي أو الفكري)".

وشدّدت حرية الفكر والتعبير على "أهمية إصدار قانون تداول والإفصاح عن المعلومات، والذي باءت كل محاولات إصداره في السنوات السبع الأخيرة بالفشل، وكذلك ضرورة فتح حوار مجتمعي حول القانون وآلياته، وكذا ضرورة أن يتضمن القانون آليات واضحة للبدء في عملية الإفراج عن الوثائق السرية وغير السرية، وإتاحتها للبحث والإطلاع، وخاصة تلك التي انقضى عليها سنوات عدة، بما يضمن التوازن بين ضرورات السرية وتكلفة عدم الإفصاح".