نشرت صحيفة "صندي تايمز" مقالا لمراسلها في العاصمة التايلاندية بانكوك، فيليب شيرويل، تحت عنوان "الأم سو تضحي بأطفال المسلمين لإرضاء ذاكرة والدها".
ويشير شيرويل في بداية مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى لقاء كان الأول مع آنغ سان سوتشي، التي وضعها الجيش في بيت عائلتها تحت الإقامة الجبرية لسنوات لأنها طالبت بالديمقراطية.
ويقول الكاتب: "في ذلك الوقت، عام 1995 كنت جالسا في غرفة الضيوف في بيت عائلتها المتداعي قرب البحيرة، في وقت تجمع فيه أنصارها حولنا، وجاءت سوتشي معتذرة لإبقائي في الانتظار، وعرضت علي تناول كوب من الشاي".
ويلفت شيرويل إلى أنه تم إطلاق سراحها بعد إقامة جبرية لستة أعوام في بيت عائلتها في العاصمة رانغون، و"دار حدينا حول سجانيها، الطغمة العسكرية في بورما، التي سجنتها عام 1989 لأنها حشدت المطالبين بالديمقراطية، وشجبها الجيش بصفتها (العاهرة الأجنبية) لأن زوجها وأبناءها يحملون الجنسية البريطانية".
وينوه الكاتب إلى أن ردها اختفى منه أي شعور بالعداء والغضب، وقالت: "لا أحمل مشاعر معادية لسجاني، وهذا الكلام ليس محاولة مني لاستخدام الدبلوماسية أو الكلام التكتيكي، وأنا نفسي أتساءل عن سبب هذا الأمر".
ويعلق شيرويل قائلا إن "واحدا من الأسباب ربما كان التزامها بفلسفة اللاعنف التي بدأها السياسي الهندي المهاتما غاندي، وهو المبدأ الذي حصلت من أجله على جائزة نوبل للسلام عام 1991، لكن العامل الأهم في عدم غضبها هو (لأنني أربط الجيش البورمي بوالدي)، ولم تعرف سوتشي والداها الجنرال أنغ سان أبدا، وهو يعد من أبطال استقلال بورما، واغتيل عام 1947 عندما كان عمرها سنتين، لكنه يبقى محل احترام بين الكثير من البورميين ونموذجا ملهما لابنته".
ويشير الكاتب إلى أنه بدلا من الضغينة على الجيش، فإن هدفها الرئيسي كان هو المصالحة بين العسكر، الذين سيطروا على السلطة بانقلاب عام 1961، والشعب.
ويبين شيرويل أنه "بالنسبة لسوتشي فإن المهمة، أو الهوس بالتقرب من العسكر، لم تختف حتى اليوم، ومهما فعلوا بها، فقد وضعوها في السجن الإجباري مرتين لمدة تصل إلى 15 و21 عاما، وعندما سمحوا بالعودة إلى الحكم المدني فإنهم فعلوا هذا بناء على دستور كتب من أجل الحفاظ على سلطتهم وتحكمهم في القضايا الأمنية كلها، ما يضمن لهم مقاعد في البرلمان، وحتى منع سوتشي من الرئاسة نظرا لعلاقتها مع بريطانيا".
ويلفت الكاتب إلى أن "سوتشي نقلت في الأسبوع الماضي التزامها بالجيش إلى مستويات أعلى أو أعمق، فقبل 28 عاما من اليوم حصلت على جائزة نوبل للسلام، لكنها وقفت أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لتقدم دفاعا هادئا خاليا من المشاعر عن جيل جديد من جنرالات بورما، ونفي تهمة الإبادة عنهم".
ويفيد شيرويل إلى أنها "ردت على شهادة غاضبة في المحكمة، فصلت الفظائع التي ارتكبت ضد المسلمين الروهينغا خلال العملية الوحشية التي تمت ضدهم عام 2017، ولم تحتو شهادتها على أي ملمح من الندم أو تأنيب الضمير، ولم تذكر حتى اسم الروهينغا، فسان سوتشي لا تستخدم اسم الشعب المكروه في بورما، وهي ليست وحدها كذلك، فمعظم البورميين من المستويات كافة لا يؤمنون بوجود شعب اسمه الروهينغا، فهم (بنغاليون) أو مهاجرون غير شرعيين من الجارة بنغلاديش".
وينوه الكاتب إلى أن "سوتشي انتخب بصفتها زعيمة مدنية للبلاد عام 2015، بعد عشرين عاما من لقائنا، عندما فاز المجلس الوطني للديمقراطية في الانتخابات، لكن برعاية من الجنرالات، واحتفل الأنصار السكارى بالنصر وهم يحملون الأعلام الحمراء المزينة بالطاووس الذهبي، وهو شعار الحزب، وكانت فترة احتفالية وانتصارا لقوة الشعب السلمية على ما يبدو".
وتذكر الصحيفة أنه بعد انتخابها بفترة زار الصحافي معسكرات الاعتقال التي أقيمت للمسلمين الروهينغا في ولاية راكين، بعد عمليات التطهير العرقي في عام 2012.
ويصف شيرويل هذه المعسكرات قائلا: "كانت محتشدة يمنع فيها الناس من الخروج بذريعة حمايتهم، وحرم عليهم السفر أو العمل والدراسة والعلاج في المستشفى، أو حتى دفن موتاهم الأعزاء عليهم، وكان المزاج هنا (في المعتقلات) مختلفا جدا عن النشوة التي يعيشها البلد في أثناء التحضير لانتخابات تاريخية، ولم يسمح للروهينغا بالتصويت؛ لأنهم غير موجودين ولا يعترف بمواطنتهم، مع أن معظمهم يعيد نسبه إلى أجيال عدة عاشت في البلد".
ويقول الكاتب إنه عندما سأل المسلمين عن الحياة في ظل امرأة تحكم البلاد وتؤمن بالديمقراطية وحقوق الإنسان، فإن ردهم كان حذرا، "فهم يعرفون جيدا تاريخ سوتشي القومي، لكنهم عبروا عن أمل بتحسن حياتهم، وقال بعضهم إن الحياة لن تزيد سوءا في ظل هذه المرأة، لكنهم لم يكونوا يعرفون الكثير".
ويشير شيرويل إلى أنه "بعد الإفراج عن سوتشي للمرة الثالثة والأخيرة عام 2010، احتفى العالم بها وهي تزور البلدان، ومنحت أخيرا الفرصة لتلقي خطاب قبول جائزة نوبل في أوسلو، وفي بورما كانت هناك ثرثرات بأنها شخصية مستبدة، وتجمع طريقة القيادة لديها بين الأرستقراطية والديكتاتورية، وأحاطت نفسها بمجموعة من الأنصار القدماء".
ويلفت الكاتب إلى أنه بعد الفوز في الانتخابات عام 2015، فإنها حولت هذا الفريق إلى حكومة مركزت السلطة في مكتبها في العاصمة الجديدة التي بناها الجنرالات نايبايديوا، وأصبحت الحاكم الفعلي للبلاد "مستشار الدولة".
ويقول شيرويل: "في الخارج تتم الإشارة إليها بـ(السيدة)، لكن في بورما فهي (الأم سو)، لكنها مختلفة كما بدا من رؤية السفير الأمريكي السابق للأمم المتحدة بيل ريتشاردسون، الذي دعم قضيتها واعتبرها صديقة، حيث يرى اليوم أنها مختلفة عن تلك التي عرفها، فعندما حاول طرح موضوع صحافيين بورميين سجنا بسبب كشفهما عن مذابح الروهينغا أصبحت غاضبة، وأكدت أن مصيرهما هو مسألة تتعلق بالمحاكم البورمية".
وينوه الكاتب إلى أن ريتشاردسون كان عضوا في لجنة شكلتها حكومتها للبحث عن حلول لأزمة الروهينغا، إلا أنه استقال منها، واعتبر اللجنة "تبييض" لسمعة سوتشي التي لم تظهر "قيادة أخلاقية".
ويذكر شيرويل أنه في الفترة التي اعتقلت فيها سوتشي، ما بين 1990 وسنوات العقد الأول من القرن الحالي، فإنها كانت تحث أي شخص تراه "أخبر العالم بما يجري هناك"، مستدركا بأنها عندما أصبحت في سدة الحكم فإن حكومتها منعت الدخول إلى ولاية راكين، ولم تسمح إلا للزيارات التي تشرف عليها.
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "سوتشي وبخت في لاهاي أولئك الذين يريدون (التدخل) في بلادها، وأكدت أن النظام القانوني البورمي قادر على التحقيق في الجرائم المزعومة ضد الروهينغا، مع أنها فشلت وبشكل واضح في عمل أي شيء، وفي نهاية مرافعتها قالت إن القضية المرفوعة ضد بلادها ستؤثر على جهود (المصالحة)، ربما مع الجيش وليس الشعب".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
التايمز: هذا ما أثبته ظهور زعيمة بورما بـ"الجنائية الدولية"
آي تي في: جونسون يعتذر عن مقال هاجم فيه المنقبات (شاهد)
نيويورك تايمز: ما تقوم به الصين ضد المسلمين ليس خيالا