خلال الأسبوع الفائت، وجه الرئيس التركي لرئيس وزرائه الأسبق أحمد داود أوغلو؛ اتهامات بالاحتيال على أحد المصارف في ما يتعلق بإحدى الجامعات الخاصة المحسوبة عليه، بينما لم يقف رد الأخير عليه عند النفي والتفنيد، وإنما تخطاه إلى دعوة البرلمان للتحقيق في أملاك الأحياء من الرؤساء ورؤساء الوزراء السابقين والحاليين وأقربائهم من الدرجتين الأولى والثانية، بما يعني شمول الاثنين (أردوغان وداود أوغلو) وعائلتيهما.
مشهد مؤسف ظهر فيه حزب العدالة والتنمية الذي يقود البلاد منفرداً منذ 17 عاماً وكانت إحدى أهم ميزاته وحدة الصف وتماسك البنى، حين يتبادل كل من رئيسه المؤسس وقائده من جهة، ورئيسه الثاني وأهم منظرّيه سابقاً من جهة أخرى اتهامات تتعلق بالذمم المالية على الملأ.
ثمة ما هو مفهوم في السياق السياسي، إذ تتوقع الأوساط التركية أن يعلن "الخوجا" عن حزبه الجديد خلال أيام، بينما يفترض أن يؤسس الوزير الأسبق علي باباجان بدوره حزباً آخر قبل نهاية العام، أي خلال أيام إلى أسابيع كذلك، وهو ما قد يفسر شمول تصريحات أردوغان لعلي باباجان ووزير سابق آخر في الاتهامات.
ورغم ذلك، يُظهِر التراشق الإعلامي الأخير، وبغض النظر عن تفاصيل قضية الجامعة ومسارها القانوني، إلى أي حد وصلت الخلافات بين رفقاء الدرب السابقين والمتنافسين المستقبليين، وبما يوحي باحتمالية تفاقم الأمر أكثر ووصول الخصومة إلى مستويات أعلى وأسوأ.
يُظهِر التراشق الإعلامي الأخير، وبغض النظر عن تفاصيل قضية الجامعة ومسارها القانوني، إلى أي حد وصلت الخلافات بين رفقاء الدرب السابقين والمتنافسين المستقبليين، وبما يوحي باحتمالية تفاقم الأمر أكثر
سيكون للحزبين تأثير على الانتخابات الرئاسية، لا سيما وأن الرئيس الأسبق غل يجهز نفسه ليكون مرشحاً توافقياً لعدة أحزاب في مواجهة أردوغان، من بينها حزب باباجان، ما يعني أن الرئاسيات المقبلة لن تكون أبداً بسهولة سابقتها
وبالعودة إلى تأثير الحزبين الجديدين، والذي لا يمكن الجزم به قبل أن يتحولا لحالة قائمة في المشهد السياسي التركي، يمكن الحديث عن سياقات عامة. أولها أن الحزبين المنتظرين قادران على السحب من رصيد العدالة والتنمية، قليلاً أو كثيراً، بسبب المشتركات الكثيرة بينهما في الأفكار والخلفيات والإنجازات والعمل المشترك لسنوات، وبالتالي فهما قادران على مخاطبة ومغازلة الحاضنة التي تصوت له، لا سيما المحافظين منهم.
والثاني، أن الحزبين لن يؤثرا كثيراً في المشهد السياسي الحالي، إلا بافتراض استقالة عدد كبير من نواب العدالة والتنمية الحاليين للانضمام لهما، وبالتالي ارتفاع حظوظ الانتخابات المبكرة، أو حدوث الأخيرة لأي أسباب أخرى، وهو احتمال قائم لكنه ضعيف جداً وفق المعطيات الحالية.
لكن سيكون للحزبين تأثير على الانتخابات الرئاسية، لا سيما وأن الرئيس الأسبق غل يجهز نفسه ليكون مرشحاً توافقياً لعدة أحزاب في مواجهة أردوغان، من بينها حزب باباجان، ما يعني أن الرئاسيات المقبلة لن تكون أبداً بسهولة سابقتها والتي كان أردوغان حسمها بسهولة نسبية ومن الجولة الأولى، وهو ما سيكون صعباً جداً في ظل انقسام الشريحة الانتخابية للعدالة والتنمية.
التأثير الأهم للحزبين الجديدين، وأي أحزاب أخرى مفترضة من نفس الخلفية، سيكون في الانتخابات البرلمانية المقبلة. فهذه الأحزاب قادرة على جذب نسبة ما من ناخبي العدالة والتنمية، خصوصاً في ظل ما يمكن عدُّه تباطؤاً في تجاوب العدالة والتنمية مع رسائل الانتخابات الأخيرة) لم يحصل تعديل وزاري، ومؤتمر الحزب العام في توقيته الاعتيادي، (وكذلك إمكانية دخولهما البرلمان دون الحاجة لتخطي العتبة البرلمانية في ظل قانون التحالفات ساري المفعول حالياً.
يمكن القول إن باباجان وداود أوغلو (ومن يدعمهما) يؤسسان الحزبين اليوم لكنهما يضعان نصب عينيهما مرحلة ما بعد أردوغان لوراثة حزب العدالة والتنمية
تركيا.. أزمة جامعة شهير سياسية أم قانونية؟
أردوغان في قطر: رسائل بعدة اتجاهات
حزب العدالة والتنمية وتحدي التجديد