قال معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن موقع السعودية في الشرق
الأوسط وامتلاكها لأرامكو عملاق النفط وبيعها البترول لبلدان تشعر بالقلق بشكل
متزايد من تغير المناخ، لا تعتبر عوامل تفتح الآفاق على إيجابيات محتملة بعيدة
المدى لذلك لا يزداد اليقين بشأن مقاربتها الأخيرة بطرح أسهم أرامكو محليا.
ورأى المعهد في تقرير له أن أسباب تأخير الطرح الأولي للاكتتاب العام،
يعود لمشروع ولي العهد "رؤية 2030" إضافة إلى أنه تُعزى أشهر التأخير التي مرت منذ ظهور تقارير مفادها أن الأمير
ومسؤولين آخرين يدرسون فكرة الطرح الأولي للاكتتاب العام، إلى التردد في الكشف عن
التفاصيل المالية الخاصة بالشركة، فضلاً عن القلق من أن تصبح أصولها عرضة
للإجراءات القانونية.
وأوضح أن الشكوك تسري أيضاً حيال القيمة الإجمالية
للشركة. فقد ألمح الأمير محمد بن سلمان إلى أنها تساوي ترليونَي دولار، مما يعني
أن بيع مجرد 5 في المائة من أسهمها سيؤدي إلى تدفق 100 مليار دولار إلى خزائن
الحكومة السعودية. وقد أعرب المحللون عن شكوكهم في مصداقية هذا التقييم، مشيرين
إلى أن قيمة الشركة تتراوح بين 1.5 و1.8 تريليون دولار، أو ربما أيضاً تتدنى لتصل
حتى إلى 1.1 ترليون دولار.
وقد صرحت الرياض في مرحلة ما أنها تنوي بيع 5 في المائة من الأسهم سنوياً على مدى عشر سنوات ثم تتوقف بعد ذلك للحفاظ على ملكيتها لأكثرية الحصص، إلّا أن خططها الحالية غير واضحة.
إقرأ أيضا: "واشنطن بوست" تحذر من خطورة الاستثمار في أرامكو
ولفت المعهد إلى ان إعلان الثالث من تشرين
الثاني/ نوفمبر جاء ليؤكد التنبؤات بأن الطرح الأولي سيتم أولاً في السوق المالية
السعودية "تداول" بدلاً من أسواق الأوراق المالية في نيويورك أو لندن أو
طوكيو، والتي يمكن القول إنها أفضل استعداداً للتعامل مع مثل هذا العرض الكبير.
ولكن
لم يتم الكشف عن أي معلومات حول عدد الأسهم التي ستُطرح، إلّا أن التقارير تشير
إلى أن هذه النسبة ستكون ما بين 1 و 2 في المائة. ولا يوجد أي مؤشر حول سعر السهم
أو التاريخ المحدد لإطلاق الطرح الأولي. ويبدو أن مستشاري ولي العهد لا يزالون
يبحثون عن وسيلة للوصول إلى الرقم الرئيسي الذي يفضله والبالغ تريليوني دولار.
وأشارت المعهد إلى أنه وبغض النظر عن هدف ولي
العهد السعودي، فإن السوق هو الذي سيقرر في النهاية مثل هذه الأمور، خاصةً بمجرد
تداول الأسهم في بورصات أخرى غير سوق المعاملات "تداول".
وبالنسبة لإطلاق الطرح في السوق المحلية، تسعى
الحكومة للحصول على التزامات من صناديق الثروة السيادية الأجنبية (ربما روسيا
والصين) وكذلك أفراد سعوديين أثرياء، من بينهم بعض أولئك الذين احتُجزوا في فندق
"ريتز كارلتون" بالرياض في أواخر عام 2017 بسبب الفساد والاستغلال
وتحقيق أرباح فاحشة كما زُعِم. وبشكل أكثر عموماً، يُقال إن الحكومة تُشجع
المواطنين السعوديين على الحصول على قروض مصرفية من أجل شراء الأسهم.
وقد يتمكن المستثمرون من جني الأرباح فور بدء
التداول، كما حدث عندما قامت بريطانيا بخصخصة المرافق العامة المملوكة للدولة في
الثمانينيات، ولكن الزيادة في الأسعار ليست مضمونة بأي حال من الأحوال.
وتتطلب عملية تحويل الاقتصاد السعودي بحسب
تقرير المعهد إلى استحداث نحو مليون فرصة عمل جديدة للعديد من الشباب الذين يدخلون
سوق العمل في السنوات القليلة القادمة. بيد أن مشروع "رؤية 2030" هو
مدينة "نيوم"، التي هي منطقة اقتصادية مخططة في الجزء الشمالي الغربي من
المملكة بالقرب من مصر والأردن ذات مستوى تكنولوجيي متفوق وتبلغ قيمتها 500 مليار
دولار.
إقرأ أيضا: السعودية تطلب من ماليزيا المشاركة في طرح "أرامكو"
ومع
ذلك، سيكون هناك عدد قليل نسبياً من الوظائف للأشخاص في المرافق المليئة
بالروبوتات التي يُزمع إنشاؤها في "نيوم"، والتي لا يوجد فيها حتى الآن
سوى مطار جديد واحد وبعض القصور المكتملة.
وألقت عملية قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي
بظلالها على المناقشات للاستثمار الأجنبي في السعودية. ومع ذلك، تشير التقارير إلى
أن المدراء التنفيذيين الأجانب كانوا أكثر اهتماماً بتأمين دخل الرسوم في المشاريع
الجديدة، لجمع الأموال أو المساعدة الاستثمارية في الخارج بدلاً من استثمار
الأموال فعلياً في المملكة.
ورجح المعهد أن يتم استثمار بعض عائدات الطرح
الأولي العام خارج المملكة، على الرغم من أن الرياض تواجه صعوبة في اختيار الجهات
الرابحة. فقد تكبدت المملكة خسارة حتى الآن في الاستثمار الذي قام به "صندوق
الاستثمار العام" السعودي في شركة "أوبر" بقيمة 4 مليارات دولار.
في حين أن الدعم السعودي لصندوق الاستثمار في
مصرف "سوفت بنك" الياباني يبدو مشكوكاً فيه في ضوء الإخفاق الذي مُني به
مؤخراً الطرح الأولي العام لأسهم شركة "وي ورك" حيث كان "سوفت
بنك" منخرطاً إلى حدٍّ كبير.
ورأى أن هذه الأسباب وغيرها، سوف تحرص الأسواق
المالية الدولية وكذلك الحكومات الأجنبية على مراقبة سير الطرح الأولي لأسهم
"أرامكو" بحذر، إذ غالباً ما تجد هذه الحكومات نفسها مضطربة أو محتارة،
أو الاثنان معاً، بسبب عمليات صنع القرار في المملكة.
وقد تناولت صحيفة "إيكونوميست" في
مقالتها الافتتاحية هذا الأسبوع مسألة الطرح الأولي العام واصفةً إياه بأنه
"الأكبر والأغرب في العالم" ووصفت محمد بن سلمان بـ "الأمير
الاستبدادي ذي اليدين الملطختين بالدماء" - ولا شك في أن الرياض بغنى عن هذا
النوع من الإعلام مع اقتراب موعد هذا الحدث الاستثماري الضخم.
بلومبيرغ: إعلان اكتتاب "أرامكو" الأحد.. وترجيحات بتقييم أقل
مصادر تتحدث عن طرح ابن سلمان اكتتاب أرامكو رسميا الأحد
وثائق: أرامكو تحقق مكاسب ضئيلة من أنشطة التكرير الخارجية