نشرت الحكومة البريطانية نص مشروع قانون ستعرضه على البرلمان للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، رغم رفض رئيس مجلس العموم إدراج المشروع على جدول أعمال المجلس؛ بسبب تعديل أقره البرلمان، السبت.
ومساء الاثنين، نشرت الحكومة مشروع القانون الذي ستعرضه على البرلمان، وهو يتكون من 110 صفحات، إضافة إلى 124 صفحة أخرى من الملاحظات والتوضيحات.
كما نشرت الحكومة بالتزامن مع ذلك فيلما ترويجيا لمشروعها للانسحاب، يتضمن لقطات مصورة وممنتجة، مرفقة بالموسيقى.
وسعت حكومة بوريس جونسون لطرح الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الاتحاد الأوروبي على البرلمان، الاثنين، لكن رئيس مجلس العموم جون بيركو لم يسمح بالتصويت عليه؛ لأنه تم بحث الأمر ذاته يوم السبت، لكن المجلس أقر تعديلا يؤجل التصويت لاستكمال الإجراءات الضرورية.
وقال بيركو أمام البرلمان: "باختصار، الطلب المقدم اليوم هو من ناحية الجوهر الطلب ذاته الذي قدم يوم السبت، وقد اتخذ البرلمان قراره بشأنه. ظروف اليوم هي في جوهرها ظروف يوم السبت ذاتها".
وأضاف: "قراري لذلك أن هذا الطلب لن يناقش اليوم (الاثنين)؛ لأنه سيكون مكررا، ومخالفا للنظام المتبع"، مثيرا غضب المشرعين المؤيدين لاتفاق الخروج، الذين قالوا إنه تم رفض فرصة للتصويت على اتفاق جونسون.
وأوضح بيركو أن الحكومة لا يزال بوسعها ضمان التصديق على اتفاق الخروج من التكتل بحلول 31 تشرين الأول/ أكتوبر، إذا توفرت لها الأصوات اللازمة لذلك في البرلمان.
لكن قرار رئيس مجلس العموم معناه أن الحكومة عليها أن تحاول الدفع بتشريع ينال القبول لإقراره، وهي عملية يعتزم معارضوها إفشالها بإدخال تعديلات ستقضي على اتفاق جونسون.
وفاجأ المعارضون للاتفاق في البرلمان جونسون السبت، حيث أقروا تغيير تسلسل التصديق على الاتفاق، وبالتالي تأجيل التصويت عليه، ما يُخضع رئيس الوزراء لقانون يلزمه بالتأجيل حتى 31 كانون الثاني/ يناير.
وفي تطور يوضح انعكاسات دوامة الخروج على أصول الحكم في
بريطانيا، أرسل جونسون خطابا غير موقع للاتحاد الأوروبي، يطلب فيه تأجيل خروج بلاده من التكتل، لكنه أضاف مذكرة أخرى موقعة باسمه، أوضح فيها أنه لا يريد التمديد، على نحو يقوض فكرة الانسحاب بشدة.
وقال جونسون في الخطاب الموقع باسمه: "أي تمديد آخر سيضر بمصالح المملكة المتحدة وشركائنا في الاتحاد الأوروبي وبعلاقاتنا".
وقال ستيف باركلي، وزير شؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، إن رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، قبِل طلب التأجيل باعتباره قانونيا ويبحثه.
ومن وجهة نظر الاتحاد الأوروبي، تتراوح خيارات التأجيل من مجرد شهر إضافي (حتى نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر)، إلى ستة أشهر أو أكثر.
وتصر الحكومة على أن البلاد ستغادر التكتل يوم 31 تشرين الأول/ أكتوبر، وذكرت أنها تعتزم طرح المشروع مجددا على البرلمان الثلاثاء، للتصويت عليه بحلول الخميس، رغم أنه لم يتضح ما إذا كان رئيس مجلس العموم سيسمح بإجراء هذا التصويت، فيما تقول المعارضة إن الجدول الذي تطرحه الحكومة لإقرار المشروع لا يسمع بالتدقيق في بنوده. وإذا رفض البرلمان هذا الجدول الزمني، فإنه لن يكون ممكنا الانتهاء من التصويت على الاتفاق قبل نهاية الشهر.
وبموجب قوانين البرلمان، فإنه يتوجب عرض الاتفاقيات الدولية قبل 21 يوما من التصويت عليها، لذلك فإن تجاوز هذا الشرط يحتاج لتعديل قانوني في البرلمان، وهو ما يسعى إليه جونسون.
وقال وزراء جونسون إنهم على يقين من أن لديهم العدد اللازم لتصديق البرلمان على الاتفاق، على الرغم من القلق بشأن احتمال أن تدمر التعديلات اتفاق جونسون.
ويعتزم
حزب العمال المعارض بزعامة جيرمي كوربين إدخال تعديلات على التشريع، اللازم للخروج من الاتحاد الأوروبي، ستجعله غير مقبول لقطاعات كبيرة من حزب جونسون نفسه، بينها اقتراح بإجراء استفتاء على الاتفاق، إضافة إلى اقتراح بالبقاء في السوق المشتركة.
وبحلول 28 تشرين الأول/ أكتوبر، وفي حال عدم موافقة البرلمان على الاتفاق، فإنه ينتظر عقد اجتماع طارئ للاتحاد الأوروبي لإقرار طلب تأجيل الانسحاب.
ويقول وزراء في الحكومة البريطانية، إنه رغم هزيمة جونسون في البرلمان السبت، إلا أن الاتفاق من الممكن أن يحصل على أغلبية من النواب؛ نظرا لإمكانية تمرد نواب من حزب العمال على قرار قيادة الحزب، كما من الممكن أن يصوت لجانبه نواب منشقون عن
حزب المحافظين.
وقد رفض النواب البريطانيون ثلاث مرات الاتفاق السابق الذي توصلت إليه رئيسة الحكومة السابقة تيريزا ماي.
فحزب الديمقراطيين الأحرار (19 صوتا)، والحزب الوطني الأسكتلندي القومي (35 صوتا)، يعارضان
بريكست أساسا، وحزب العمال (242 صوتا) يرى أن الاتفاق الجديد يضعف حقوق العمال، بينما يعتبر دعاة حماية البيئة (الخضر، صوت واحد) أنه لا يحترم البيئة.
كما يرفض الاتفاق الوحدويون في أيرلندا الشمالية، الممثلون بالحزب الوحدوي الديمقراطي (عشرة أصوات)، والمتحالفون مع بوريس جونسون في البرلمان.
فالاتفاق الجديد ينص على أن تبقى أيرلندا الشمالية ضمن المنطقة الجمركية البريطانية، لكن من الناحية العملية سيكون هناك نوع من الحدود الجمركية بين المقاطعة البريطانية والبر الرئيسي.
وهذا يعود لتطبيق نظام مزدوج تخضع بموجبه السلع التي تصل وتبقى في أيرلندا الشمالية من بلدان خارج الاتحاد الأوروبي، مثل الولايات المتحدة، لقوانين الجمارك البريطانية، فيما تخضع التي تدخل الاتحاد الأوروبي عبر أيرلندا لنظام الاتحاد الأوروبي.
وستواصل أيرلندا الشمالية تطبيق قواعد الاتحاد الأوروبي في عدد محدد من المعايير؛ من أجل أن تعبر المواد الغذائية والحيوانات والسلع الصناعية المسموح بها بسهولة أكبر من وإلى أيرلندا.