نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا للكاتبة جاستين لينتش، تتحدث فيه عن جهود السفير الأمريكي في الخرطوم لتقديم الطغمة العسكرية إلى واشنطن.
وتقول لينتش، إن مسؤولي إدارة دونالد ترامب ربما نشروا تغريدات عن الديمقراطية في السودان، إلا أن القرار على ما يبدو هو في يد رجال ترامب في السعودية والإمارات.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن أجواء المذبحة كانت تغلي في السودان يوم الخميس الماضي عندما وصل ستيفن كوتسيس، وهو أكبر دبلوماسي أمريكي في الخرطوم، إلى واشنطن، لافتا إلى أنه ذهب رأسا من الطائرة لتقديم تطمينات لمسؤولين في الحكومة والخبراء عن الوضع في السودان، الذي كان يقف على حافة الفوضى.
ويلفت الموقع إلى أنه تمت تنحية عمر البشير عن السلطة في نيسان/ أبريل، فيما أصبحت قوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) تتحكم في السلطة، مشيرا إلى أنه مع انهيار المحادثات بين المتظاهرين، الذين نظموا مسيرات بالملايين والجيش، حاولت قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي الهجوم على المعتصمين لتفريقهم.
وتؤكد الكاتبة أن هناك أمرا شريرا كان يحدث، فيما ساد لقاء واشنطن ذعر، بحسب ما قال ستة أشخاص شاركوا في اللقاء الخاص، وقال معظم الشهود إن تعليقات كوتسيس كانت ضبابية وغير واضحة، وعبر عن تعاطف مع موقف الجيش الذي لا يستطيع تسليم السلطة بعد تنحية البشير.
ويستدرك التقرير بأن اللحظة الصادمة جاءت عندما دعا الولايات المتحدة لحشد مصالحها مع مصر والإمارات العربية المتحدة والسعودية، وهي الدول الثلاث التي قدمت الدعم المالي والعسكري والدبلوماسي لحميدتي والطغمة العسكرية لتساعدها على التمسك بالسلطة.
ويفيد الموقع بأن هذه الدول الثلاث، التي تبناها ترامب، لا تشترك مع الولايات المتحدة بالقيم الديمقراطية، بل على العكس فهي معروفة بقمعها لحقوق الإنسان ليس في الداخل فقط، لكن في الخارج أيضا، فقد قامت القيادة السعودية بقتل وتقطيع الصحفي جمال خاشقجي، العام الماضي في اسطنبول، وشنت حربا كارثية في اليمن.
وتنوه لينتش إلى أن كوتسيس ربما كان في موقع الدفاع عندما سئل عن تباين مصالح هذه الدول مع المصالح الأمريكية. وساد صمت في داخل القاعة، بعدها قال المساعد السابق لوزير الخارجية في عهد باراك أوباما جوني غارسون، إن مصالح أمريكا في "حقوق الإنسان والديمقراطية والحكم الصالح وسيادة القانون".
ويعلق التقرير قائلا، إن "هذه كانت هي حال السياسة الخارجية الأمريكية عندما جاءت المذبحة أخيرا إلى السودان يوم الاثنين، ففي صباح ذلك اليوم قامت قوات حميدتي بالهجوم على المعتصمين، وحولت ساحة من الخيام والأعلام والشعارات إلى كومة من الرماد والجثث والدم".
وينقل الموقع عن ناشط سوداني، قوله: "فعلوا ما فعلوه اليوم منذ سنوات في دارفور"، فيما وصف شهود عيان وناشطون الرعب الذي حل بالمكان وما فعلته قوات حميدتي، التي هاجمت المدنيين وضربت بعضهم بالعصي، وأطلقت النار على الآخرين من خلال الأسلحة الأتوماتيكية، واصفين كيف حاصر المسلحون المستشفيات والعيادات التي كانت تقوم بمعالجة الجرحى وداهموها، ووصفوا المدينة قيد الإغلاق، حيث يتعرض أي مدني للضرب أو أسوأ على يد قوات حميدتي.
وتذكر الكاتبة أن هناك تقارير انتشرت عن انتهاكات جنسية وإهانات، وتم قطع الإنترنت عن المدينة، مشيرة إلى أنه قتل في الموجة الأولى من الهجوم 30 شخصا، فيما جرح 300 شخص، إلا أن العدد تزايد بسبب عدم التجول في مناطق المدينة الأخرى، واستمر العنف يوم الثلاثاء حيث خاف المواطنون من مغادرة بيوتهم، وتقول إنه كانت هناك محاولة لشجب المجزرة في مجلس الأمن الدولي تمت عرقلتها من الصين وروسيا.
ويجد التقرير أن أحداث السودان الأخيرة هي نقطة تحول في مرحلة ما بعد البشير، ومحاولة حميدتي السيطرة على البلاد من خلال البلطجة، لافتا إلى أنه عادة ما يتم التذرع بالنظام وسيلة لتبرير العنف، وهو المنطق ذاته الذي استندت إليه الصين في قمعها لمحتجي ساحة تيانامين، التي مضى عليها 30 عاما، ومجزرة رابعة قبل ستة أعوام، "ثم يطلب من الناس النسيان، لكن أهل السودان لن ينسوا العنف، مثلما لم ينسوا مذابح دارفور".
ويرى الموقع أن "العنف الذي مارسه الجيش يشير إلى توجه البلد للتمزق مثل ليبيا، وسيتذكر الناس المذبحة كونها دليلا جديدا على فشل المجتمع الدولي لمنع مجزرة تم التحذير منها".
وتنقل لينتش عن المسؤول السابق في إدارة جورج دبليو بوش، كاميرون هدسون، قوله إن "صمت الدول الغربية على ما جرى في السودان خلال الأشهر الماضية تجاه التدخل الخارجي، ربما أسهم في حدوث هذا".
ويبين التقرير أنه من الناحية الرسمية تقول الولايات المتحدة والدول الغربية إنها تريد الديمقراطية في السودان، إلا أن المدنيين والمسؤولين السودانيين يشككون في جدية الولايات المتحدة، لافتا إلى أن مدير المخابرات السابق صلاح قوش، لخص الوضع قائلا إن "مصلحة الولايات المتحدة هي استقرار هذا البلد"، وقد عمل قوش مع المخابرات الأمريكية والمسؤولين الأمريكيين، إلا أنه لم يعد مفضلا للاستخبارات الأمريكية، وقال: "لو جاء الاستقرار من المجلس العسكري فالأمريكيون سيدعمونه، وإن تحقق من خلال حكومة مدنية فالأمريكيون سيدعمونها، وهم يدعمون الحكم الرشيد من الناحية المبدئية، وليس عبر آلية".
ويقول الموقع إن من عبروا عن شكهم في دعم الولايات المتحدة للديمقراطية لديهم عدة أدلة تعزز استنتاجاتهم، منها دعم واشنطن نظام الانقلاب في مصر عام 2013، وعندما زار حميدتي وجنرالات أخرون في المجلس مصر والسعودية والإمارات صمتت الدول الغربية.
وتورد الكاتبة نقلا عن مسؤولين غربيين، قولهم إن فشل المجلس العسكري في تسليم السلطة للمدنيين سيؤدي إلى عدم اعترافهم به، لكن الولايات المتحدة ترفض الالتزام بهذا الموقف، مشيرة إلى أنه قبل مذبحة الاثنين، كانت هناك خطط لجلب القادة المدنيين إلى واشنطن من أجل تعزيز مكانتهم.
ويشير التقرير إلى أنه في الوقت الذي أعلن فيه المجلس العسكري عن انتخابات عامة بعد 9 أشهر، فإن مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية تيبور ناجي علق قائلا، إن التعجل بالانتخابات أو حكومة تكنوقراط دون أن تشمل ائتلاف المعارضة لن يكون كافيا.
ويستدرك الموقع بأنه رغم قيام الخارجية الأمريكية بنقاشات حول الجرائم الجماعية في السودان، إلا أنها لم تكن واضحة حول كيفية منعها، مشيرا إلى أن هناك حاجة إلى نهج متعدد الجوانب لمنع العنف من خلال التواصل مع المسؤولين.
وتقول لينتش، إن "علاقة الولايات المتحدة مع الطغمة الحاكمة ليست قوية، وفي الحقيقة فإنها تجد صعوبة في الحصول على المعلومات الأمنية حول ما يجري في السودان، بالإضافة إلى معلومات عن اللاعبين السياسيين، وذلك بحسب تصريحات ثلاثة مسؤولين أمريكيين".
ويختم "ديلي بيست" تقريره بالإشارة إلى أن ممثلي حكومات غربية وصفوا تقديرات أمنية مختلفة حول حجم القوات التابعة لحميدتي، فيما قال مسؤولون من دول أخرى إن هناك غموضا فيما يتعلق بالعلاقة بينه وبين القوات المسلحة.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
فايننشال تايمز: هكذا يتم سحق أحلام الحرية بشوارع الخرطوم
FP: ما هو دور التحالف السعودي الإماراتي بانقلاب السودان؟
واشنطن بوست: يجب عدم السكوت على مجزرة الخرطوم