شيوخ السلطان، مصطلح أطلقه السلف الصالح على فئة من الناس تملقت بعلمها للحاكم، إما طمعا فيما عنده، أو رهبا من سلطانه. وقد أطلق اللقب من باب الذم لا المدح، وصار معلوما لدى الناس بعبارات أخرى، تعبر عن السخرية من هذه العينة من المشايخ، فسماهم ابن القيم بـ"قطاع الطرق"، لأنهم يقطعون طريق التدين على عباد الله. وفي مصر أطلقوا عليهم حديثا أكثر من مسمى مثل "شيوخ الحكومة"، وتارة بـ "الشيوخ الملاكي"، أي أنهم كسيارة الأجرة تستأجر لقضاء الغرض مقابل أجر يدفعه الراكب، وأطلق عليهم الشيخ الغزالي عبارة "علماء السلطة"، و"دعاة الشرطة".
محاولات للتزيين
لكن كشأن كل مكروه ومبغوض من الناس، يحاول أصحاب المعصية أو الجريمة تزيينها بتغيير مسماها، فالخمر تسمى بالمشروبات الروحية، والرشوة تسمى إكرامية، وهكذا. ومؤخرا حاول شيوخ السلطان تزيين المصطلح وأنه مطلوب منهم أن يكونوا شيوخا للسلطان، ثم زادت جرأتهم على الشرع ونصوصه، بأنهم مأمورون بذلك.
إن المفسرين لم يفسروا الآية بأن (أولي الأمر) الحكام، أو السلاطين، بل فسرها معظم المفسرين: بالعلماء
ادعاء على الشرع
وفي الحقيقة إن خالد الجندي أراد أن يدعي على الشرع بأنه أمر الشيوخ أن يكونوا شيوخا للسلطان، وهو كذب على الشرع، فالآية تتحدث عن طاعة الله والرسول، وقد جاءت الطاعة لولي الأمر هنا تابعة لطاعة الله ورسوله، وليست منفصلة عنهما، فقال تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول)، وعند حديثه عن أولي الأمر، لم يقل: (وأطيعوا أولي الأمر) بل عطفها على طاعة الله ورسوله، فقال: (وأولي الأمر منكم)، ولم يجعلها طاعة مستقلة، دلالة على أنها طاعة مرهونة بأن تكون موافقة لأوامر الله ورسوله.
ثم إن المفسرين لم يفسروا الآية بأن (أولي الأمر) الحكام، أو السلاطين، بل فسرها معظم المفسرين: بالعلماء. والآية تتحدث عن (أولي الأمر) بصيغة الجمع لا المفرد، وذلك للدلالة على أن الحكم في الإسلام حكم مؤسسي، وليس حكما فرديا، يقوم على الشورى، وجعل العلماء من عوامل وأسباب عزل الحاكم في الإسلام: ترك الشورى، أو تجاوز الشورى. وأن الطاعة في الإسلام لأي شخص كائنا من كان، أوضحها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إنما الطاعة في المعروف"، وقوله: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق".
الحكم في الإسلام حكم مؤسسي، وليس حكما فرديا، يقوم على الشورى
الآثار العثمانية بمصر.. تاريخ وحضارة
المكارثية إذ تنتفش مجددا في مصر