محللون: حفتر لن يرضى بأقل من أن يسيطر على مقاليد وكل مفاتيح الدولة الليبية- أرشيفية
أثار سلوك قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر المتحرش بقوات حكومة الوفاق الوطني في الضواحي الجنوبية والشرقية من مدينة سرت والتابعة لحكومة الوفاق الوطني، استغراب المراقبين والمحللين، بسبب تناقض توافق حفتر مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج في أبوظبي برعاية البعثة الأممية.
ويأتي مثار الاستغراب من الانقلاب السريع للواء المتقاعد على التعهد بإجراء انتخابات نيابية ورئاسية، وخضوع المؤسسة العسكرية لسلطة الدولة المدنية، ووقف التحرك والاستفزاز العسكري لقواته، أو إثارة حرب أهلية في العاصمة طرابلس، التي تهدد قوات حفتر بالتحشيد لاجتياحها.
وسبق لحفتر أن خالف ما تفاهم عليه مع السراج في باريس الأولى برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تموز/ يوليو 2017، أو الاجتماع الذي حضره حفتر والسراج ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري برعاية فرنسا، وبحضور ممثلين لعدة دول، حيث لم ينفذ حفتر تعهده بإجراء استفتاء على الدستور.
مقربون من اللواء المتقاعد قالوا إن حفتر يشترط حصوله على كامل صلاحيات إدارة المؤسسة العسكرية والأمنية، وإدارتهما بعيدا عن سلطات الدولة المدنية، وإن ما تعهد به حفتر للسراج في أبوظبي سيكون محل شك كبير من ناحية التنفيذ والتطبيق على الأرض.
"استحواذ على الحكم"
يرى المستشار السياسي السابق للمجلس الأعلى للدولة، أشرف الشح، "أن سلوك حفتر يتجه نحو الحصول على مزيد من السلطات، والتحكم بشكل فردي في مصير ليبيا، دون شراكة أي أطراف أخرى"، مستدلا "بتكتم اللواء المتقاعد عن الإدلاء بتصريحات يوضح فيها ما جرى الاتفاق عليه مع السراج في أبوظبي".
واستدرك الشح، في تصريح لـ"عربي21"، أن "عدم تصريح حفتر بالاعتراض على توافقات وتفاهمات أبوظبي، كما فعل في المرات السابقة في باريس وباليرمو، يعني أنه يترك مجالا لكي يحافظ على الحد الأدنى، إلى أن يتمكن من الحصول على مكاسب أكبر، سواء بتحرك على الأرض في أماكن معينة دون الوصول بها إلى حرب شاملة".
وقال المستشار السياسي السابق، إن حفتر "يحاول ابتزاز المبعوث الدولي إلى ليبيا غسان سلامة، وذلك بتضمين نقاط أخرى للاتفاق تمكنه من السيطرة الكاملة أي تشكيلة حكومية جديدة"، مشبها خطوات غسان سلامة بأنها "حرث في البحر، وإضاعة للوقت، وأنه من الممكن أن يؤدي إلى اقتتال وحرب أهلية".
"خرق حفتر"
من ناحية أخرى، توقع الكاتب الليبي المبروك الهريش أن "يخرق حفتر اتفاق أبوظبي، لأن له سوابق في خرق الاتفاقات، حتى التي كانت من مبادرات حلفائه، وأبرز مثال اتفاق باريس الذي ضرب به قائد الكرامة عرض الحائط".
وعدّد الهريش لـ"عربي21" مظاهر خرق حفتر لاتفاق أبو ظبي، التي منها "تقدم بعض القوات التابعة له غربا صوب سرت، كذلك استمرار النزاع في الجنوب، كما أن المتحدث باسم قواته أحمد المسماري لا يزال مستمرا في خطابه الإقصائي الذي يرى تسلم الجيش السلطة هو الحل، حتى وإن لم يصرح بذلك مباشرة".
وأضاف الكاتب الليبي أن "طبيعة تفكير ومنطق حفتر تمنع عليه الرضوخ لأي حل سياسي، لأنه مشبع بالثقافة العسكرية القديمة التي تتلخص في أن القوة العسكرية هي التي تحكم بعيدا عن أي حديث عن الديمقراطية والانتخابات واختيار الشعب لحكامه".
وانتهى الهريش إلى أن "حفتر فشل في السيطرة على البلاد بالقوة، رغم الغطاء غير المحدود من حلفائه الإقليميين والدوليين، إضافة إلى أن هناك اتفاقا دوليا عاما على مدنية الدولة عن طريق الديمقراطية والانتخابات".
"تخوفات حقيقية"
إلا أن الأكاديمي الليبي أحمد يونس يرى أن "تخوفات الأطراف المعارضة للواء المتقاعد خليفة حفتر خاصة في غرب ليبيا مبررة، من جهة أن اتفاق أبوظبي، واستعجال المبعوث الأممي غسان سلامة في التحضير لعقد الملتقى الوطني الجامع، لم يجيبا على طبيعة دور حفتر القادم، الذي سيكون مشرعنا وداخل منظومة الدولة".
وقال يونس لـ"عربي21" إن حفتر "لن يرضى بأقل من أن يسيطر على مقاليد وكل مفاتيح الدولة الليبية، وأن اتفاق أبوظبي والكلام عن مدنية الدولة هي مرحلية واستراتيجية يستعملها اللواء المتقاعد للوصول بالسياسة إلى ما عجز عنه سلاحه أن يوصله إليه، خاصة أن أي حديث عن ضمانات دولية لن يكون كافيا أمام الدعم المصري والإماراتي المطلق لحفتر".
إلا أن الكاتب الليبي عاد وأكد على ضرورة "وضع حد لأزمة ليبيا السياسية، التي أثرت في كل قطاعات ومؤسسات الدولة، والتعامل بحذر مع طموح حفتر"، داعيا إلى " إجراء انتخابات عامة بعد الاستفتاء على مشروع الدستور، وهو الذي سيناط به في النهاية فصل السلطات ووضع قوى الأمن والجيش تحت إشراف مدني".