قال سياسيون ونشطاء
مصريون إن
ثورة 1919 في مصر، أسست لواحد من أهم المبادئ التي تقوم عليها الثورات
في التاريخ، وهو التحرك الشعبي تحت مظلة مطالب وطنية خالصة.
وتمر هذه الأيام
الذكرى المئوية الأولى لأول ثورة وطنية في مصر، والعالم العربي؛ بهدف التخلص من
الاحتلال البريطاني، واسترداد السيادة الوطنية على أرض مصر، واستمرت شهورا، وعمت
الكثير من المدن الرئيسية في طول البلاد وعرضها.
وأجبرت الثورة
الاحتلال الإنجليزي على الانصياع لإرادة المصريين مطلع عام 1922؛ حيث تم إلغاء
الحماية البريطانية، وإعلان مصر دولة مستقلة، وصدور أول دستور مصري سنة 1923،
وتشكيل أول وزارة برئاسة
سعد زغلول عام 1924.
ورأى السياسيون
والباحثون في تصريحات لـ"
عربي21" أن
ثورة 25 يناير لا تزال تعتلج في
نفوس المصريين، ولكنها تبحث عن مخرج للأزمة التي وقعت فيها القوى السياسية، حيث
تحزب الجميع قبل أن يجنوا ثمار الثورة، ما ساهم بشكل كبير في الانقلاب عليها من
قبل الدولة العميقة، التي استغلت انقسام قوى الثورة.
المخرج الكبير
وقال أستاذ التاريخ، والسياسي
المصري، محمود عطية، لـ"
عربي21": إنه "في ثورة 19 قال الناس كلمتهم
واتحد الشعب المصري تحت مظلة واحدة، وإن كان الزعيم لم يكن زعيماً بالصورة
الحقيقة؛ حيث عاش منعماً في مكان بعيد، أما الآن المعارضة في السجون أو على
المشانق أو المنافي".
ورأى أن هناك الكثير
من الدروس المستفادة، قائلا: "على الشعب أن يتعلم من الماضي، ويحتذي بأفعال
أجداده، وإن كان شابها بعض العيوب، لكن أهم ما يميز ثورة 19 هو اتحاد الشعب المصري".
وطالب بضرورة أن
يتجاوز المصريون خلافاتهم، وينحوها جانبا إذ "لابد أن ننسى الخلافات من أجل
الوطن الذي نحب ونعشق أرضه، والتغلب على أي مشاكل بين جميع القوى السياسية".
من جهته؛ قال الكاتب
الصحفي، قطب العربي، لـ"
عربي21": "إن أهم الدروس المستفادة من ثورة
1919 هي ضرورة وجود قيادة محل احترام وتقدير الناس، مثل سعد زغلول الذي قاد تلك
الثورة وسار الناس خلفه وكانوا يهتفون باسمه، كما أن من الدروس هو توحد الجميع حول
أهداف محددة وإن أهداف الثورات الرئيسية هي الاستقلال والدستور".
مضيفا أن "الثورة
حققت جزءا كبيرا من الهدف الأول، وحققت الهدف الثاني وهو دستور 1923، ومن الدروس
المفيدة أيضا الحضور الشعبي الواسع، وليس الاعتماد على النخب فقط، كما أن النخب
ذاتها توحدت في مشروع وطني واحد؛ فكان المسلم والمسيحي، وكان المثقف والأمي، وكان
رجل الأعمال والعمال والفلاحين الخ".
وأعرب عن اعتقاده بأن
"المعارضة المصرية تحتاج إلى استعادة روح ثورة 1919 وهي ذاتها التي تكررت في
ثورة 25 يناير 2011 والتي تتركز في توحيد الهدف وتوحيد الرايات، وتجاوز خلافات
الماضي ولو مؤقتا لتحقيق الهدف المشترك، وهو في حالتنا الحالية الخلاص من النظام
القمعي العسكري".
لا تراجع
الباحث والسياسي
المصري، حاتم أبو زيد، قال لـ"
عربي21": "إن من أهم الدروس، أولا: ألا
تحيد الثورة عن الهوية الوطنية، فالحركة الوطنية كان هدفها تحرير مصر من الاحتلال
البريطاني، لا الانفصال عن الدولة العثمانية، وهنا فإن من يريد تحرير مصر من
الاستبداد وسلطة العسكر لا ينبغي له أن يعادي الهوية الإسلامية".
وأضاف: "ثانيا:
عدم التعويل على المجتمع الدولي، فثورة 1919 تعلقت بإعلان الرئيس الأمريكي ولسون
الخاص بحق تقرير المصير، وكانت تطالب بالذهاب لعرض قضيتها أمام مؤتمر الصلح في
باريس وحين رفضت بريطانيا اندلعت الثورة، وبدلا من ذلك اعترفت دول المؤتمر
بالحماية البريطانية على مصر".
وثالثا "قيادة
الثورة من أشخاص غير ثوريين يؤدي لفشلها؛ فبعد رفض بريطانيا للوفد المصري بالسفر
لباريس، قام طلبة مدرسة الحقوق بالتظاهر، فإذا بعبد العزيز فهمي يقول لهم: (إنكم
تلعبون بالنار دعونا نعمل في هدوء ولا تزيدوا النار اشتعالًا). ولكن الثورة زادت
اشتعالا ولم يقبل الطلبة بقوله".
وأردف أبو زيد :
"رابعا: عدم القبول بحلول وسط، فهذا ما يضيع جهد الشعب الثائر هدرا، ويدخل به
في دهاليز المفاوضات التي لا تنتهي . فالقبول بتصريح فبراير، من ثم وضع دستور 23
ثم إجراء الانتخابات أنهى الصراع الثوري، وثبت وضعية الاحتلال"، لافتا إلى "ضرورة
وحدة الهدف، فالتخلص من الاحتلال كان الرابط الجامع بين قوى الشعب. وضرورة
التحاكم للشعب وعدم تجاهله أو وضع وصاية عليه".