ملفات وتقارير

لماذا تزايدت جرائم العصابات الدولية بمصر في السنوات الأخيرة؟

لا تعلن الحكومة أعداد الجرائم الجنائية التي يتم ارتكابها في البلاد- جيتي

تزايدت الجرائم الجنائية التي ترتكبها عصابات دولية في مصر في السنوات الأخيرة بمعدلات غير مسبوقة.


وتنوعت جرائم تلك العصابات العابرة للحدود بين تجارة المخدرات وشبكات الدعارة الدولية والاتجار في البشر وتهريب الأسلحة والآثار، الأمر الذي أثار تساؤلات حول أسباب تزايد نشاط العصابات الدولية في مصر، ومدى خطورتها على المجتمع المصري.

 

وكانت آخر تلك الوقائع الكشف، الأسبوع الماضي، عن عصابة دولية تضم عناصر مصرية وأجنبية، تقوم بالاتجار بالبشر، وممارسة أعمال الدعارة، وجلب المواد المخدرة من الخارج لترويجها بين المصريين.

 

عصابات بالجملة

 

ولا تعلن الحكومة أعداد الجرائم الجنائية التي يتم ارتكابها في البلاد، وتعدّ هذه الإحصائيات من أسرار الأمن القومي، لكن عام 2018 وحده شهد سقوط أكثر من عشر عصابات دولية في مصر، من بينها عصابات من أمريكا اللاتينية وأفريقيا والدول العربية.

 

وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، تم إلقاء القبض على عصابة كولومبية تخصصت في سرقة المساكن والفيلات الفارهة بمنطقة القاهرة الجديدة.

 

وفي الشهر ذاته، تم ضبط تشكيل عصابي من السودانيين تخصصوا في السطو المسلح على رواد البنوك، بعد ملاحقتهم عقب خروجهم من البنوك.

 

كما تم إصدار حكم في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي بالسجن 27 عاماً على عصابة أردنية بعد إدانتها بسرقة 100 مليون جنيه و21 كيلو ذهب و25 سيارة من 35 فيلا في القاهرة.

 

وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، تم ضبط تشكيل عصابي في جنوب سيناء تخصص في تزوير بطاقات الائتمان الإلكترونية، والاستيلاء على مبالغ مالية كبيرة من حسابات أصحابها، يضم متهمين رومانيين ومصريين، كما تم ضبط تشكيل عصابي في البحر الأحمر يحمل عناصره جنسيات أجنبية؛ لقيامهم بالاتجار بالبشر، وتهريب الفتيات للعمل بالدعارة داخل مصر عن طريق مستندات مزورة باعتبارهن طالبات.

 

استغلال الفقر والعوز

 

وواصلت محكمة جنايات الجيزة، الأحد الماضي، نظر القضية المعروفة إعلاميا باسم "عصابة الاتجار بالبشر"، وهم 40 شخصا من المصريين والعرب والأجانب، متهمون بالاتجار بالبشر، وتسهيل عمل فتيات مصريات في الدعارة بعدد من الدول العربية، بعد تحرير عقود زواج وهمية بأشخاص من دول خليجية.

 

وأوضحت تحقيقات النيابة قيام العصابة الإجرامية بالحصول على مبالغ مالية مقابل الاستغلال الجنسي للفتيات في أعمال الدعارة، عن طريق استقطاب الفتيات الفقيرات، بالإضافة إلى قيام تهريب بعض الأطفال إلى أحد البلاد العربية بمقتضى مستندات مزورة.

 

ويقول مراقبون إن هذه العصابات تنجح في تجنيد عناصرها المصرية للتعاون معها بعدة طرق، من بينها الإغراءات المادية، والوعد بتحقيق مكاسب مالية ضخمة، كما تستغل عصابات الاتجار في البشر والدعارة حاجة النساء والفتيات للأموال، خاصة من سكان المناطق العشوائية والمنتمين للطبقات الفقيرة، وتقدم لهن وعودا بحياة أفضل في حالة العمل في الدعارة خارج البلاد أو داخلها.

 

وتستغل العصابات فقر بعض الأسر، وسوء أوضاعها المادية والاجتماعية، لتغريها بالمال مقابل الموافقة على تزويج بناتها القاصرات بأثرياء من دول الخليج، تمهيدا لعمل تلك الفتيات في الدعارة في وقت لاحق، حينما تكتشف الضحية أنها تعرضت للخداع، وأصبحت متورطة ضمن شبكة دولية لممارسة الدعارة، كما تقوم بعض العصابات بجلب فتيات أجنبيات للعمل في مجال الدعارة في مصر، خاصة في المدن السياحية، وهم في الغالب عضوات في شبكات دولية لممارسة الرذيلة مقابل المال".

 

الانشغال بالأمن السياسي

 

وتعليقا على هذه القضية، قال الناشط الحقوقي محمود البنا إن هناك عاملين أساسيين وراء تزايد الجرائم الجنائية بوجه عام في مصر، من بينها جرائم العصابات الدولية، الأول هو انشغال الأجهزة الأمنية بالأمن السياسي وملاحقة معارضي النظام، والثاني هو انتشار الفقر والعوز بين ملايين المصريين، ما يجعل بعضهم على استعداد لفعل أي شيء مقابل المال.


وأضاف البنا، في تصريحات لـ "عربي21"، أن معدلات الجرائم أخذت في التصاعد بشكل غير مسبوق في السنوات الأخيرة، من بينها تزايد تجارة المخدرات والدعارة والسطو المسلح والنصب، كما أن العصابات الأجنبية تجد في مصر بيئة مناسبة لممارسة سهولة الدخول إلى البلاد، وإيجاد الكثير من الأشخاص الذين يقبلون القيام بأعمال مخالفة للقانون مقابل حفنة من الدولارات.


وأشار إلى أن تزايد معدلات الفقر في البلاد يتناسب طردياً مع تزايد أعداد الجرائم، موضحا أن عصابات الاتجار في الأعضاء البشرية، على سبيل المثال، تستغل فقر المواطنين، وتستولي على أعضائهم مقابل أقل من ألف دولار، كما أن كثيرا من الأسر توافق على زواج فتياتها القاصرات من مواطنين أجانب مقابل المال، وبعد ذلك تبدأ الفتاة في الانحراف إلى عالم الدعارة.

 

وأوضح محمود البنا أن مواجهة العصابات الدولية أمر صعب؛ لأنها تمارس نشاطها الإجرامي في دول مختلفة، وتضم عددا من الأشخاص الذين يحملون جنسيات مختلفة، وهو ما يصعّب تتبعها، كما أن بعض عناصرها يدخلون البلاد بجوازات سفر مزورة تحت ستار السياحة أو الدراسة أو العمل، ويغادرون خلال فترات قصيرة قبل القبض عليهم، وفي بعض الأحيان يتم اكتشاف جرائمهم بعد سفرهم إلى خارج البلاد.