أكد خبراء وعسكريون أن المقر الجديد لوزارة الدفاع المصرية الذي يتم إنشاؤه وسط العاصمة الإدارية الجديدة، وأطلقت عليه الوزارة لقب "الأوكتاغون"، يمثل رسالة بأن الجيش هو المسيطر على مقاليد الأمور بمصر لسنوات كثيرة قادمة، خاصة وأنها المرة الأولى التي يحرص فيها الجيش أن يكون مقره بوسط مدينة يتم إنشاؤها.
وطبقا لمعلومات سربتها إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة لعدد من وسائل الإعلام، فإن المبنى الجديد الذي تم تصميمه على الطراز الفرعوني سيكون الأكبر بمصر والأضخم في منطقة الشرق الأوسط، حيث يتم إنشاؤه على مساحة إجمالية تقدر بـ189 ألف متر مربع.
ويحمل المبنى الجديد اسم "الأوكتاغون" أو "The Octagon"، أي المبنى ثماني الأضلاع، حيث يضم كل ضلع مبنى رئيسيا على هيئة ثمانية أضلاع أيضا، ويمثل كل ضلع رئيسي أحد أفرع القوات المسلحة الثمانية، والتي ترتبط جميعها من خلال ممرات سرية وأخرى ظاهرة بمبنى رئيسي يتوسط الأضلاع الرئيسية الثمانية وهو المبنى الخاص بمقر وزارة الدفاع وهيئة الأركان العامة.
وفي تعليقه على المبنى الجديد، أكد الباحث المتخصص في شؤون الأمن القومي عبد المعز الشرقاوي لـ"عربي21" أن القوات المسلحة بهذا المبنى خالفت الأعراف الراسخة لديها بأن تكون على أطراف العاصمة المصرية وليست وسطها، وحتى المبنى الحالي الذي يقع بمدينة العباسية بشرق القاهرة، كان عند إنشائه بأطراف القاهرة وبالتحديد في صحراء العباسية كما كان يطلق عليها قبل أن يصلها العمران وتمتد إلى مدينة نصر.
وأوضح الشرقاوي أن تغير هذا العرف المتوارث، يشير إلى أن القوات المسلحة منذ الانقلاب العسكري الذي جرى في 3 تموز / يوليو 2013، غيرت من إستراتيجيتها وسياستها، من اللعب في الظل لظهور في العلن والقيام بدور اللاعب الرئيسي على عكس ما كان يحدث في الفترة التي أعقبت نكسة حزيران/ يونيو 1967، وحتى انقلاب 2013.
وأشار الشرقاوي إلى أن توسط المبنى لحي الوزارات بالعاصمة الإدارية الجديدة، يترجم فكرة أن الجيش هو محور الارتكاز وباقي الوزارة مجرد سكرتارية لديه، كما يعكس جنون العظمة الذي يسيطر على السيسي منذ نجاحه في الإطاحة بالرئيس المدني المنتخب محمد مرسي، وهي الحالة التي يريد أن يصدرها للقوات المسلحة، لضمان استمرار ولائها والانصياع له.
وطبقا للباحث بشؤون الأمن القومي، فإن القضية ليست في المبنى الفخم، وإنما في ترسيخ فكرة استحواذ الجيش على مقاليد الأمور بمصر، سواء الأمور الاقتصادية التي أصبح الجيش هو المتحكم رقم واحد فيها، أو بسيطرته الكاملة على الإعلام والفن والسياسة.
وتساءل الشرقاوي عن أوجه تمويل هذا المبنى الضخم، مؤكدا أن هناك تناقضا بين هذا البذخ وبين ما دعا إليه السيسي الوزارات الأخرى بالتقشف لتدبير نفقات إنشاء الفصول الدراسية التي تحتاجها مصر، بل إنه قرر في سبيل ذلك إلغاء العلاوة الدورية المقررة لموظفي الحكومة.
وفي إطار متصل، أكد الخبير العسكري اللواء عادل الحوبي لـ"عربي21" أن القيادة الحالية للجيش تسير في عدة مسارات لسيطرة القوات المسلحة على شؤون الحياة المدنية، وهو ما يمثل خطرا في المستوى البعيد على الجاهزية القتالية لأفراد الجيش، بعد أن أصبح الاهتمام بالمشرعات الاقتصادية، وليس بالتدريب العسكري.
وأضاف الحوبي أنه من المفترض أن تعلن القوات المسلحة عن تكلفة المبنى الجديد، وماذا ستفعل في المباني القديمة التي أصبحت تتوسط أهم مناطق القاهرة، وهل تكلفة المبنى من موازنة القوات المسلحة، التي لا يعرف أحد أوجه إنفاقها حتى الآن، أم أن هناك تمويلا بعيدا عن الموازنة هو الذي يتكفل بإنشاء المبنى الضخم الجديد.
وأوضح الخبير العسكري أن موازنة القوات المسلحة توضع رقما واحدا بالموازنة العامة للدولة، وحتى العام الذي كان من المفترض أن يتم مناقشة الموازنة بالتفصيل جرى الانقلاب العسكري لتظل موازنة الجيش سرا، لن يسمحوا لأحد الاقتراب منه.
وبين أن موازنة 2017/2018 بلغت 68 مليارا و350 مليون جنيه (4 مليارات دولار) بزيادة بلغت 31 مليار جنيه عن موازنة 2013/2014، رغم تغيير سعر الصرف، ما يعني أن الموازنة زادت بنسبة 100 بالمئة خلال السنوات التي تلت الانقلاب مباشرة.
وأشار الحوبي إلى أن هذه الموازنة لم يدخل فيها عائد المشروعات الاقتصادية التي يديرها الجيش حاليا، في مجال البناء والتشييد، والأسمنت والخدمات الصحية، وصناعة الإعلام والرياضة والفن، والأمن الغذائي، وهي كلها مجالات إنتاجية تدر عائدا كبيرا للقوات المسلحة، التي تخلت بشكل كامل عن مجال الصناعات الحربية، التي لن تجد لها مشتريين بالطبع.
ورأى أن إطلاق اسم "الأوكتاغون" على المبني الجديد، بعد أن كان يعرف مقر وزارة الدفاع بـ "الأمانة العامة"، يمثل رسالة من السيسي لقيادات القوات المسلحة المغرمين بالتجربة الأمريكية، بأنه إذا كان لدى الأمريكان "البنتاغون"، فإن المصريين أصبح لديهم "الأوكتاغون"، وهو ما يمثل نظرة سطحية في مجال المنافسة والجاهزية العسكرية الحقيقية.
الأقباط في عهد السيسي.. نزيف مستمر (إنفوغرافيك )
لقاء يجمع بين عباس والسيسي في القاهرة.. هذا ما بحثاه
عباس يلتقي السيسي بشرم الشيخ على هامش منتدى الشباب