عنوان الكتاب: الدين والسياسة في تونس والفضاء المغاربي
الكاتب: الدكتور عبد اللطيف الحناشي. أستاذ التاريخ السياسي المعاصر والراهن جامعة منوبة تونس
دار النشر،سوتيميديا للنشر والتوزيع،عدد الصفحات 280 ،تونس 2018
الكتاب هو محاولة لتعريف بالحركات السياسية ذات المرجعية الإسلامية في تونس وبعض دول المغرب العربي من زوايا متعددة.
يستعرض المؤالف الدكتور عبد اللطيف الحناشي، وهو أستاذ التاريخ السياسي المعاصر والراهن بجامعة منوبة في تونس، ويحلل أفكار وبرامج ومواقف تلك الأحزاب وعلاقاتها في ما بينها ومع الأطراف السياسية الأخرى داخليا وخارجا مع التركيز على طبيعة التحولات التي عرفتها تلك الحركات وحدودها وآفاقها وانعكاساتها المختلفة على الأوضاع العامة في تونس والمنطقة المغاربية...
تتجاوز الفضاء العربي والإسلامي
يرى الكاتب أن إشكالية علاقة الدين بالسياسة أو
السياسة بالدين لم تكن حكرًا على الفضاء العربي الإسلامي، بل هي إشكالية عرفتها بقية الفضاءات الحضارية (الأوروبية تحديدا) الأخرى. كما يرى أن بعض الشعوب الأوروبية وغيرها (من ذلك بعض الدول الإسلامية كتركيا واندونيسيا وماليزيا...) تمكنت من حسم الأمر بعد نقاشات وصراعات فكرية وسياسية طويلة بل أحيانا عقب حروب أهلية عكس المنطقة العربية التي لم تتمكن إلى حدّ الآن، لأسباب مختلفة ذاتية وموضوعية، من الحسم في هذه الإشكالية وظلت تكرر وتجترّ نفس المقاربات التي عرفتها الساحة الفكرية منذ عصر النهضة في المجال العربي، وتجدد النقاش بعد نشوء الدولة العربية الحديثة، وتكرّر طرح المسألة بقوّة بعد التحولات التي عرفتها بعض الدول العربية بعد الإنتفاضات وما أفرزته من تحولات سياسية في إطار مراحل الانتقال الديمقراطي. .
نماذج متميزة
اتخذت المسألة طابعا خلافيّا حادا، أحيانا، في منطقة المغربي نتيجة تعدّد الأحزاب العلمانية والأحزاب والمجموعات ذات المرجعية الإسلامية خاصة بعد تصدّر بعضها المشهد السياسي وتحوّلها كأحد أبرز مكوناته وتأثيرا في مساراته، كحزب العدالة والتنمية في المغرب الأقصى وحزب النهضة في تونس. ورغم أن البعض رأى في هذا التحول تجربة مميزة وفريدة في العالم العربي غير أن حضور تلك الأحزاب ومشاركتها السياسية في السلطة أزعج قطاعا عريضا من النخبة السياسية والثقافية المغاربية لأسباب أو أخرى.
شركاء في نجاح التجربة الديمقراطية
ويرى الكاتب أن نجاح التجربة الديمقراطية في تونس تحديدا مرتبط أشد الإرتباط بمشاركة فعالة وناجعة للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية الوسطية التي بإمكانها المساهمة في تصحيح "العلاقة المعيارية ما بين الدين والسياسة، أي الدين والديمقراطية، وإطارها العلماني، الذي من دونه لن تكون ديمقراطية حقيقية.
ويبرر الكاتب فكرته تلك بالإعتماد على عدة عوامل منها العوامل التاريخية التي تتعلق بطبيعة الحركة الإصلاحية التونسية الحديثة وعلاقة الحركة التحررية التونسية بالدين أثناء الحكم الإستعماري وصولا لمكتسبات الدولة الوطنية الدولة... غير أن ذلك مرتبط، حسب رأي الكاتب، أشد الإرتباط بضرورة تجديد خطاب الأحزاب ذات "المرجعية الإسلامية" لخطابها وأن تَتَحوّل الديمقراطية، قيما ومبادئ وممارسة، لديها إلى قناعة راسخة وخيار استراتيجي وليس وظيفيا لمرحلة عابرة... كما يتطلب الأمر من الأطراف الأخرى أيضا التكيّف بدورها والقيام بمراجعة عميقة لبعض من أفكارها وسلوكها السياسي قبل الثورة ومن بعدها وفهم الواقع بمختلف أبعاده حتى تتمكن من تغييره نحو الأفضل...
الثعالبي كان سلفيا مستنيرا
تضمن الكتاب قسمين: خصص القسم الأول (ظاهرة الدين والسياسة في تونس) عرض وحلل، (في المدخل العام لهذا القسم) للعلاقة بين الدين والسياسة في تونس، واهتم الفصل الأول بحضور الدين في الفضاء العام وفي الفصلين الثاني والثالث عرض لأهم مظاهر الحضور الشعبي للإسلام في تونس وحدوده. أبرز وناقش حدود التحولات الفكرية والسياسية التي عرفها حزب النهضة ما بعد الثورة..
وفي القسم الثاني من الكتاب الذي كان بعنوان: "قضايا الدين والسياسة في الفضاء المغاربي"، عالج المؤلف مسالة السلفية المستنيرة في المغرب العربي معتبرا الشيخ عبد العزيز الثعالبي أحد أبرز رواد هذا الإتجاه الفكري والسياسي الذي عرفته المنطقة زمن الإحتلال، كما اهتم الفصل الثاني بتحديد مفهومها ومظاهر تطورها، ورصد الكاتب وحلل أفكار ومواقف السلفية المدرسية (العلمية) في الفضاء المغاربي غير العنيفة، ونظرة بعض الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية. أما الفصل الثالث فعالج الكاتب فيه مستقبل الإتحاد المغاربي في ظل حكم الإسلام السياسي واهتم الفصل الرابع بتطور حركة الإخوان المسلمين في ليبيا وعالج الكاتب في الفصل الخامس انتشار الإسلام السياسي بتعبيراته الإخوانية المفترضة...
وبشكل عام عرض الكاتب وناقش إشكاليات وقضايا راهنة تهم علاقة الدين بالسياسة بعد الإنتفاضات الشعبية وما أفرزته من تحولات سياسية في إطار الإنتقال الديمقراطي التي عرفتها منطقة المغرب العربي بمنهجية علمية موضوعية بعيدة عن أي خلفية أيديولوجية أو توظيف سياسي وبرؤية نقدية.