بعد دعوة القيادي بجماعة الإخوان المسلمين الدكتور جمال حشمت، لتوحيد المعارضة تحت قيادة ثورية واحدة؛ يثار التساؤل حول أسباب فشل المعارضين المصريين بالاتفاق حول شخصية قيادية يلتف حولها الجميع.
وفي تصريحات لـ"عربي21"، دعا حشمت، لإعلان قيادة موحدة للثورة بالخارج، لمخاطبة العالم باسم الثورة المصرية، مشددا على ضرورة وجود رأس للإدارة والتنسيق بين جميع القوى الثورية، بصورة أشخاص أو هيئات.
وفي تعليقه على أسباب فشل المعارضة باختيار قيادة ثورية، يراها الكاتب الصحفي جمال الجمل، في "غياب رؤية العمل المشترك، والإيمان بقيمة الاعتصام على مبادئ الحق ومصلحة الناس"، داعيا بحديثه لـ"عربي21"، أن "تتطهر القلوب وتتوحد الصفوف"، مؤكدا أنه "لا نجاة لشعب منقسم".
هنا الأزمة.. وهذا الحل
ويرى الكاتب الصحفي، سليم عزوز، أن هناك عدة اعتبارات تحول دون ذلك، مشيرا إلى أن "اختيار قيادة من الداخل سيمكن النظام من التخلص منه سريعا، سواء بالاعتقال، أو بحبس غير محدد المدة"، موضحا أن "المعارضة تعلم ذلك؛ ولهذا لا يوجد أحد يذهب برجليه لتهلكة محققة".
المعارض المصري بالخارج، أضاف لـ"عربي21"، أن "اختيار شخصية من الخارج أمر مرفوض داخليا؛ لأن نظام السادات نجح بشيطنة المعارضة الخارجية وباعتبارها تعمل ضد الدولة"، مبينا أنه "وللأسف فإن المعارضة الآن تساهم - بدون تفكير منها - بعملية الشيطنة؛ باعتبار أن الوطنية تلزم بالمعارضة من الداخل حتى وإن كانوا هم أنفسهم لا يأمنون على أرواحهم".
وأشار عزوز، لوجود "شرخ بين قوى الثورة ساهم كل فريق منه بنصيب"، موضحا أنه "وبالتالي فإن فكرة الإجماع على شخصية قبل تصفية ما بالنفوس عمل صعب ويحتاج لجهد لم يبذل ولا نية لبذله".
ووصف الوضع الحالي للمعارضة بقوله إن "القوى المدنية لديها حساسية من عودة الاصطفاف مع التيارات الدينية، لأنها تدرك أن هذه التيارات قد تتمسكن لتتمكن، وتجيد لعبة الانتخابات ولا تجيد غيرها؛ ومن هنا تكون هذه القوى قد ساهمت - بالتوافق - بحمل الإسلاميين للسلطة مع استبعاد نفسها من المشهد".
ومن جانب آخر يرى الكاتب الصحفي، أن "الإخوان المسلمين لن يوافقوا البتة على أي خيار من غيرهم، وهم يريدون التوافق للإطاحة بالنظام الحالي دون أن يسموا زعيما، وعند تسمية الزعيم سيرفعون قميص عثمان؛ وهو عودة الرئيس الشرعي ولو لمرحلة مؤقتة، وهو ما ترفضه القوى المدنية ولو لبعض ساعات".
اقرأ أيضا: فهمي: خطط استئصال الإخوان لم تفلح ومراجعاتنا مستمرة
وأكد عزوز، أن "المصريين ليس لهم بالعمل الجماعي، فحتى أصحاب الفكر والتنظيم الواحد يختلفون وينشقون؛ والإخوان لم يستطيعوا رأب الصدع داخلهم، فكيف نطلب لهم أن يصطفوا مع الآخرين".
وأردف: "الحل في زعيم يتسيد وليس بشخص يتخلق مثل تجربة الشيخ حازم أبو إسماعيل، شخصية تملك من المهارات ما ليس لغيرها فتجمع الناس، لكن عملية تخليق زعامة هذه صعبة"، مضيفا: "وقد يكون الأسلوب الأمثل أن يلتف الناس حول مرشح بقادم الأيام يعلن الجميع دعمه وليس اتفاقا على أحد يتم الدفع به للترشح لأن كل فريق عنده مرشحه الذي لا يقبل بغيره".
لهذا فشلت
ويعتقد الكاتب والمفكر عزت النمر، أن "نخبة رافضي الانقلاب فشلت ببناء هوية واضحة ومحددة لها، فلا هي تبنت الخيار الثوري وقدمت مشروعا ثوريا قادر على المواجهة وإثبات وجودة بالميدان، ولا هي امتلكت زمام مشروع سياسي قادر على مخاطبة الداخل أو الخارج".
النمر، قال لـ"عربي21"، إن "الفشل بأداء نخبة رفض الانقلاب عموما؛ أعزوه لأمرين أولهما: أن القوى التي تملك الحشد وتستطيع تجييش الشارع ولديها قيادات مؤثرة بالداخل ربما تعاني ضعف الرغبة أو غياب الإرادة الثورية والتردد تخوفا من تبعة جراءة ربما لا تملكها القيادة الحالية"، موضحا أن "الأمر الآخر يتلخص بانتفاخ غير مبرر تتولى كبره رموز وأسماء سياسية أكاديمية تسعى من خلاله للاشتراط على المستقبل وممارسة نوع من الإقصاء للغير والوصاية على الشعب".
وكشف المحلل السياسي، عن حقيقة أخرى تساهم بمشهد الفشل وهي "وجود بعض الرموز تورط بعضها بالدماء وشارك بعضها بالانقلاب نفسه"، معتقدا أن "هذا الخلط فتح الباب لأجندات مختلفة بعضها يكره الانقلاب ويحارب الاستبداد وربما البعض الآخر يؤدي دوره داخل منظومة النخبة دعما وحماية للإنقلاب نفسه".
اقرأ أيضا: لماذا تجاهلت الحركة المدنية بمصر آلاف المعتقلين الإسلاميين؟
وقال الناشط بمجال حقوق الإنسان: "أؤيد طرح الدكتور حشمت، وأعتبره صورة لنضج النخبة وبداية جادة بهذا الاتجاه؛ وأرى الحل أن يتوافق الجميع على أرضية واحدة وهي احترام إرادة الشعب، وتحت هذه المظلة يمكن الدعوة لحكومة ثورية تمثل الشعب وتتحدث باسم الثورة وتعد رؤية كاملة وبرنامج واضح للثورة ولما بعد سقوط الإنقلاب، وتحسن مخاطبة المصري بهمومه وحاجياته وتعمل تحت مرجعية احترام إرادته وخياراته".
وشدد النمر، على أن "الترشح للحكومة وأي قيادة بالمرحلة الحالية يجب أن يكون بلا أجندة شخصية أو متطلعة للمناصب على حساب الشعب وثورته المكلومة، وطبيعي ألا تكون ممن شارك بقليل أو كثير بالدماء أو الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب".
الأهداف مختلفة
من جانبه، يعتقد الناشط السياسي محمد نبيل أن "المشكلة ليست بوجود قيادة من عدمه، ولكن ماذا ستقوده تلك القيادة، متسائلا: "أين المشروع الذي ستعمل عليه؟".
نبيل، أشار لـ"عربي21"، إلى عدم التوافق بين قوى المعارضة واختلاف أولوية كل منها، قائلا إن "التيار المدني اختار منذ فترة معركته عبر محورين، أولهما: الفشل الإقتصادي وأثره على المصريين، وثانيهما: معركة حقوق الإنسان ووقف الإنتهاكات ضد المعارضين (بما فيهم الإخوان المسلمين)".
وأكد أن "الإخوان المسلمين أيضا اختاروا معركتهم بالدفاع عن شرعية الدكتور مرسي، ويتهمون أية مجموعة أو أشخاص لا تقبل هذا بالمنافقين وشركاء الدم مع السيسي".
هكذا برر وزير أوقاف مصر "رغبات السيسي".. هل يجدي البكاء؟
السيسي يعد رئيس وزراء إيطاليا بمحاكمة قتلة ريجيني
خاشقجي: هذا ما جناه العرب والعالم بسبب "كراهية الإخوان"