في 31 يوليو/ تموز الماضي، استقبل فريق من المتطوعين في مجال الهجرة عدة مكالمات عبر خط هاتفي مسجل في فرنسا، أطلقوا عليه اسم "هاتف الإنذار".
على الطرف الآخر من الخط كان عدد من المهاجرين غير النظاميين التائهين بين أمواج المتوسط المتلاطمة يطلبون النجدة.
كان المهاجرون على متن ستة قوارب أبحرت من السواحل المغربية في اتجاه السواحل الجنوبية الإسبانية، لكن -وكما في الكثير من المرات- هبت رياح المتوسط بما لا تشتهي قواربهم وأنفسهم الحالمة بالوصول إلى شواطئ الأحلام الأوروبية.
في تلك اللحظات تحرك هاتف النشطاء الذين أطلقوا مبادرتهم منذ أربع سنوات تقريبا، في اتجاهات أخرى، عبر إبلاغ خفر السواحل في عدد من الدول، ليتم في النهاية تحديد أماكن خمسة قوارب وتتدخل قوات خفر السواحل الإسبانية والمغربية لإنقاذها وتجنيب المهاجرين على متنها المصير الأسوأ.
كانت مبادرة "هاتف الإنذار" في البداية مجرد فكرة، تبلورت بين عدد من نشطاء المجتمع المدني العاملين في مجال الهجرة، من ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وغيرها من الدول الأوروبية إضافة إلى المغرب والدول التي ينحدر منها المهاجرون.
ويقول حسن عماري، وهو ناشط مغربي ضمن فريق "هاتف الإنذار"، إن بداية بلورة الفكرة لتصبح حقيقة كانت في المنتدى الاجتماعي الذي نظم في تونس سنة 2013 لتخرج الفكرة إلى حيز التنفيذ في العام التالي.
إنذار وليس إنقاذا
"يرجى العلم، هذا الرقم ليس رقم خدمة إنقاذ، لكنه رقم إنذار يهدف إلى دعم عمليات الإنقاذ التي تجرى في البحر المتوسط"، بهذه العبارات يعرّف النشطاء المنتمين لهذه الشبكة الدولية على أنفسهم.
ويستعرض النشطاء على منصاتهم الإلكترونية، المهام التي يقوم بها الفريق المشكل لهذه الشبكة، التي تتمحور أساسا حول إنذار السلطات في عين المكان الذي ورد منه نداء الإنقاذ لتتحرك في اتجاه إنقاذ المهاجرين الذين يواجهون المخاطر في المتوسط.
ينصح النشطاء، المهاجرين بضرورة الاتصال بهم حال تعرضوا لأية مخاطر في عرض البحر، عبر الرقم الذي يجب أن يكون بحوزتهم قبل ركوب الأمواج، وهو 0033486517161.
بفضل نظام المداومة يمكن للمهاجرين الذين يواجهون المخاطر في المتوسط، الاتصال بفريق "هاتف الإنذار" في أي وقت من اليوم وطوال أيام الأسبوع، ويمكن التحدث مع الفريق باللغتين الإنجليزية والفرنسية اللغتين المعتمدتين لدى النشطاء، لكن إذا ما اقتضت الضرورة فإن الفريق يوفر مترجمين لترجمة المكالمات الواردة لهم بلغات أخرى كالعربية مثلا.
نصائح وأرقام
ولأن الاتصال من عرض البحر بـ"هاتف الإنذار"، يكون في الكثير من الأحيان مهمة صعبة من الناحية التقنية، بالنظر إلى نوعية الشبكة والتغطية المتوفرة، فإن نشطاء المبادرة دائما ما ينصحون المهاجرين، بتوفير هواتف ذكية قادرة على تحديد الموقع والاتصال عبر الأقمار الاصطناعية.
ويساعد المهاجرون الذين يتمكنون من قراءة الإحداثيات، على تحديد موقعهم من قبل الفريق، لتسهيل عملية التواصل مع خفر السواحل في الدول المعنية.
وعند كل اتصال، يطلب الفريق من المهاجرين تحديد موقعهم، وأيضا البحث عن معالم مميزة في البحر كالجزر والسفن ومنصات البترول، إضافة إلى تحديد لون القارب ووضعه وما إذا كان الماء يتسرب إليه، وعدد الأطفال والنساء والرجال على متنه، وما إن كان بينهم من يحتاج إلى رعاية طبية.
ويؤكد حسن عماري أن الفريق بالإضافة إلى الاتصالات التي يربطها مع خفر السواحل والسلطات المعنية، يمكنه أيضا التواصل مع المنظمات الدولية التي تتوفر على قوارب إنقاذ للتدخل حال كانت سفنها قريبة من موقع تواجد المهاجرين.
ومنذ انطلاق هذه المبادرة، استقبل النشطاء أكثر من 2000 مكالمة؛ ما يعني -بحسب الناشط المغربي- إنقاذ الآلاف من المهاجرين من خطر الموت في المتوسط الذي تحول على حد تعبيره إلى مقبرة للمهاجرين.
ويتوقع عماري أن يرتفع عدد المكالمات التي تصل إلى الفريق، بالنظر إلى الحملات التي قادها أعضاؤه على المنصات الإلكترونية لتعريف المهاجرين بخدماتهم، وأيضا بسبب زيادة عدد عمليات الهجرة بواسطة القوارب، من السواحل المتوسطية الجنوبية، وبخاصة سواحل دول المنطقة المغاربية.
تدهور حرج لأوضاع اللاجئين المحتجزين في ليبيا
تقرير لمركز العودة عن خدمات الأونروا لأبناء غزة في الأردن