بشكل موسع، تناولت الصحافة الإسرائيلية، الأحد، الحديث عن جولة التصعيد الأخيرة مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، والتي توقفت بعد التوصل لاتفاق وقف التصعيد العسكري بوساطة مصرية ودولية.
"هآرتس"
وتحت عنوان: "جولة عابثة في غزة"، قالت صحيفة "هآرتس" العبرية في افتتاحيتها اليوم: "مرة أخرى يمكث الإسرائيليون في غلاف غزة في الملاجئ وفي الغرف المحصنة".
وأوضحت أن "الفكرة التكتيكية التي يتميز بها رد فعل الجيش الإسرائيلي، تعتمد على الغياب التام للسياسة أو للرؤية الإستراتيجية".
وأضافت: "إسرائيل وهي القوة الثامنة في العالم، ترفض الاعتراف بأن المواجهات في غزة ليست معركة ضد منظمة أو أطفال تعلموا كيف يعدوا طائرات ورقية حارقة، ولا يعتزمون تهديد وجودها، بل هي نتاج يأس، ضائقة، فقر مدقع وانعدام أفق
اقتصادي وسياسي"، وفق زعمها.
اقرأ أيضا: #غزة_تحت_القصف .. كيف علق النشطاء؟
وأشارت أن "التفكير الذي يقضي بأن الردع بعيد المدى، يمكنه أن يحل محل حل جذري، فقد تعرض في الأيام الأخيرة لضربة قاضية"، مضيفة: "مشكوك أن يكون تبقى في الترسانة الإسرائيلية ابتكار يمكنه أن يردع مليوني مواطن محشورين تحت إغلاق وحشي منذ أكثر من 11 عاما، تشدد مؤخرا عقب إغلاق معبر كرم أبو سالم".
وقالت: "يمكن للردع أن يساعد حين يكون لدى المواطنين أو قيادتهم ذخائر تتضرر، أما في غزة فهذه لم تتبقى، وأما الإسرائيليون في غلاف غزة، فقد فهموا بأنه مع كل جولة هجمات تقضم شرائح أخرى من إحساسهم بالأمن، فهم يشعرون جيدا ليس فقط بنتائج المواجهة بل بالقطيعة بينهم وبين حكومتهم".
وأوضحت الصحيفة، أنه "حين لا يكون لدى بنيامين نتنياهو على هذه الجبهة المشتعلة جواب حقيقي، يهرب نحو مباريات المونديال أو إلى لقاءات القمة التي يمكنه فيها أن يتباهى بلقبه السياسي"، لافتة أن "غزة تطلب جوابا سياسيا فوريا، وهي بحاجة لخطة طوارئ سريعة".
وتابعت: "هذه ليست مبادرة طيبة مطلوب من إسرائيل أن تمنحها، بل وسائل عمل ناجعة كفيلة بأن تهدئ الحدود"، مؤكدة أن "المصلحة الأمنية لإسرائيل، تستدعي تطبيقها، والهدوء في غلاف غزة منوط بها".
"يديعوت"
صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، وفي افتتاحيتها التي كتبها الخبير العسكري لديها؛ أليكس فيشمان، قالت: "نحن نشهد حربي استنزاف منفصلتين؛ حرب حماس وحرب إسرائيل".
وأوضحت أن "القاسم المشترك بينهما؛ أن إسرائيل تستخدم أحداث استنزاف حماس كذريعة لزيادة حرب الاستنزاف التي تقودها ضد البنى التحتية العسكرية لحماس في القطاع"، لافتة أن الهجوم الإسرائيلي على القطاع هو "فرصة عملياتية".
اقرأ أيضا: رغم التهدئة.. الاحتلال يقصف غزة ويجري مناورة تحاكي احتلالها
وقالت: "منذ أشهر طويلة ينكب الجيش على ما يبدو كخطة مرتبة، هدفها تآكل القوة العسكرية لحماس دون أن يضطر إلى احتلال غزة، ودفع ثمن السيطرة على القطاع"، موضحة أن "الجيش يخوض منذ أشهر حرب استنزاف ضد البنى التحتية العسكرية لحماس، ونال هذا الاستنزاف زخما منذ 30 آذار/ مارس الماضي (تاريخ انطلاق مسيرات العودة)، حين بدأت حماس حرب استنزاف عنيفة من جهتها على السياج".
وفي واقع الأمر، "وفرت حماس للجيش كل يوم ذرائع للرد على استفزازات عنيفة وعلى المس بسيادتها، فيما كانت الذروة مع البالونات الحارقة"، وفق الصحيفة التي كشفت أن الجيش تعامل في الأشهر الأخيرة "ضد أكثر من 200 هدف عسكري في القطاع".
وأكدت أنه رغم سخرية بعض المحافل الإسرائيلية ومن بينهم وزراء ونواب من القصف الإسرائيلي الذي طال "عقارات هامشية"، إلا أن الجيش "ابتلع إهانة "قصف العقارات"، التي دفعت اليوم بحماس لخسارة قدرة الإنتاج الذاتية للوسائل القتالية بعشرات في المئة، حتى أمس دمر 14 نفق هجومي"، وفق "يديعوت".
وأشارت إلى أن "التحكم المطلق من قبل إسرائيل بما يمر عبر المعابر، والتنسيق مع مصر وإغلاق البحر في وجه التهريب، خلقت وضعا تجد حماس فيه صعوبة شديدة لإدخال وسائل قتالية أو إنتاجية إلى القطاع؛ فعندما يتم تدمير مخطرة تنتج الصواريخ، لا يكون لها بديل".
ومع "ما يبدو كاستراتيجية تآكل البنى التحتية العسكرية لحماس ارتدت شكل خطة جوية متدرجة مع بنك أهداف مرتب، بدءا بالمس بالمنشآت العسكرية وبالأنفاق وفقا للفرص في ظل تقليص عدد المصابين في الجانب الفلسطيني، وحتى الهدم التام لمنظومات حرجة لحماس بهدف الوصول لحسم سريع، حتى الاستسلام التام أو احتلال القطاع".
وأشارت إلى ارتفاع وتيرة "الخطة الجوية درجة صغيرة أمس، حيث قصف 40 هدفا، وذلك مقارنة بالهجوم الجوي السابق في أيار/ مايو حين قصف 25 هدفا فقط، وهكذا مثلا دمر سلاح الجو قيادة كتيبة حماس في بيت لاهيا، بمنشآتها ومخازنها".
وقالت: "هذه إبادة لبنية تحتية عسكرية ليس لحماس في هذه اللحظة الوسائل لإعادة بنائها"، مشيرة أنه "في المرحلة الحالية لا توجد نية لهجمات جوية لإصابة رجال حماس جسديا، فهي مادة اشتعال لمواجهة شاملة"، مضيفة: "حماس تفهم بأن إسرائيل غيرت قواعد اللعب، وهي تهاجم كي تدمر ذخائرها دون أن تدفع ثمن القتال، سواء بالضحايا أم بصورتها الدولية".
ونبهت، أنه "لدى إسرائيل اليوم كل الأسباب السياسية للامتناع عن فتح جبهة عسكرية واسعة لاحتلال غزة، كما ليس لحماس - بقدر ما نعرف - المصلحة للوصول لمواجهة شاملة".