نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا لمراسلها كيم سينغوبتا، يقول فيه إن تنظيم الدولة يخرج من الظل، ويعود من جديد لساحات المعارك في سوريا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى الهجوم على الرقة، العاصمة السابقة للخلافة، وقتل جنود روس، وأسر المقاتلين المنافسين وقتلهم، لافتا إلى أن عودة الجهاديين، الذين أعلن عن هزيمتهم الكاملة، تأتي وسط تطورات متغيرة وسريعة.
وتحدث سينغوبتا مع مقاتلين سوريين وأكراد ومسؤولين غربيين وأكراد، قدموا له صورة معقدة عن المناورات التي تقوم بها الجماعات على جانبي النزاع، وتتميز بتغير التحالفات والخيانة، الأمر الذي ساعد على عودة واحدة من أكثر الجماعات الجهادية دموية.
وتذكر الصحيفة أن هناك ما بين 8 آلاف إلى 10 آلاف مقاتل تابعين لتنظيم الدولة في كل من العراق وسوريا، وهو 10 أضعاف العدد الذي بقي في العراق ضمن ما كانت تعرف بالدولة الإسلامية في العراق، عندما انسحبت القوات الأمريكية منه عام 2011، وقد استطاع التنظيم بالعدد المتوفر، تغيير صورته بعد ثلاث سنوات من السيطرة على مدن ومناطق شاسعة من العراق، والوصول إلى أبواب العاصمة العراقية بغداد.
ويلفت التقرير إلى أن زعيم التنظيم لا يزال حرا طليقا رغم ما ينشر من تقارير عن مقتله على يد الأمريكيين والروس، حيث كان آخر تقرير عن مصيره أنه أصيب في غارة جوية قام بها طيران التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على بلدة القائم قرب الحدود العراقية السورية.
وينقل الكاتب عن سامي عبدالله عبدو، الذي قاتل مع عدد من الجماعات المقاتلة، بما فيها أحرار الشام، قوله: "ظلت الدول الغربية تقول لنا إن تنظيم الدولة هزم وانتهى وقضي الأمر.. لكننا على الأرض، ونرى أن هذا ليس هو الواقع، فقد هرب الكثيرون منهم بسياراتهم وأسلحتهم، وعاد تنظيم الدولة من جديد إلى هنا، فقد تغيرت الظروف، ويستخدمون هذا كله لزيادة قوتهم".
وتنوه الصحيفة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمر بخفض الارتباط مع سوريا، بما في ذلك خفض المساعدات للمشاريع العسكرية والمدنية، لافتة إلى أن القوات الكردية، التي كانت تقاتل تنظيم الدولة بدعم من واشنطن، تقاتل القوات التركية.
ويفيد التقرير بأن هناك حالة من السخط في المناطق التي سيطر عليها حلفاء الغرب بعد خروج تنظيم الدولة؛ وذلك بسبب فرض الضرائب، والخدمة العسكرية الإجبارية، مشيرا إلى أن قوات سوريا الديمقراطية، التي يسيطر عليها الأكراد إلى جانب مقاتلين عرب، اتهمت بعدم التحرك وإنهاء جيب يسيطر عليه مقاتلون أجانب تابعون لتنظيم الدولة؛ خشية أن يخرج الغربيون ويتوقف الدعم الخارجي لهم.
ويقول سينغوبتا إنه لوحظ وجود قوي للكوماندوز الفرنسيين في سوريا لاستلام مكان القوات الأمريكية التي ترحل، حيث يقضي الفرنسيون الوقت كله في منع النزاعات القاتلة بين كتائب المعارضة، مرجحا أن يزداد النزاع مع وصول الدعم المالي من السعودية والإمارات للمساهمة في إعادة إعمار المناطق المدمرة.
وتبين الصحيفة أن هناك خلافات وانقسامات بين داعمي بشار الأسد الخارجيين، حيث يقوم الإيرانيون بسحب بعض قواتهم بضغوط من الروس، وتريد موسكو حل واحدة من أكبر الجماعات المسلحة الموالية للأسد، بما فيها الجناح المسلح لجمعية البستان، التي أنشأها ابن خال الرئيس رامي مخلوف.
وبحسب التقرير، فإن هذه المليشيات ترفض التغيير، بالإضافة إلى عدد من المؤسسات الأمنية الأخرى، التي طلب منها الروس تخفيف حملات القمع والاعتقالات، التي أدت إلى حالة من الحنق بين السكان، وساعدت على تغذية المعارضة.
ويشير الكاتب إلى أن الروس عانوا من خسائر تكبدوها على يد تنظيم الدولة العائد بقوة، حيث قتل أربعة وجرح خمسة أثناء هجوم على بلدة الميادين في محافظة دير الزور الغنية بالنفط الشهر الماضي، بينما قتل في الهجوم حوالي 40 جهاديا.
وتنقل الصحيفة عن مسؤول غربي، قوله: "استخدم تنظيم الدولة العربات التي حصل عليها كلها، وخاض معركة استمرت ساعة، وحقيقة استعدادهم للتضحية بهذا العدد من المقاتلين في مواجهة واحدة تعني أنهم لا يعانون من نقص في الأعداد".
ويكشف التقرير عن أن التنظيم أعدم في الأسابيع الماضية أعدادا من عناصر هيئة تحرير الشام قرب بلدة سلقين في محافظة إدلب، وقتل آخرين من خلال زرع المتفجرات البدائية على الطرقات، ولوحظت زيادة في الهجمات التي نفذها تنظيم الدولة على منطقة الشامية البيضاء غربي نهر الفرات، بالإضافة إلى حضور بارز لقواته في حوض اليرموك ودير الزور.
ويلفت سينغوبتا إلى الاعتقاد بأن انهيار الاتفاق بين هيئة تحرير الشام وتنظيم الدولة كان وراء الزيادة في العنف، حيث تزعم هيئة تحرير الشام أنها اكتشفت "خلايا نائمة" لزرع قنابل بدائية، وأنها قتلت 50 منهم، ورد التنظيم بقتل عناصر الهيئة الذين أسرهم.
وتورد الصحيفة نقلا عن مقاتل، قوله إن واحدا من أسباب المواجهة هو أن زعيم هيئة تحرير الشام أبا محمد الجولاني يريد إظهار أنه يقوم بمواجهة تنظيم الدولة للحصول على دعم من دول الخليج، وشطب حركته من قائمة الجماعات الإرهابية، التي تعدها وزارة الخارجية الأمريكية.
ويكشف التقرير عن أن عددا من المقاتلين الأجانب القادمين من الدول الإسكندنافية فروا من السجن، ووجدوا ملجأ في الكتيبة المعروفة باسم "جيش خالد بن الوليد"، حيث تقوم هذه المجموعة بتدريب حوالي 100 مقاتل على المواجهة في المناطق الريفية الجديدة التي تدخلها.
ويستدرك الكاتب بأن عودة التنظيم إلى الرقة "العاصمة" السابقة، التي أدى سقوطها إلى نهايته، يعطي صورة أن سقوط التنظيم كان رمزيا.
وتذكر الصحيفة أن حوالي 20 من عناصر قوات سوريا الديمقراطية قتلوا في سلسلة من الهجمات في الرقة والقرى المحيطة بها، مثل حمام التركمان والرصافة، ونفذ بعض هذه العمليات عناصر في الخلايا النائمة التي دخلت المدينة على مدى أشهر.
ويورد التقرير نقلا عن عصام، الذي هرب إلى الحدود التركية، وكان قد ترك الرقة بعد سيطرة تنظيم الدولة عليها، وعاد بعد استعادتها، قوله: "كان علي المغادرة مرة أخرى؛ لأن الوضع يزداد سوءا.. وتجبر قوات سوريا الديمقراطية الناس على الانضمام إليها، ويقولون إن هذا واجبنا، لكن هذا استخدام للقوة، ولا أريد الانضمام".
ويضيف طالب الهندسة السابق: "هناك غضب شديد بسبب الضريبة، ويقوم الناس بدفع الرشاوى للمسؤولين، وهناك مناوشات بين قوات سوريا الديمقراطية وكتيبة ثوار الرقة، وعاد تنظيم الدولة سرا إليها، وهم خطيرون، وهناك من يقول إن الحياة كانت أفضل في ظلهم، وهذا أمر سخيف، لكن الحقيقة هي أن الناس غير راضين".
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن هناك أدلة على حملة يخطط لها التنظيم في البوكمال والبيضاء، حيث حدثت مواجهات مع مليشيات تدعمها إيران، ويتهم الإيرانيون ودمشق القوات التي تدعمها الولايات المتحدة التي سمحت لتنظيم الدولة بالمرور، بالهجوم على هذه المليشيات.
هل اقتربت المواجهة بين نظام الأسد وقوات سوريا الديمقراطية؟
نيوزويك: من هنا ستبدأ الحروب القادمة في الشرق الأوسط
عمليات تبادل سرية للأسرى بين "قسد" وتنظيم الدولة بسوريا