أيدت واشنطن سياسة
الجزائر بملف محاربة ظاهرة
الاتجار بالبشر، مبدية
رضاها إزاء تعاونها مع الولايات المتحدة الأمريكية بهذا الخصوص، وذلك بعد ثلاثة
أيام من إدانة الوكالة الأمريكية، لسياسة الجزائر حيال
الهجرة غير الشرعية وملف الاتجار البشر.
وقال مصدر دبلوماسي أمريكي، يشتغل على ملف
الاتجار بالبشر، بالجزائر، الأحد " إن الجزائر تتعاون بشكل جيد مع واشنطن
بملف محاربة الاتجار بالبشر"، وقال بعكس ملاحظات دول الإتحاد الأوروبي إن
" الولايات المتحدة الأمريكية ترى أنه من حق الجزائر مراقبة حدودها من ظاهرة
الهجرة غير الشرعية".
وكان الدبلوماسي الأمريكي، يتحدث إلى صحفيين
جزائريين، طالبا عدم ذكر اسمه، في نقاش حول التقرير السنوي لكتابة الدولة للخارجية
الأمريكية، الذي صدر الأربعاء الفارط، وأشاد التقرير بدور الجزائر في محاربة ظاهرة
الاتجار بالبشر، التي تفشت، بحسب تقارير، مع تنامي الهجرة غير الشرعية على حدود
الجزائر مع مالي و النيجر.
وأفاد الدبلوماسي الأمريكي أن حكومته
" تفتخر للمستوى الذي بلغته علاقات التعاون الثنائية في موضوع الاتجار
بالبشر".
ويغطي التقرير الصادر عن كتابة الدولة
للخارجية الأمريكية، الصادر يوم 28 حزيران/
يونيو المنقضي، الفترة بين نيسان/ أبريل 2017 و آذار/ مارس 2018، وأجريت خلالها
أربعة تحقيقات فيما يخص حالات متاجرة
بالبشر بالجزائر، ولاحظ الدبلوماسي الأمريكي أن الجزائر "رفعت في هذه الفترة من درجة محاربة الظاهرة".
تقرير إيجابي لأول مرة
ولأول مرة منذ ظهور أزمة المهاجرين غير
الشرعيين على الحدود الجنوبية للجزائر، قبل خمس سنوات، يصدر عن الخارجية الأمريكية
تقرير "إيجابي" بشأن ملف الاتجار البشر في الجزائر.
وأوضح التقرير الأمريكي، بأن الجزائر، بلد عبور
ووجهة للمهاجرين غير الشرعيين القادمين أساسا من دول إفريقيا الواقعة جنوب الصحراء،
وأن العديد من المهاجرين الذين لا يتمكنون من الالتحاق بأوروبا يبقون في الجزائر.
وسجَل التقرير بأن الجزائر "واصلت جهودها
في 2017 لحماية المهاجرين مع تحديد هوية 33 ضحية اتجار بالأشخاص، 19 رجلا و14 امرأة ، مقابل 65 ضحية محتملة محددة
في 2016".
ويعتقد هواري بلوناس، الحقوقي الجزائري،
المختص بشؤون الهجرة أن " الأمريكيين لم يكونو على إطلاع كاف بحيثيات الملف،
خلال السنوات الماضية، إذ كانوا يعتقدون أن المهاجرين الأفارقة من مالي و النيجر
وبوركينافاسو الذين يتخذون من مدن صحراوية جزائرية مناطق عبور، يتم استغلالهم من
طرف شبكات جزائرية للاتجار بالبشر، بينما الحقيقة أن شبكات منهم، هي من تقوم بذلك،
وقد حاكمت السلطات الجزائرية عددا من أفراد عصابات تتخذ من المهاجرين السريين
رقا".
وقال بلوناس لـ"
عربي21"،إنه
" من أكثر الأشخاص المعرَضين للإساءة وممارسات شبيهة بالعبودية، المهاجرون
غير الشرعيين ممن يتم تشغيلهم في أعمال منزلية من طرف الأشخاص، من دون التصريح بهم
لدى الأجهزة المتخصصة".
وتابع بلوناس "ممارسات كهذه قد لا
يمكن للحكومة أن ترصدها، وبالتالي قد توجد حالات متاجرة بالبشر، ونماذج رقَ
وعبودية، ولكن لا تعلم بها الحكومة ولا الجهة الأمريكية المهتمة بهذه القضية".
وقال الدبلوماسي الأمريكي لصحفيين
الجزائريين بهذا الخصوص:"قبل سنوات أصدرنا توصيات مرفقة بالتقرير السنوي،
تناولت حالات متاجرة بالبشر، فتم أخذها بعين الاعتبار من طرف الحكومة الجزائرية،
وتعرض المتورطون فيها للمتابعة القضائية". وأضاف " نعتقد أن القضاة
بالمحاكم جادَون في ملاحقة الضالعين في هذه الظاهرة".
مطلب أوروبي و رفض جزائري
وتربط التقارير الأمريكية والأوروبية، ملف
الاتجار بالبشر بالمهاجرين غيرالشرعيين الذين يتخذون من الجزائر بلد عبور نحو
أوروبا، ورفضت الجزائر مطلبا أوروبيا عبرت عنه الحكومة الإسبانية يقضي بتخصيص
مراكز إيواء للمهاجرين الأفارقة على أراضيها لمنعهم من التدفق نحو أوروبا.
وزار وفد من وزارة الداخلية الإسبانية الجزائر
أواخر شهر حزيران/ يونيو، المنقضي، وأبلغ المسؤولين الجزائريين، المطلب الأوروبي
بتشييد مراكز بالجزائر لكبح تدفق المهاجرين غير الشرعيين.
ودافع محمد ذويبي، أمين عام حركة النهضة،
المعارضة بالجزائر، عن سياسة بلاده حول الهجرة السرية وملف الاتجار بالبشر، وقال
لـ"
عربي21": "أشجب أية دعوة لإقامة مخيمات، قد تتطور إلى مواقع توطين
طويلة المدى في الجزائر للاجئين الأفارقة، ونتحفظ بقوة على أي طرح يبديه الاتحاد الأوربي
لنقل المشكلة إلى الجزائر وتحويلها إلى خط مواجهة أول ضد هؤلاء المغلوبين على أمرهم".
وقال وزير الخارجية الجزائري عبد القادر
مساهل، على هامش مؤتمر دولي حول محاربة التطرف بالعاصمة الجزائر، الخميس إن "الجزائر
ترفض رفضا قاطعا لعب دور الدركي في شمال إفريقيا عبر تشييد مراكز لحشد المهاجرين
السريين، ونحن كما أوروبا نعاني نفس المشكل".
وأدانت الجزائر محتوى تحقيق نشرته الثلاثاء
الفارط، الوكالة الأمريكية "أسوشيتد برس"، يتهمها بارتكاب تجاوزات بحق
المهاجرين الأفارقة المرحلين إلى بلدانهم، وقال مسؤول دائرة الهجرة بوزارة
الداخلية بالجزائر إن "المعلومات الواردة بالتحقيق عارية تماما من
الصحة".
وأورد تحقيق الوكالة الأمريكية، أن "الجزائر
تخلت عن 13 ألف مهاجر في الصحراء الكبرى على مدار الـ14 شهرا الماضية، بينهم نساء حوامل
وأطفال، وأجبرتهم على المشي أحيانا تحت تهديد السلاح".