ما سر قلق ترامب من اجتماع "أوبك" غدا.. هل تنجح إيران؟

قبل ساعات قليلة من بدء اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، المقرر انعقاده غدا الجمعة في فيينا، تصاعدت التكهنات بشأن نتائج الاجتماع الذي سيحدد مصير اتفاق تخفيض الإنتاج، الذي يوجه مستويات أسعار النفط. 

وشهدت أسعار النفط، صباح اليوم الخميس، تراجعا بما يزيد على 2 بالمائة، مسجلا 72.98 دولارا للبرميل، قبل أن يتعافى ويسجل 73.34 دولارا للبرميل، وسط توقعات باتجاه أوبك لتوقيع اتفاقا جديدا يقضي بزيادة الإنتاج. 

كانت أسعار النفط ارتفعت خلال الـ 18 شهرا الماضية إلى أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات، عندما تجاوز الثمانين دولارا للبرميل الشهر الماضي، على خلفية اتفاق خفض الإنتاج، مما يرجح من احتمالات اتجاه أوبك لزيادة الإنتاج حتى لا ترتفع أسعار النفط بسرعة أكبر. 

ويحدد اجتماع أوبك غدا الجمعة سياسة إنتاج خلال الفترة المقبلة، وسط دعوات من كبار المستهلكين مثل الولايات المتحدة والصين والهند لتهدئة أسعار النفط ودعم الاقتصاد العالمي عن طريق إنتاج مزيد من الخام، وهو ما يتوافق أيضا مع رغبة كبار المنتجين مثل روسيا التي اقترحت زيادة الإنتاج 1.5 مليون برميل يوميا، والسعودية التي ترى أن العالم بحاجة إلى ما لا يقل عن مليون برميل يوميا إضافية لتفادي حدوث نقص في النصف الثاني من 2018. 

 

العديد من الدول المستهلكة للنفط قلقة بشأن احتمال نقص الامدادات

وأكدت السعودية، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية، أنها ستفعل "كل ما يلزم" لتجنب نقص امدادات النفط، ممهدة بذلك لمواجهة مع خصمها إيران خلال اجتماع أوبك غدا. 

وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان في مؤتمر للنفط في فيينا "العديد من الدول المستهلكة للنفط قلقة" بشأن احتمال نقص الامدادات مشيرا إلى أنه من المتوقع أن يزداد الطلب على النفط العالمي خلال الأشهر المقبلة. 

وفي مقابل رغبة كبار المنتجين في زيادة الإنتاج، تتمسك دول منتجة أخرى مثل فنزويلا والعراق وإيران بالإبقاء على اتفاق خفض الإنتاج، فيما تقترح نيجيريا بزيادة طفيفة في الإنتاج لا تتجاوز 300 ألف برميل إضافية يوميا. 

وفي ظل تفاوت الرغبات بين الدول الأعضاء في "أوبك"، يرجح البعض أن ينتهي اجتماع الغد بدون التوصل إلى اتفاق، كما حدث في عام 2011، والذي أدى إلى حدوث اضطرابات في أسواق النفط. 

 

اقرأ أيضا: ستة سيناريوهات محتملة لاجتماع "أوبك" المقبل.. تعرف عليها

وحول النتائج المتوقعة لاجتماع "أوبك" غدا، قال الخبير في شؤون النفط والطاقة نهاد إسماعيل، في تصريحات لـ "عربي21"، إن تصريح وزير النفط الإيراني، بيجان نمدار زنقانه، برفض أي مقترحات لزيادة الإنتاج، يمهد لتصادم في اجتماع فيينا الذي ستحضره 24 دولة تشارك حاليا في اتفاق تخفيض الإنتاج الذي دخل حيز التنفيذ بداية عام 2017، محددا الخفض بنحو 1.8 مليون برميل يوميا، على أن ينتهي الاتفاق في ديسمبر 2018. 

وأكد الخبير في شؤون النفط والطاقة أن أوبك وحلفاءها لديهم القدرة على زيادة الإنتاج إلى 1.5 مليون برميل يوميا، لافتا إلى أن هذه الزيادة ستعوض النقص في الإمدادات من فنزويلا التي تعاني اضطرابات سياسية وأعمال شغب، ومن إيران بسبب التهديدات بإعادة فرض العقوبات.  

وأضاف: "لا يمكن تجاهل الضغوط التي يمارسها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي انتقد أوبك بتغريده في مايو، لأنه قلق على ردات فعل الناخبين من صعود أسعار البنزين والديزل قبل الانتخابات النصفية. كما انتقد أوبك مرة أخرى قبل أيام علما أن العقوبات الأمريكية ساهمت في تقلص الامدادات من خلال العقوبات التي تفرضها واشنطن على فنزويلا وإيران، ما يفتح المجال أمام الدول الخليجية في أوبك لرفع إنتاجها". 

وأشار إسماعيل إلى أن نمو الاقتصاد العالمي، وتجديد العقوبات الأمريكية ضد إيران وانهيار الإنتاجين الفنزويلي والليبي، يزيد الأمور تعقيدا، ويؤكد أهمية اختيار استراتيجية حذرة لا تؤدي إلى انهيار الأسعار، لافتا إلى أن تضارب المصالح الجيوسياسية ستعرقل التوصل إلى نتيجة مقبولة لجميع الأطراف.  

وتابع: "إيران تريد أسعارا مرتفعة، وكذلك فنزويلا والعراق، لكن روسيا والسعودية تريدان أسعارا معقولة ومستقرة لا تهدد الاقتصاد العالمي، وهذه التناقضات لا تساعد في التوصل إلى استراتيجية أو خطة مقبولة من الجميع، كما أن شبح الزيت الصخري الأمريكي لا يزال مصدر تهديد لأوبك وروسيا. 

 

اقرأ أيضا: صدام متوقع بين الرياض وطهران باجتماع أوبك.. أين ستقف موسكو؟

واتهم وزير النفط الإيراني، في تصريحات سابقة له بفيينا، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمحاولة تسييس أوبك مؤكدا أن "المسؤولية الحقيقية لارتفاع أسعار النفط الحالي تقع على الرئيس الأمريكي نفسه.. لا يمكنك أن تحصل على كل شيء". 

وقال زنقانه إن العقوبات الأمريكية على إيران وفنزويلا هي التي أثارت المخاوف من نقص الإمدادات وشكلت ضغوطا على الأسعار، مضيفا: "لا يمكنك أن تفرض عقوبات تجارية أحادية على دولتين مؤسستين لأوبك هما اثنان من أكبر منتجي النفط.. وفي الوقت ذاته تتوقع ألا تحدث توترات في سوق النفط العالمي". 

وتسعى السعودية، إضافة إلى روسيا الدولة غير العضو في أوبك، جاهدة ليتوصل وزراء الطاقة في أوبك والدول الحليفة إلى اتفاق غدا لتخفيض سقف الإنتاج الذي أدى إلى ارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من الضعف منذ 2016، إلا أن الرياض التي تواجه ضغوطا من واشنطن لزيادة الإنتاج للمساعدة في خفض أسعار النفط، تواجه معارضة شديدة من طهران التي تتعرض لعقوبات جديدة عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي. 

 

اقرأ أيضا: النفط يتراجع وتوقعات باتجاه "أوبك" لزيادة الإنتاج

وقال الخبير في شؤون النفط والطاقة خلال حديثه لـ "عربي21"، إن من السيناريوهات المحتملة لنتائج اجتماع فيينا، رفع الإنتاج إلى مستويات عام 2016، بما يعني إضافة 1.8 مليون برميل يوميا على الأقل، أي التوقف عن العمل باتفاق التخفيض أو الغائه. وهذا قد يؤدي إلى هبوط في الأسعار إلى 70 دولارا أو أقل للبرميل؛ أو الاستمرار في العمل بموجب اتفاق خفض الإنتاج على نفس مستويات الإنتاج المتفق عليها سابقا، وهذا يعني بالضرورة استمرار ارتفاع الأسعار إلى 80 دولارا وما فوق للبرميل، وهو ما سيزعج إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. 

وأضاف: "ثمة احتمال ثالث: فتح المجال للدول المنتجة أن تنتج من النفط وفق طاقة كل بلد، بما يعني ضمنًا التخلي عن اتفاق الخفض وإنتاج أكبر كمية ممكنة، وهذا يضمن هبوط الأسعار إلى مستويات لا تقبلها أوبك ولا روسيا". 

وأردف: "لكن السيناريوهات الأكثر واقعية تتمثل في الموافقة على زيادات إنتاجية بنحو 500 ألف إلى 800 ألف برميل يوميًا، وهذا كفيل بتغطية العجز الناتج عن خسارة الانتاج الفنزويلي، ولا يؤدي إلى إغراق السوق".